السعودية تمضي في خيار زيادة إنتاج النفط متحملة انخفاض الأسعار

السعودية تؤكد بهذا التوجه أنها قررت التقليص في بعض مشاريعها الكبرى وتأجيل البعض الآخر إلى وضع أفضل.
الخميس 2025/05/01
توجه يعكس قدرة السعودية على تحمل انخفاض الأسعار لفترة طويلة

لندن- قالت خمسة مصادر مطلعة إن مسؤولين سعوديين أبلغوا حلفاء وخبراء بقطاع النفط بأن المملكة غير مستعدة لدعم سوق النفط بالمزيد من تخفيضات الإنتاج، وبأنها قادرة على تحمل انخفاض الأسعار لفترة طويلة.

ويأتي قرار التخلي عن خيار تخفيض الإنتاج كردة فعل من السعودية على عدم التزام بعض دول أوبك+ بالحصص المتفق عليها داخل كارتل كبار المنتجين ضمن إستراتيجية سابقة تقوم على خفض الإنتاج للحفاظ على الأسعار في مستوى عال نسبيا يتماشى مع خطط السعودية لتنفيذ مشاريع كبرى ضمن رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتحضير السعودية لمرحلة ما بعد النفط.

ويرى مراقبون أن السعودية تظهر بهذا التوجه النفطي أنها قررت فعليا التقليص في بعض مشاريعها الكبرى وتأجيل البعض الآخر إلى وضع أفضل ترتفع فيه أسعار النفط من جديد، وهو ما يعني عدم الالتزام بشكل دقيق برؤية 2030 التي طرحها ولي العهد، وربما تجزئتها إلى مراحل والاكتفاء حاليا بالمشاريع التي ترتبط بأحداث مهمة مثل ملاعب كرة القدم وبعض المشاريع السياحية لتتلاءم مع استقبال المملكة لكأس العالم لكرة القدم في العام 2034، والذي تسعى الرياض لأن تتجاوز فيه قطر من حيث حسن التنظيم واستيعاب الجماهير.

ونقلت رويترز عن أحد المصادر قوله إن “السعودية مستعدة لانخفاض الأسعار، وقد تضطر إلى التراجع عن بعض المشروعات الكبيرة.” وفي حال قرّرت السعودية المضي في المشاريع الكبرى، فإنها ستحتاج إلى زيادة الاقتراض، حيث لا تزال أسعار النفط أقل بنحو 20 دولارا للبرميل عن المستوى المطلوب لتعديل الميزانية.

◙ التحول في السياسة السعودية يشير إلى توجه نحو إنتاج المزيد من الخام وتوسيع حصتها السوقية، وهو تغيير كبير بعد خمس سنوات قضتها في تحقيق التوازن في السوق

ووفقا لصندوق النقد الدولي تحتاج المملكة إلى أن يتجاوز سعر البرميل 90 دولارا لتحقيق التوازن في ميزانيتها. ويشير التحول المحتمل في السياسة السعودية إلى توجه نحو إنتاج المزيد من الخام وتوسيع حصتها السوقية، وهو تغيير كبير بعد خمس سنوات قضتها في تحقيق التوازن في السوق بصفتها قائدة مجموعة أوبك+ لمنتجي النفط. ودعمت تلك التخفيضات الأسعار ما عزّز إيرادات تصدير الخام التي تعتمد عليها العديد من الدول المنتجة للنفط.

وذكرت المصادر أن الرياض غاضبة من تجاوز كازاخستان والعراق حصص الإنتاج المتفق عليها في أوبك+. وتضع المجموعة تلك الحصص للحفاظ على توازن العرض والطلب في أسواق النفط. وقالت المصادر إن الرياض تغيّر مسارها بسبب خيبة أملها بعد أن حثت الدول الأعضاء خلال الأشهر القليلة الماضية على الالتزام بالحصص المتفق عليها والتعويض عن الإنتاج الزائد.

ودفعت السعودية باتجاه زيادة إنتاج أوبك+ بوتيرة أكبر من المخطط لها في مايو، وهو قرار ساهم في تراجع أسعار النفط إلى أقل من 60 دولارا للبرميل في أدنى مستوى منذ أربع سنوات. ويؤثر تراجع أسعار النفط على الدول المنتجة التي تعتمد على صادرات الخام لتمويل اقتصاداتها. ورغم أن تكلفة الإنتاج لدى دول منتجة مثل السعودية منخفضة للغاية، تحتاج تلك الدول إلى أسعار نفط أعلى لتغطية النفقات الحكومية.

وتتعرض العديد من الدول الكبيرة المنتجة للنفط إلى ضغوط لخفض ميزانياتها عندما تنخفض الأسعار. ويبدو أن السعودية أبلغت حلفاء وخبراء باستعدادها للقيام بذلك. وأفادت المصادر الخمسة بأن مسؤولين سعوديين أبلغوا حلفاءهم والمشاركين في السوق في الأسابيع القليلة الماضية أن المملكة قادرة على تحمل انخفاض الأسعار عبر زيادة الاقتراض وخفض التكاليف.

وتتعدد الأسباب المحتملة وراء التغيير الواضح في إستراتيجية السعودية بين الرد على أعضاء أوبك+ الذين يتجاوزون الحصص المتفق عليها وبين السعي للتنافس على حصة سوقية بعد التنازل عن حصص لصالح منتجين من خارج المجموعة مثل الولايات المتحدة. وارتفاع الإنتاج قد يتّفق أيضا مع رغبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي دعا أوبك إلى زيادة الإنتاج للمساعدة في إبقاء أسعار البنزين في الولايات المتحدة منخفضة. ومن المقرر أن يزور ترامب السعودية خلال مايو الحالي وقد يعرض على الرياض حزمة أسلحة واتفاقية نووية.

1