السعودية تكثف تحركاتها الدبلوماسية لتطويق التصعيد في السودان

الرياض - بحث وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، الأربعاء، مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان عبدالفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي"، التهدئة في البلاد ووقف الاقتتال لحماية مؤسسات الدولة، وذلك خلال اتصالين هاتفيين منفصلين أجراهما مع الجنرالين وفق بيان للخارجية السعودية ، قبل أن يستأنف طرفا الصراع مفاوضاتهما في جدة.
وجرى خلال الاتصالين، وفق البيان "مناقشة مستجدات الأوضاع الراهنة في السودان وتداعياتها على الشعب السوداني".
ومنذ منتصف أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل، و8.5 ملايين نازح ولاجئ، حسب الأمم المتحدة.
وأضاف البيان أن وزير الخارجية السعودي "أكد أهمية العمل على حماية السودان وشعبه من حدوث المزيد من الدمار وتفاقم للأوضاع الإنسانية الصعبة".
وشدد على ضرورة "تغليب مصلحة الشعب السوداني، ووقف الاقتتال لحماية مؤسسات الدولة وحماية السودان والمضي به إلى بر الأمان".
وازدادت دعوات أممية ودولية إلى تجنيب السودان كارثة إنسانية قد تدفع ملايين من سكانه إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 12 ولاية بالبلاد من أصل 18.
وتأتي هذه الاتصالات الهاتفية من طرف وزير الخارجية السعودي بكل من البرهان وحميدتي وسط تزايد الضغوط الدولية على قائد الجيش السوداني لدفعه نحو الاتجاه إلى طاولة المفاوضات عبر منبر جدة الأيام المقبلة.
وكان الأمير فيصل بن فرحان قد بحث استئناف مفاوضات جدة لإنهاء الصراع في السودان مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن قبل أيام.
ولم يتم تحديد موعد جديد لمفاوضات منبر جدة بعد إرجاء الموعد المبدئي الذي كان مقررا في الثامن عشر من أبريل الماضي.
ورغم الحديث عن إمكانية عقد مباحثات في الأسبوع الأول من مايو الجاري، وهو ما يبدو مستبعدا، إلا أن هناك توقعات بأن تشهد الأيام المقبلة مشاورات داخل الدعم السريع وأخرى بالجيش للتوافق على خطوط عريضة بشأن انطلاق المباحثات.
ويأمل السودانيون أن تؤدي المفاوضات إلى حل شامل ونهائي في ظل جمود دبلوماسي وقتال متوسع.
وتبدو المواقف المتشددة التي تتبناها قيادات في الجيش بشأن رفض الحلول السياسية تقف حائلا دون تحديد موعد نهائي، لكن لا ينفي ذلك أنها تؤشر على حالة من الارتباك خصوصا وأنه يشعر بالخطر المستمر من خسارة تموضعه في مدينة الفاشر التي ظلت بمعزل عن المعارك فترة طويلة.
وتضرب قوات الدعم السريع حصارا على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور، في ظل مؤشرات على هجوم وشيك على المدينة الوحيدة التي ما زالت خارج سيطرتها في الإقليم المضطرب.
وتشهد قرى ومناطق محيطة بالفاشر اشتباكات بين فريقي الجيش والدعم السريع وسط ترجيحات بإمكانية انتقالها إلى وسط المدينة قريبا، ما يشكل ضغطًا على قيادة الجيش التي تدرك أن فقدان الفاشر يعني أنها ستكون الطرف الأضعف في المفاوضات.
والثلاثاء، قال البرهان أمام حشد من جنود الجيش في مدينة مروي "لن تكون هناك أي عملية سياسية إلا بعد أن تنتهي الحرب في البلاد. ولن يحل السلام في السودان إلا بعد "خروج قوات الدعم السريع" من المناطق التي احتلتها والذهاب إلى مناطق تقبلها".
وتأتي هذه التصريحات في وقت تتواصل التحذيرات من نشوب معركة وشيكة في مدينة الفاشر، وكان على رأس تلك الجهات المحذرة كل من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية والإنسانية، مما يشير إلى عظم الخطر الذي يهدد سكان المدينة إذا ما اندلع القتال.
وعبّرت الأمم المتحدة قبل أيام عن قلقها من هجوم وشيك لقوات الدعم السريع على عمق مدينة الفاشر، والتي تشكل مركزًا للمساعدات الإنسانية في إقليم دارفور، حيث يعيش ربع سكان السودان البالغ عددهم 48 مليون نسمة بها.
وأعلنت قوات الدعم السريع أنها تصدت لأكثر من 22 هجومًا من الجيش في الفاشر الفترة الماضية، مشيرة في حسابها على منصة إكس إلى أنها لم تهاجم وظلت في حالة دفاع عن النفس للتصدي لهجمات الجيش والحركات المسلحة المتحالفة معه.
وذكرت الأمم المتحدة أن الصراع بين قوات الجيش والدعم السريع أدى إلى مقتل أكثر من 13 ألف شخص، وأجبر حوالي 7 ملايين على الفرار من منازلهم، بينهم 1.5 مليون لجأوا إلى تشاد ومصر وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا.