السعودية توسع نطاق استثماراتها في تطوير الرياضة

وسعت السعودية من محفظة استثماراتها من خلال تركيز أنظارها على الرياضة بشكل أكبر لتكون مساهما في تنمية الاقتصاد لتعزز بذلك إستراتيجية التنويع، التي يشرف عليها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بشكل مباشر، في العديد من المجالات الواعدة.
الرياض - اكتسبت الرياضة في السعودية زخما كبيرا في ظل اهتمام الحكومة بتنويع محفظة أعمالها، التي يديرها صندوقها السيادي، من خلال توسيع الاستثمار في القطاع بعد أن قطعت شوطا مهما لتطويره منذ إعلان إستراتيجية التحول في 2016.
وبات القطاع، الذي ظل بعيدا لسنوات عن دائرة اهتمامات الحكومات المتعاقبة، من ضمن المجالات التي من الممكن تحقيق أقصى حدود الاستفادة منها.
وفي ترجمة لطموحاتها لجعل الرياضة أحد القطاعات الإستراتيجية بحلول نهاية العقد الحالي، أطلق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الاثنين مشروع الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية بعد اكتمال الإجراءات التنفيذية للمرحلة الأولى.
ويأتي ذلك تحقيقا لمستهدفات رؤية 2030 والهادفة إلى بناء قطاع رياضي فعال، من خلال تحفيز القطاع الخاص وتمكينه للمساهمة في تنمية هذا المجال، بما يحقق التميز المنشود للمنتخبات والأندية الرياضية والممارسين على الأصعدة كافة.
وتكشف الخطوة بوضوح أن البلد الخليجي يعي جيدا أن الرياضة بإمكانها المساهمة في دفع عجلة الاقتصاد في حال توظيف رؤوس أموال جديدة فيها، بعد مرحلة الخصخصة التي شهدتها منذ 2017 والتي حررت الحكومة من الإنفاق عليها.
ويقول خبراء إن القطاع يمتلك مقومات النجاح إذا ما تم تسييره وفق خطط إستراتيجية وتسويقية محترفة، كما أنه سيُسهم بشكل كبير في زيادة الناتج المحلي الإجمالي باعتباره سيصبح صناعة تحقق إيرادات كبيرة للنشاط الاقتصادي وخزينة الدولة.
وأوضحوا أن التفكير في النهوض بهذا المجال يأتي في سياق التوجه نحو تنويع مصادر الدخل، وضرورة إيجاد قطاعات بديلة للطاقة يمكن من خلالها المساهمة في نمو أكبر اقتصادات المنطقة العربية.
ويتضمن المشروع في المرحلة الحالية مسارين رئيسيين، أولهما الموافقة على استثمار شركات كبرى وجهات تطوير تنموية في أندية رياضية، مقابل نقل ملكية الأندية إليها، والثاني طرح عدد من الأندية الرياضية للتخصيص بدءا من الربع الأخير من عام 2023.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أن المشروع يقوم على ثلاثة أهداف إستراتيجية، أولها يتمثل في إيجاد فرص نوعية وبيئة جاذبة للاستثمار في القطاع الرياضي لتحقيق اقتصاد رياضي مستدام.
أما الهدف الثاني فيتمثل في رفع مستوى الاحترافية والحوكمة الإدارية والمالية في الأندية الرياضية، إضافة إلى رفع مستوى الأندية وتطوير بنيتها التحتية لتقديم أفضل الخدمات للجماهير الرياضية، مما ينعكس بشكل إيجابي على تحسين تجربة الجمهور.
وتتزايد رغبة المسؤولين بالاستثمار في هذا المجال المهم من خلال إعطاء الأولوية لرياضة كرة القدم، نظرا للشعبية الكبيرة التي تحظى بها هذه اللعبة عبر العالم.
وقال المستشار في الاستثمار والتسويق الرياضي خالد الربيعان إن الأندية المحلية “بيئة خصبة للاستثمار وبها فرص مغرية”، موضحا أن عمليات التخصيص ستسمح بجذب شركات أجنبية، والتي قد تكون غالبيتها يملك صندوق الاستثمارات العامة حصصا فيها.
ويعمل الصندوق وفق إستراتيجية تستهدف تطوير 13 قطاعا إستراتيجيا منها الرياضة، إلى جانب الترفيه والسياحة والمرافق الخدمية والطاقة المتجددة، ضمن إستراتيجية بدأها في عام 2021 وتمتد حتى العام 2025.
وأوضح الربيعان في مقابلة مع محطة “العربية” أن الاستثمارات الأجنبية في الأندية السعودية سوف تساعد على نقل الخبرات إلى الرياضة المحلية.
وذكر أن الأندية المستهدفة، وخاصة النصر والهلال والاتحاد والأهلي، بالتخصيص تعتمد على مجموعة من العناصر، تتثمل في البنية التحتية والبطولات والجمهور واللاعبين.
وانسجاما مع هذا التوجه، أعلن وزير الرياضة الأمير عبدالعزيز بن تركي أن الصندوق السيادي استحوذ على حصة بنسبة 75 في المئة في هذه الأندية الأربعة، فيما تكون النسبة المتبقية 25 في المئة للمؤسسة غير الربحية.
وفي فبراير 2022 أبرمت شركة القدية للاستثمار، أحد أذرع الصندوق السيادي، اتفاقيتي شراكة إستراتيجية مع ناديي النصر والهلال لمدة عقدين من الزمن، تمتد حتى عام 2042.
وبموجب الاتفاقيتين، ستقدم الشركة 100 مليون ريال سنويا لكل ناد (نحو 26 مليون دولار)، مع إمكانية مراجعة بنود اتفاقية الشراكة كل خمس سنوات.
2.1
مليار دولار القيمة المستهدفة لدوري كرة القدم مع عائدات تبلغ 480 مليون دولار سنويا
ومن ضمن البنود أيضا، أن يستضيف ملعب القدية حال اكتمال بنائه المقرر في العام 2026، كل مباريات الفريقين المحلية أو الدولية، وهو يتسع لأكثر من 40 ألف متفرج.
واقتفت شركة وسط جدة للتطوير التي أسسها الصندوق السيادي في عام 2019 أيضا أثر القدية للاستثمارات، وأبرمت اتفاقيتي شراكة إستراتيجية مع ناديي الاتحاد والأهلي في جدة لنفس الفترة وبنفس الامتيازات المالية.
وتتضمن الاتفاقيات العديد من الامتيازات الرياضية لهذه الأندية، مما يسهم في زيادة فرص الاستثمار الرياضي في قارة آسيا، وتحديدا في الشرق الأوسط، ويعزز مكانة القدية كعاصمة مستقبلية للترفيه والرياضة والثقافة في أكبر اقتصادات المنطقة العربية.
ويهدف مشروع نقل الأندية وتخصيصها بشكل عام إلى تحقيق قفزات نوعية بمختلف الرياضات بحلول 2030، لصناعة جيل متميز رياضيا على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
وعلاوة على ذلك تطوير لعبة كرة القدم ومنافساتها بصورة خاصة، للوصول بالدوري السعودي إلى قائمة أفضل عشرة دوريات في العالم.
وكذلك تتضمن الأهداف زيادة إيرادات رابطة الدوري السعودي للمحترفين من نحو 450 مليون ريال (120 مليون دولار) حاليا إلى أكثر من 1.8 مليار ريال (480 مليون دولار) سنويا.
وإلى جانب ذلك رفع قيمة الدوري المحلي للمحترفين من ثلاثة مليارات ريال (800 مليون دولار) إلى أكثر من ثمانية مليارات ريال (2.1 مليار دولار).
وتوزع الحكومة جهودها لتوسيع أعمال القطاع الرياضي وفق إستراتيجية طموحة تراعي ما تحقق في الداخل خلال السنوات الأخيرة من مؤهلات كبيرة مكنتها من احتضان العديد من التظاهرات العالمية، وفتحت شهيتها لدخول عالم الاستثمار الرياضي من أوسع أبوابه.
وكانت السعودية قد استحوذت في أكتوبر 2021 على نادي نيوكاسل الذي ينشط في الدوري الإنجليزي الممتاز في صفقة بقيمة 300 مليون جنيه إسترليني.