السعودية ماضية في إصلاح المنظومة التعليمية: إدماج المواد الإسلامية وتقليص حصص تدريسها

وزارة التعليم السعودية تقر اعتماد تدريس مادة المعرفة المالية في السنة الأولى المشتركة في نظام المسارات للمرحلة الثانوية.
الخميس 2022/08/25
تحديث العملية التعليمية بما يتوافق وروح العصر

الرياض - تضع الحكومة السعودية في سلم أولوياتها تطوير المنظومة التعليمية، التي يرى الكثيرون أنها تتضمن العديد من الشوائب لاسيما على مستوى المناهج، ما أثر على مدى عقود في فكر الناشئة وأدى إلى بروز نزعة تميل إلى التطرف والتشدد.

وتتبنى الحكومة، ممثلة في وزارة التعليم، سياسة متدرجة في عملية التطوير والتحديث، فكانت قد عمدت في البداية إلى التخفيف من النصوص الدينية التي تعد تحريضية، ومنها تلك التي تهاجم اليهود والنصارى، لتوسع خطواتها بدمج المواد الإسلامية، والتقليص من حصص تدريسها.

ووفق الدليل الجديد لوزارة التعليم السعودية، فقد تم دمج مواد الدراسات الإسلامية مع مادة القرآن الكريم في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة تحت مسمى مادة واحدة “القرآن الكريم والدراسات الإسلامية”.

وكانت الدراسات الإسلامية موزعة على ست مواد، وتضم “القرآن، والتجويد، والتوحيد، والفقه، والحديث، والتفسير”، قبل أن يجري دمجها في العام 2021 في مادة واحدة.

وقررت الوزارة ضمن الدليل الجديد تقليص مجموع حصص المادة من 34 حصة في المرحلة المتوسطة إلى 15 حصة أسبوعية، وكذلك تقليص عدد حصصها في المرحلة الابتدائية من 38 حصة إلى 30 حصة أسبوعية.

حصر الهدف من مراجعة العملية التعليمية، في السعي لتغيير نظرة الغرب تجاه المملكة، ينطوي على مغالطة

كما أقرت اعتماد تدريس مادة المعرفة المالية في السنة الأولى المشتركة في نظام المسارات للمرحلة الثانوية، في حين لم يطرأ تغيير كبير سوى على بعض الحصص الدراسية الأسبوعية، حيث تمت زيادتها في بعض المواد المتعلقة بتدريس اللغة الإنجليزية، والمواد ذات الصبغة العلمية مثل الرياضيات، والعلوم.

وأثارت هذه التعديلات جدلا واسعا بين أتباع التيار الإسلامي الذين عدوا الخطوة استهدافا جديدا للشريعة الإسلامية، وأنصار التيار الليبرالي الذين اعتبروا أن هذه التعديلات، خطوة مهمة في سياق تحديث المنظومة التعليمية.

ويتواكب مسار تحديث التعليم في المملكة مع الطرح الإصلاحي لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود، الذي يريد أن يقطع مع نظرة سائدة تصنف المملكة على أنها دولة متشددة دينيا وأنها منبع الفكر المتطرف.

ويدرك ولي العهد السعودي أن مراجعة المنظومة التعليمية هو المدخل الأساسي، لأي إصلاح تبتغي المملكة تحقيقه ضمن رؤية 2030، ويرى أن المنظومة الحالية القائمة متأثرة بأفكار دخيلة لجماعات متطرفة، وبالتالي يجب تنقية المناهج منها.

وسبق وأن حمل الأمير محمد جماعة الإخوان المسلمين المسؤولية عن وضع مناهج متطرفة أثرت على فكر الأجيال المتعاقبة، وقال في حوار صحافي في العام 2018 “إن المدارس السعودية تعرضت لغزو من عناصر جماعة الإخوان المسلمين، وما زال البعض منهم موجوداً، لكن، في القريب العاجل سيقضى عليهم نهائياً”. وأوضح “أنّ النظام التعليمي المتشدد يعود إلى التيارات الإسلامية التي اختطفت الدولة وأنه سيعدّل قريباً”.

واستلهمت مناهج التعليم السعودية أفكارها في البداية من المدرسة السلفية الوهابية وذلك في الخمسينات من القرن الماضي، على يد الملك الأسبق وأول وزير للتعليم في المملكة فهد بن عبدالعزيز آل سعود، وعبدالعزيز آل الشيخ، وحسن آل الشيخ (وهما حفيدا محمد بن عبدالوهاب)، قبل دخول جماعة الإخوان المسلمين إلى البلاد، حيث اخترقت عناصرها المدارس السعودية وأقحمت عليها مراجع لا تخلو من تشدد.

وشكلت مناهج التعليم في المملكة على مدار سنوات عديدة مثار قلق المنظمات الحقوقية والقوى الغربية، وتفجرت الانتقادات في وجه المملكة بسبب هذه المناهج بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر في العام 2001، حينما ثبت تورط 15 سعوديا في ذلك الهجوم.

ويرى سعوديون أن حصر الهدف من عملية المراجعة الجارية في المنظومة التعليمية، في السعي لتغيير نظرة الغرب تجاه المملكة، وهو ما يروج له أتباع التيار الإسلامي، ينطوي على الكثير من التعسف، ذلك أن المراجعة التي تسير على قدم وساق تشمل مختلف مناحي العملية التعليمية، وتستهدف تأهيل الناشئة، وإكسابها مهارات معرفية تتوافق مع روح العصر.

وأشاد الكاتب السعودي تركي الحمد بالتعديلات الجديدة التي أقرتها وزارة التعليم بشأن المواد الإسلامية قائلا “‏‎قرار سليم.. لا يحتاج المسلم العادي في حياته إلا إلى معرفة كيف يؤدي الشعائر، وما تيسّر من القرآن الكريم لتأدية الصلاة، وما عدا ذلك إضافات لا داعي لها، إلا لمن أراد التخصّص في علوم الشرع”.

3