السعودية تفضّل حماس ضعيفة بدلا من جيل فلسطيني غاضب

دافوس (سويسرا) – قلل وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان من حديث إسرائيل عن مكاسب ميدانية حققتها في معركتها ضد حركة حماس، مطالبا بوقف فوري للحرب، في موقف يتعارض مع هدف الولايات المتحدة ومن ورائها إسرائيل ويتمثل في تفكيك حماس.
ويُظهر تصريح الأمير فيصل بن فرحان موقفَ السعودية التي ترى أن خروج حماس ضعيفة من الحرب أفضل من فناء الحركة وولادة جيل جديد غاضب يحمّل السعودية جزءا من مسؤولية ما جرى لقطاع غزة بدعوى التطبيع.
ويريد السعوديون أن تتوقف الحرب في غزة، ما يفتح الباب أمام عودة السلطة إلى حكم القطاع كشرط لبدء التطبيع بين المملكة وإسرائيل، وهو المسار الذي مازال قائما.
لكن استمرار الحرب وتفكيك حماس سيفرضان على القطاع نمطا من الحكم على مقاس ما تريده إسرائيل، وهو ما لا يريده السعوديون الذين يتخوّفون من تشكّل مجموعات أكثر تشددا، ما سيقود إلى اتهام المملكة بأنها فضلت مصالحها الخاصة على حساب مصلحة الفلسطينيين، وهو ما قد يمس من رصيدها الديني والقومي في المنطقة.
لبدْء التطبيع مع إسرائيل يشترط السعوديون وقْف الحرب في غزة والسماح بعودة السلطة الفلسطينية إلى الحكم
وسعت السعودية إلى إظهار اهتمامها بالرئيس الفلسطيني محمود عباس وطمأنته بأن التطبيع لن يكون على حسابه، وأنها مستمرة في دعم السلطة الفلسطينية ولا تنوي مراجعة التزامها المالي تجاهها.
واعتبرت الرياض في تصريحات سابقة أن هجوم حماس هو “نتيجة استمرار الاحتلال وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة وتكرار الاستفزازات الممنهجة ضد مقدساته”.
وقال وزير الخارجية السعودي في كلمة الثلاثاء، خلال جلسة بمنتدى دافوس في سويسرا، “لا نرى أدلة على أن الأهداف الإسرائيلية في غزة قريبة التحقيق (…) وعلينا إفساح المجال لمسار يمكّن السلطة الفلسطينية ويسمح بالمضي قدما نحو السلام”.
وأكد أن “أولويتنا إيجاد مسار للتهدئة عبر تفاعل حقيقي في المنطقة، ويجب التركيز على تخفيف حدة التوترات من خلال وقف إطلاق النار في غزة”.
وبينما أعرب عن سروره “لانضمام أصوات دولية إلى المطالبة بوقف إطلاق النار لوضع حد للمعاناة الإنسانية الناتجة عن الحرب في غزة”، اعتبر أن “الدعوات غير كافية” وطالب “بتكثيفها وجعلها أكثر جدية لتحقيق مطلب وقف الحرب والمعاناة”. وأضاف الأمير فيصل بن فرحان أن المملكة قد تعترف بإسرائيل حال التوصل إلى اتفاق شامل يتضمن إقامة دولة للفلسطينيين.
وتابع “متفقون على أن إقرار السلام الإقليمي يشمل السلام لإسرائيل، لكن لا يمكن حدوث ذلك سوى من خلال تحقيق السلام للفلسطينيين عبر إقامة دولة فلسطينية”.
وردا على سؤال عما إذا كانت المملكة يمكن أن تعترف بعد ذلك بإسرائيل في إطار اتفاق سياسي أوسع، أجاب “بالتأكيد”.
وقال الأمير فيصل بن فرحان إن تحقيق السلام الإقليمي عن طريق إقامة دولة فلسطينية هو “أمر نعمل على إنجازه بالفعل مع الإدارة الأميركية، وهو أكثر أهمية بالنظر إلى الأوضاع في غزة”.
ويقول محللون إن التوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات مع السعودية يعد جائزة كبرى لإسرائيل بعدما أقامت علاقات دبلوماسية مع الإمارات والبحرين والمغرب، وقد يُحدِث تحولا في الجغرافيا السياسية بالشرق الأوسط.
وقال مصدران مطلعان على رؤية الرياض إن المملكة جمدت خططا تدعمها الولايات المتحدة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل في معاودة ترتيب سريعة لأولوياتها الدبلوماسية بعد اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس. وأضاف المصدران أن المحادثات التي تدعمها الولايات المتحدة بشأن تطبيع العلاقات السعودية – الإسرائيلية ستشهد بعض التأخير.
وترى السعودية أن التطبيع خطوة رئيسية لتأمين ما تعتبره الجائزة الحقيقية في المقابل، وهي اتفاقية الدفاع المشترك مع الولايات المتحدة.
وقبل هجوم حماس في السابع من أكتوبر الماضي أشار قادة إسرائيليون وسعوديون إلى أنهم يتحركون بثبات نحو إقامة علاقات دبلوماسية كان من الممكن أن تعيد تشكيل الشرق الأوسط.
ويتطلع الفلسطينيون إلى إقامة دولة على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وتوقفت المفاوضات التي ترعاها الولايات المتحدة مع إسرائيل بشأن تحقيق هذا الهدف منذ أكثر من عقد.
ومن بين العقبات الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة والخلاف بين السلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب وحركة حماس الرافضة للتعايش مع إسرائيل.
وقال الأمير فيصل بن فرحان “هناك سبيل لتحقيق مستقبل أفضل بكثير للمنطقة وللفلسطينيين وإسرائيل وهو السلام، ونحن ملتزمون تماما بذلك”.
وأضاف “يجب أن يكون وقف إطلاق النار من جانب جميع الأطراف نقطة انطلاق لتحقيق سلام دائم ومستدام، وهو ما لا يمكن حدوثه إلا من خلال تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني”.
وشككت الحكومة اليمينية المتطرفة بإسرائيل في احتمال تقديمها تنازلات كبيرة للفلسطينيين ضمن أي اتفاق تطبيع محتمل مع السعودية.