السعودية تغذي التنافس في سوق الشحن الجوي

يكشف تركيز السعوديين على الاستثمار في الشحن الجوي عبر تأسيس شركة جديدة، إستراتيجية الحكومة لتحويل البلد إلى منافس قوي في هذه المجال، ويغذي السباق مع شركات طيران خليجية التي تعمل بدورها على انتزاع حصة أكبر في سوق آخذة في النمو.
الرياض - يجري صندوق الاستثمارات العامة السعودي (صندوق الثروة) محادثات استكشافية للحصول على طائرات شحن من بوينغ وأيرباص لإنشاء شركة شحن جوي جديدة، حيث يتطلع إلى تحويل البلد إلى مركز لوجستي لمنافسة دبي والدوحة.
وتأتي الخطوة في إطار جهود البلد ضمن رؤية 2030 لتنويع اقتصاده بعيدا عن الاعتماد على عوائد النفط، مع التركيز على السياحة والطيران والخدمات اللوجستية والتعدين والرياضة.
وفتحت إستراتيجية السعودية لتطوير نشاط الشحن الجوي الأبواب لتعزيز دور اللوجستيات وتنويعها لجعلها عنصر جذب استثماري، وتطويرها بما يدعم التجارة والتنمية الاقتصادية لرفد الخزينة بعوائد إضافية ومستدامة.
وقالت مصادر مطلعة على المحادثات لوكالة بلومبيرغ الثلاثاء إن “شركة نقل البضائع الجديدة ستعمل على خدمة الخطوط الجوية السعودية وطيران الرياض” التي جرى تأسيسها حديثا.
وأوضحت المصادر، طلبت عدم الكشف عن هوياتها كون المحادثات خاصة، أن صندوق الثروة يجري مناقشات مع شركات صناعة الطائرات والمؤجرين لشراء طائرات شحن من طراز بوينغ 777 وأيرباص أي 350.
10
في المئة نسبة نمو أعمال الشحن الجوي عالميا في أول 7 أشهر من 2024، وفق أياتا
والمحادثات في مرحلة مبكرة، ولم يتم اتخاذ أيّ قرارات نهائية وقد يقرر الصندوق، البالغ حجم أصوله 925 مليار دولار، في النهاية تأخير الخطط أو إلغائها، وفق المصادر.
ورفض ممثلو الصندوق وطيران الرياض التعليق، بينما لم تردّ الخطوط السعودية. وقالت شركتا بوينغ وأيرباص إنهما لا تعلقان على المحادثات مع شركات الطيران أو الزبائن المحتملين.
وتتطلع السعودية مثل الدول المنافسة في منطقة الخليج العربي، إلى الاستفادة من موقعها عند مفترق طرق عالمي يربط بين أوروبا وآسيا وأفريقيا وسط الطلب المتزايد على الشحن الجوي.
وارتفعت شحنات الشحن الجوي للشهر السابع على التوالي من النمو بنسبة 10 في المئة أو أكثر، بعد أن نمت في يونيو الماضي، بنسبة 14 في المئة على أساس سنوي، حسب بيانات الاتحاد الدولي للنقل الجوي (أياتا).
ويقول خبراء الصناعة إن نشاط الشحن الجوي على مستوى العالم يتجه إلى تجاوز المستويات القياسية المسجلة في عام 2021.
وأطلقت السلطات شركة لتأجير الطائرات، وشركة الطائرات المروحية واستثمرت في وحدة الهندسة السعودية، وتخطط لتطوير أحد أكبر المطارات في العالم بالعاصمة الرياض.
وتسعى شركة طيران الرياض، التي أنشأها صندوق الثروة وعيّن توني دوغلاس صاحب الخبرة الطويلة في قطاع النقل والطيران رئيسا تنفيذيا لها، في إطار هذه الجهود، إلى بناء شبكتها ومنافسة الشركات الإقليمية القائمة، طيران الإمارات والخطوط الجوية القطرية.
شركة الشحن الجديدة ستعمل على خدمة الخطوط الجوية السعودية وطيران الرياض التي ستبدأ النشاط في عام 2025
وتمتلك طيران الإمارات التي يقع مقرها في دبي، 14 طائرة شحن ضمن أسطولها، وتخطط لزيادته بما يزيد عن الضعف في العقد المقبل، في حين تمتلك الخطوط الجوية القطرية 28 طائرة شحن.
وفي الوقت نفسه، تجري إعادة توجيه الخطوط السعودية، حيث تملك ذراعها للشحن 7 طائرات فقط، للتركيز على أنشطة الحج. وتقول المصادر المطلعة إن عمليات الشحن الحالية الخاصة بها ستكون ضمن شركة الشحن الجديدة المرتقبة.
وخلال العام الماضي، قدمت الشركتان السعوديتان طلبا مشتركا لشراء 78 طائرة بوينغ 787 دريملاينر، وقدرت الحكومة الأميركية قيمتها بنحو 37 مليار دولار.
وتقدّمت طيران الرياض في مارس 2023 بأول طلبية لأسطول طائراتها مع بوينغ تشمل شراء 39 طائرة 787 – 9 دريملاينر بشكل مؤكد، مع احتمالية شراء 33 طائرة إضافية، وفق بيان صادر عن صندوق الثروة حينها.
كما أعلنت الخطوط الجوية السعودية التي ظلت لسنوات بعيدة عن منافسة شركات خليجية عملاقة لضغط السياسات في تطوير صناعة الطيران عن شراء 39 طائرة من نفس الطراز، مع خيار شراء 10 طائرات إضافية.
السعودية تطمح عبر قرية الشحن النموذجية بمطار الملك فهد الدولي أن تكون أحد المحركات الاقتصادية المهمة في الخدمات اللوجستية في غضون سنوات
وسبق أن ذكرت بلومبيرغ أن ملكية الخطوط الجوية السعودية، ومقرها مدينة جدة، قد تؤول إلى صندوق الاستثمارات العامة في أقرب وقت ممكن في عام 2025.
وكان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قد أطلق في يوليو 2022 إستراتيجية تهدف إلى جعل البلد مركزا لوجستيا عالميا، وهي خطوة يرى محللون أنها ستعزز من قدرات المطارات والموانئ وشبكة الطرقات حتى تنسجم مع خطط التحول.
وثمة مساع لتمكين قطاع الشحن الجوي عبر مبادرات تسهم في تحرير خدماته لمنح القطاع اللوجستي المرونة اللازمة لزيادة طاقته الاستيعابية إلى 4.5 مليون طن من البضائع بحلول نهاية هذا العقد.
ووظفت الهيئة العامة للطيران المدني أحدث الأساليب والتقنيات العالمية لتطوير منظومة مطارات حديثة توفر أفضل الخدمات وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمستفيدين في الشحن الجوي.
وتظهر البيانات المنشورة على المنصة الإلكترونية للهيئة أن عدد مطارات البلاد يبلغ 22 مطارا، بينها 4 مطارات دولية و10 إقليمية وثمانية داخلية.
ويساهم الطيران المدني في دعم الشحن الجوي وتمكين اللوجستيات، عبر العديد من المشاريع التي أسهمت في تحسين البنية التحتية للقطاع في المطارات السعودية.
وتعد قرية الشحن النموذجية بمطار الملك خالد الدولي بمثابة منصة لوجستية متطورة، تقدر طاقتها الاستيعابية بنحو نصف مليون طن على أن تصل إلى 1.6 مليون سنويا عندما تبدأ العمل بطاقتها القصوى، الأمر الذي يسهم في تعزيز الموقع الإستراتيجي لمدينة الرياض.
وهذه القرية الأولى من نوعها بالبلاد توفر منطقة متكاملة لإنشاء مبان مستقلة لكل مشغل لخدمة الشحن السريع بأعلى المعايير الدولية لإنهاء جميع العمليات في مكان واحد وبكفاءة عالية بما يتوافق مع متطلبات أياتا.
وتطمح السعودية عبر قرية الشحن النموذجية بمطار الملك فهد الدولي في مدينة الدمام شرق البلاد أن تكون أحد المحركات الاقتصادية المهمة في الخدمات اللوجستية في غضون سنوات.
وتضم هذه القرية العديد من المستودعات ومواقع الخدمات اللوجستية، ومنطقة الإيداع وإعادة التصدير، وتعد خدمة الشحن السريع من أهم الخدمات التي تقدمها.
وبالإضافة إلى ذلك تقدم حوافز مختلفة للشركات من أبرزها الأسعار التنافسية لخدمات المطار المختلفة بطاقة مناولة بضائع استيعابية تصل إلى 650 ألف طن سنويا.