السعودية تنظم برنامج "مهارات المسرح المتقدمة"

تحاول السعودية إحياء الفن المسرحي من جديد وفق رؤى شاملة تواكب العصر وتراهن على المستقبل، ولذا بادرت بتهيئة البنية التحتية، ومن ثم توفير العناصر البشرية من مؤطرين ومواهب، لخلق حركية إنتاجية مسرحية وفق قواعد مدروسة، ودعم المواهب الشابة بشكل خاص.
الرياض- أعلنت هيئة المسرح والفنون الأدائية السعودية أخيرا عن تنظيم النسخة الثانية من برنامج “مهارات المسرح المتقدمة” في مدينتي الرياض وجدة، وهو برنامج تدريبي للمحترفين في تقنيات وأساليب المسرح المتقدمة لتطوير قدرات الممارسين والمهتمين بالمجال، حيث سيخضع المشاركون فيه إلى دورات تدريبية وورش عمل في بناء الشخصيات والمشاهد المسرحية، ومهارات الإخراج والتمثيل، ويقدمها المدربان فكتور بورك وإيدن كوندرون.
ويأتي هذا البرنامج في إطار سعي الهيئة إلى اكتشاف المواهب في مجالات المسرح والفنون الأدائية، وفق الإطار العام للإستراتيجية الوطنية للثقافة، وبالتواؤم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في تطوير القطاع الثقافي وتعزيز جودة الحياة وتحقيق المساهمة الاقتصادية الفاعلة.
برامج تدريب
ستشهد مدينة الرياض بداية البرنامج التدريبي يوم الأحد الرابع من سبتمبر ويمتد إلى يوم السبت الأول من أكتوبر، على أن ينتقل بعدها إلى مدينة جدة بداية من الثلاثاء أربعة أكتوبر حتى الاثنين الحادي والثلاثين من نفس الشهر، ويقام على فترتين صباحية ومسائية بمعدل أربع ساعات لكل فترة، مستهدفاً بذلك المهتمين بمجال المسرح من عمر 18 عاماً وأكثر، إلى جانب الممارسين الحاليين في قطاع المسرح والفنون الأدائية.
ويهدف برنامج “مهارات المسرح المتقدمة” إلى صقل مهارات المتدربين وتطوير أدواتهم المسرحية لدعم وتقوية البنية التحتية للقطاع المسرحي بالمملكة، ورفع مستوى الوعي لدى المتدربين وإتاحة مصادر تعلم مناسبة لمهاراتهم، وتمكينهم من التكامل مع بعضهم البعض طبقاً لمهاراتهم في التمثيل والإخراج، كما يسعى البرنامج إلى إثراء الحركة الإنتاجية المسرحية المحلية.
ويندرج البرنامج في إطار “مبادرة تطوير المهارات”، وهي إحدى المبادرات الإستراتيجية لهيئة المسرح والفنون الأدائية التي تهدف من خلالها إلى تعريف المجتمع بالمجالات المتخصصة والفنية في قطاع المسرح، وتعزيز قدرات الممارسين لتطوير مواهبهم، وإمدادهم ببرامج تدريب تحوي مجموعة كبيرة من تخصصات المسرح، كالتمثيل والإخراج والتصميم وإدارة المسرح وهندسة الإضاءة وهندسة الصوت والأزياء والدراماتورجيا والنقد المسرحي والكتابة المسرحية.

◙ برنامج "مهارات المسرح المتقدمة" يهدف إلى صقل مهارات المتدربين وتطوير أدواتهم المسرحية لدعم وتقوية البنية التحتية للقطاع
“أمامنا الكثير من العمل حتى نصل إلى تأسيس صناعة مسرحية عظيمة تخلد ثقافتنا، وتوثّق قصصنا وتعبّر عن همومنا وفنوننا وطموحاتنا، والكثير أيضا، لتجاوز التحديات”، هذا ما قاله حامد بن محمد فايز نائب وزير الثقافة السعودي في وقت سابق أمام نخبة من المسرحيين والفنانين والإعلاميين في المملكة التي تداركت تقصيرها في حق الفنون الدرامية، وبسوية عالية وملفتة في السنوات الأخيرة.
ومنذ تلك اللحظة وولادة هيئة المسرح والفنون الأدائية انطلقت ببرامج فعلية لتحقيق نهضة مسرحية جديدة وشاملة في السعودية، خاصة من خلال تهيئة البنية التحتية واكتشاف المواهب ودعمها.
إستراتيجية شاملة
وتعتمد الهيئة إستراتيجية شاملة لتطوير وتنمية قطاع المسرح والفنون الأدائية بكافة فروعه واتجاهاته، ودعم وتمكين المنتسبين إلى القطاع والمشتغلين فيه من فنانين وفنيين ومستثمرين، خاصة في المسارات التعليمية والتدريبية التي تهدف إلى تخريج نحو 4500 مسرحي ومسرحية، وتأهيل نحو 4200 متدرب ومتدربة.
وقال الرئيس التنفيذي للهيئة سلطان البازعي في تصريح سابق إن تصميم الإستراتيجية يستهدف النهوض بقطاع المسرح والفنون الأدائية بوصفه أحد القطاعات الثقافية الرئيسية التي اهتمت بها الإستراتيجية الثقافية الوطنية، منوها بالدعم الكبير الذي يحظى به قطاع المسرح والفنون الأدائية من وزارة الثقافة.
وأشار البازعي إلى أن المهام الرئيسية للهيئة يمكن تلخيصها في تمكين الممارسين للمسرح والفنون الأدائية عبر تهيئة البيئة التنظيمية التي تساعدهم على العمل والإبداع وتطوير قدراتهم بالتعليم والتدريب، إضافة إلى التحفيز والدعم حتى يتمكنوا من تقديم عروض تليق بذائقة الجمهور السعودي وتجعل من الإقبال على هذه العروض جزءا من العادات الثقافية الراسخة، كما تقدم الثقافة السعودية للعالم أجمع.
وصممت الهيئة إستراتيجيتها بعد دراسة مُعمّقة للواقع الراهن لقطاع المسرح والفنون الأدائية في المملكة، وإجراء الدراسات المعيارية مع تجارب دولية مختلفة، معتمدة على عدد من المصادر المعرفية تمثلت في مراجعة أكثر من 50 وثيقة، ومقابلات مع أصحاب العلاقة تفوق العشرين مقابلة مع الخبراء المحليين والدوليين، واستطلاعات الرأي التي شارك فيها 1001 فرد من مختلف شرائح المجتمع.
برنامج تدريبي للمحترفين في تقنيات وأساليب المسرح بكل تخصصاته كالتمثيل والإخراج والتصميم والإضاءة وغيرها
وخلصت الدراسات التي أجرتها الهيئة إلى حصر التحدّيات التي تواجه مشروع تطوير المسرح والفنون الأدائية، والتي ترتبط بضعف برامج تنمية المواهب وعدم توفّر البنية التحتية الأساسية وضعف التمويل، إلى جانب تواضع التطبيقات التقنية المستخدمة في النشاطات المسرحية وافتقار القطاع إلى حوكمة متقدمة تتيح له تحقيق مشاركة مجتمعية أعلى وعدم وجود أدوات لقياس مستوى تفاعل الجمهور مع المعروض، بالإضافة إلى عدم توفر تراخيص للأنشطة أو المهن والوظائف ذات العلاقة بالقطاع.
وحددت الإستراتيجية النطاق الذي يمتد إليه نشاط قطاع المسرح والفنون الأدائية، والذي يشمل كافة أنواع الفنون الأدائية مثل المسرح والرقص وعروض السيرك والكوميديا الارتجالية وعروض الشارع والعروض الحركية والأوبرا، ويتضمّن دور العرض والمحتوى المقدم والإنتاج ومدى انتشار ثقافة العروض الأدائية.
كما حددت الإستراتيجية رؤية الهيئة والمتمثلة في “عروض مُلهمة بمواهب استثنائية على كل مسرح”، إضافة إلى الرسالة التي ستعمل على ضوئها وهي “تحفيز تطور ونمو قطاع المسرح والفنون الأدائية من خلال تمكين المواهب السعودية لبناء مسيرات مهنية ناجحة وإنشاء محتوى يُلهم الجماهير”.