السعودية تكشف خارطة بيئية مدعومة باستثمارات تفوق 186 مليار دولار

الرياض - تعهّد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان السبت بأن تصل السعودية، أكبر مصدر في العالم للنفط، إلى صافي انبعاثات صفري بحلول 2060، وأن ترفع هدفها السنوي لخفض انبعاثات الكربون بأكثر من مثليه إلى قرابة 280 مليون طن، فيما تحاول المملكة تنويع اقتصادها.
وأعلن ولي العهد في كلمته الافتتاحية لمنتدى مبادرة السعودية الخضراء عن إطلاق الحزمة الأولى من المبادرات النوعية في المملكة لتكون خارطة طريق لحماية البيئة ومواجهة تحديات التغيّر المناخي، التي من شأنها المساهمة في تحقيق المستهدفات الطموحة لمبادرة السعودية الخضراء.
وقال ولي العهد السعودي "أعلن اليوم (السبت) عن استهداف المملكة العربية السعودية الوصول إلى الحياد الصفري في عام 2060 من خلال نهج الاقتصاد الدائري الكربوني"، كما أكد في كلمته المسجلة أمام مبادرة السعودية الخضراء المنعقدة في الرياض.
وأضاف أن هذه الحزمة الأولى من المبادرات تمثل استثمارات بقيمة تزيد عن 700 مليار ريال (186.63 مليار دولار)، مما يساهم في تنمية الاقتصاد الأخضر، وخلق فرص عمل نوعية، وتوفير فرص استثمارية ضخمة للقطاع الخاص، وفق رؤية المملكة 2030.
وتعهد بتخفيض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنويا بحلول 2030 وهو ما يمثل "تخفيضا طوعيا لأكثر من مستهدفاتنا المعلنة المقدرة بنحو 130 طنا سنويا".
وكشف عن انضمام المملكة إلى "التعهد العالمي في شأن الميثان" الهادفة إلى خفض انبعاثات الميثان العالمية بنسبة 30 في المئة، مشيرا إلى أنّ "ذلك يتوافق مع خطط المملكة التنموية وتمكين تنويعها الاقتصادي".
ويعد الميثان، أبرز مكوّنات الغاز الطبيعي الذي يستخدم على نطاق واسع لتوليد الطاقة، ثاني غازات الدفيئة البشرية المصدر بعد ثاني أكسيد الكربون.
وأوضح وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان أنّ المملكة اختارت تحقيق هدفها في عام 2060، لأن ذلك "سيمكننا من تحقيق انتقال سلس وقابل للتطبيق دون المخاطرة بالتأثيرات الاقتصادية أو الاجتماعية".
وأشار إلى أن المملكة ستقلل من انبعاثاتها سنويا بشكل ثابت لتحقيق أهداف الحياد الكربوني في 2060.
ويأتي الإعلان السعودي غداة تحذير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن الوضع المناخي الحالي ينذر "بكارثة"، مشددا على ضرورة "تجنب الفشل" في مؤتمر المناخ في غلاسكو.
وينظر إلى مؤتمر "كوب 26" الذي سيعقد بين الحادي والثلاثين من أكتوبر والثاني عشر من نوفمبر على أنّه خطوة حاسمة في تحديد أهداف الانبعاثات العالمية لإبطاء ظاهرة الاحتباس الحراري.
وأعلنت الإمارات، العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) هذا الشهر عن خطة للوصول إلى صافي انبعاثات صفري بحلول 2050.
وتعهدت السعودية في مارس الماضي بخفض انبعاثات الكربون بأكثر من أربعة في المئة من المساهمات الدولية عبر مبادرات تشمل توليد 50 في المئة من احتياجاتها من الطاقة من مصادر طاقة متجددة بحلول 2030 وزرع مليار شجرة في البلد ذي الطبيعة الصحراوية.
وقال وليّ العهد حينها إن "الخطة تهدف إلى خفض الانبعاثات من خلال توليد نصف طاقة المملكة من مصادر متجددة بحلول عام 2030".
وأكد الأمير محمد بن سلمان السبت بدء المرحلة الأولى من مبادرة التشجير بزراعة أكثر من "450 مليون شجرة" في أرجاء البلد الصحراوي، بالإضافة إلى إعادة تأهيل 8 ملايين هكتار من الأراضي المتدهورة وتخصيص أراض محمية جديدة، ليصبح إجمالي المناطق المحمية في المملكة أكثر من 20 في المئة من إجمالي مساحتها.
وشدد ولي العهد عزمه على تحويل مدينة الرياض إلى واحدة من أكثر المدن العالمية استدامة، كما أعلن عن نية المملكة الانضمام إلى الاتحاد العالمي للمحيطات، وإلى تحالف القضاء على النفايات البلاستيكية في المحيطات والشواطئ، وإلى اتفاقية الرياضة لأجل العمل المناخي، بالإضافة إلى تأسيس مركز عالمي للاستدامة السياحية، وتأسيس مؤسسة غير ربحية لاستكشاف البحار والمحيطات.
وأكد أنّ هذه المبادرات تأتي ضمن "رؤية 2030" التي أطلقتها المملكة في العام 2016 والتي تستهدف وقف ارتهان المملكة بالنفط.
وتأتي هذه المبادرات فيما تواجه شركة أرامكو السعودية العملاقة تدقيقا من قبل المستثمرين بشأن انبعاثات الطاقة.
تعتمد السعودية حاليا على النفط والغاز الطبيعي لتلبية طلبها المتزايد على الطاقة وتحلية مياهها، وهو ما يجعلها تستهلك كميات هائلة من النفط يوميا.
وفي يناير، أفادت وكالة بلومبرغ أن الشركة استبعدت الانبعاثات المتولّدة من العديد من مصافيها ومصانع البتروكيماويات في تقريرها النهائي للمستثمرين عن إجمالي انبعاثات الكربون.
وأضافت أنه إذا تم تضمين هذه المرافق، فإن البصمة الكربونية للشركة يمكن أن تتضاعف تقريبا مضيفة ما يصل إلى 55 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون توازي انبعاثاتها السنوية، وهو ما يعادل تقريبا الانبعاثات التي تنتجها البرتغال.