السعودية تفتح أبواب السياحة الأجنبية من خلال المعتمرين

اتخذت الحكومة السعودية خطوة أولى لفتح أبوابها أمام السياحة الأجنبية من خلال السماح للمعتمرين بزيارة جميع أنحاء البلاد، في وقت تخطط فيه لإنشاء مشاريع سياحية استراتيجية في إطار برامج تحديث وتنويع الاقتصاد لبنائه على أسس مستدامة.
الرياض – أعلنت الحكومة السعودية أمس أنها ستسمح لأول مرة للمعتمرين الأجانب بزيارة جميع المدن والمواقع التراثية والسياحية، في حال حصولهم على برنامج من شركة سياحية محلية.
وتعد الخطوة نقلة نوعية في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي وخطة “رؤية المملكة 2030” التي تتضمن تطوير قطاع السياحة بهدف تنويع مصادر الدخل القومي، وعدم الاعتماد فقط على عائدات النفط.
ووضعت الحكومة خططا لتيسير إجراءات إصدار التأشيرات للزوار وتهيئة المواقع التاريخية والتراثية وتطويرها، وتشجيع استثمار القطاع الخاص في السياحة.
ونسبت صحيفة “اليوم” السعودية إلى وكيل وزارة الحج لشؤون العمرة عبدالعزيز وزان قوله إن برنامج العمرة والزيارة يشهد هذا العام نقلة نوعية بتمكين المعتمرين والزوار من خارج السعودية من زيارة أي مدينة في البلاد خلال فترة تأشيرة العمرة البالغة 30 يوما يخصص نصفها لزيارة الحرمين الشريفين.
وأوضح أن الوافدين لأداء العمرة أو الزيارة يمكن أن يحصلوا أيضا على وقت أطول، في حال تقدمت شركات العمرة بطلب وقت إضافي ضمن البرنامج المعد للمعتمرين، الذي يتم رفعه إلى وزارة الحج، فترفعه بدورها إلى الجهات المعنية لاعتماد الفترة التي يطلبها المعتمر قبل قدومه إلى السعودية.
وأضاف وزان أنه وصل إلى السعودية خلال الأسبوع الماضي، أكثر من ألف معتمر من أنحاء العالم، وصدرت خلال الأيام الأربعة الماضية أكثر من 25 ألف تأشيرة عمرة.
وأشار إلى أن تأشيرات العمرة يتم إصدارها بشكل كبير، وتوقع أن يتجاوز عدد المعتمرين هذا العام 8.5 ملايين معتمر حتى نهاية شهر أكتوبر القادم، بينما تجاوز عدد المعتمرين العام الماضي سبعة ملايين.
قال عبدالفتاح مشاط نائب وزير الحج والعمرة إن تأشيرات القادمين للعمرة هذا العام لن تقتصر على الحرمين الشريفين. وأوضح أنه سيُسمح لكل معتمر بزيارة أي مدينة وأي مواقع تراثية أو سياحية خارج مدن العمرة، في حالة حصوله على برنامج سياحي قبل الوصول إلى السعودية.
وأضاف أن فترة التأشيرة للعمرة ثلاثين يومًا، وعادة ما يصل برنامج العمرة في المتوسط إلى 15 يوما، ويتبقى مثلها ضمن صلاحية التأشيرة يمكن من خلالها تنفيذ برنامج سياحة في أي مدينة.
وأكد أن المعتمر إذا احتاج المزيد من الوقت فإن شركات العمرة يمكنها تقديم طلب قبل قدومه بالفترة التي يطلبها، على أن ترفع وزارة الحج الطلب إلى الجهات المعنية لإقرارها.
وعززت السعودية في أبريل الماضي رهانها على السياحة بإبرام اتفاقية مع فرنسا لتطوير منطقة العلا الأثرية، في مسعى لوضع البلاد على خارطة السياحة العالمية في إطار برنامج التحول الوطني الذي يسعى لجعل السياحة أكبر مصدر للإيـرادات وركـيزة لتعزيز التنمية المستدامة.
وفي يناير الماضي قالت الهيئة العامة للسياحة والتراث السعودية إنها تخطط لإصدار تأشيرات إلكترونية تكون متاحة لمنظمي رحلات المجموعات السياحية فقط في المرحلة الأولى.
ورغم أن السعودية غنية بالمواقع السياحية، إلا أنه نادرا ما ينظر إليها على أنها مقصد سياحي بسبب كثرة المحظورات مثل منع الاختلاط بين الجنسين، لكنها بدأت بتخفيف القيود مؤخرا وأعلنت أنها تسعى لاحـتلال مكـانة على خـارطة السياحة العالمية.
وتبنى برنامج التحول الوطني المعلن في أبريل 2016 “التأشيرة السياحية الإلكترونية” كإحدى المبادرات المهمة ذات الجدوى الاقتصادية المرتفعة لتحسين جودة صناعة السياحة الوافدة.
ويرى محللون أن هذه الخطوة يمكن أن تعطي زخما كبيرا لبداية عهد السياحة الأجنبية في البلاد للمساهمة في إعادة هيكـلة الاقـتصاد وبنـائه على أسس مستدامة.
وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد أعلن العام الماضي عن إطلاق مشروع سياحي ضخم يتضمن تحويل 50 جزيرة ومجموعة من المواقع على ساحل البحر الأحمر إلى منتجعات سياحية.
ويندرج المشروع في إطار سياسات جديدة لتنويع الاقتصاد والموارد المالية لتخفيف الاعتماد على صادرات النفط من خلال الاستثمار في قطاعات جديدة لتحريك النشاط الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة للمواطنين.
ومن المقرر أن يتولى صندوق الاستثمارات العامة تمويل المشروع في البداية قبل فسح المجال أمام المستثمرين المحليين والأجانب في المشروع.
وقالت الحكومة إن أعمال البناء ستنطلق في الربع الثالث من عام 2019 في مرحلة أولى سيتم خلالها توسيع المطار، وبناء فنادق ومنازل فخمة. ويتوقع أن يتم الانتـهاء منـها في الـربع الثالث من عام 2022.
ويرى محللون أن الرياض تراهن بذلك على قدرة صناعة السياحة والترفيه في إعادة هيكلة الاقتصاد وتنويع الإيرادات، وضخ دماء جديدة في النشاط الاقتصادي من خلال تعزيز الإنفاق الداخلي.
وأكدوا أن المشروع يمكن أن يوفر للسعودية جانبا من نزيف الأموال التي تخرج من البلاد من خلال الرحلات السياحية للمواطنين إلى خارج البلاد، كما يمكن أن تستقطب الكثير من السياح الأجانب.