السعودية تسعى للمنافسة في سوق تأجير الطائرات التجارية

تخطط السعودية من خلال شركة ناشئة أسستها قبل أكثر من عام ويملكها صندوقها السيادي لتعزيز مساعيها للحصول على حصة والمنافسة في قطاع تأجير الطائرات بما يرفع سلسلة القيمة ويسهل دخولها في هذه السوق التي تشهد نموا مطردا.
الرياض - تسعى شركة تمويل وتأجير الطائرات أفيليس السعودية لمضاعفة أسطولها بحلول عام 2030 بدعم من مالكها، الصندوق السيادي، الذي يخطط لضخ رؤوس أموال بمليارات من الدولارات على مدى السنوات القليلة المقبلة.
ورغم أن تأجير الطائرات قد يبدو وكأنه قفزة عملاقة لتنويع أكبر اقتصاد عربي، إلا أنه إستراتيجي نسبيا حاليا، حيث من المرجح أن ينمو حجم سوق تأجير الطائرات في جميع أنحاء العالم بمعدل سنوي قدره 7.8 في المئة حتى عام 2029.
ويعزو محللون وخبراء هذا النمو الكبير إلى اكتساب سوق التأجير شعبية مفاجئة في أعقاب الطلب المكبوت خلال الأزمة الصحية، حيث لم يكن لدى شركات الطيران الموارد المالية لتقديم طلبات جديدة.
ومع ذلك، كانت ثمة حاجة إلى استبدال الطائرات القديمة في أوقات أزمة الوقود وارتفاع أسعار النفط والغاز، وقد اتضح في نهاية المطاف أن عمليات التأجير هي الحل الأرخص والأكثر كفاءة.
ومن المتوقع أن تدير أفيليس 167 طائرة بعد الاستحواذ على أعمال تمويل الطيران التابعة لشركة ستاندرد تشارترد أفيشن فاينانس في وقت سابق هذا الأسبوع مقابل 3.6 مليار دولار وذلك من خلال اتفاقية أبرمت مع شركة بيمبروك ومقرها دبلن.
وبموجب الصفقة ستحصل الشركة السعودية على مجموعة مكونة من نحو 100 طائرة ضيقة البدن وعقود صيانة لحوالي 22 طائرة أخرى.
وتسهم عملية الاستحواذ في الجمع بين شركتين متكاملتين على المستوى الإستراتيجي، ما سينتج عنه التنوع في نطاق أفيليس وتحقيق التطور والنمو العالمي.
كما أن الصفقة تتيح الفرصة، بحسب المسؤولين، للاستفادة من خبرات وتجارب فريق ستاندرد تشارترد الأفضل في فئته والقدرات التشغيلية المتوفرة.
وتمتلك أفيشن فاينانس وتدير أكثر من 120 طائرة، وتقدم خدمات تشمل التحوط ضد تقلبات أسعار وقود الطائرات، وإعادة تسويق الطائرات، وكذلك أعمال تمويل الديون لشراء الطائرات.
ولكن للحكومة السعودية طموحات أوسع، فقد أكد تيد أوبيرن الرئيس التنفيذي للشركة خلال مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ الأربعاء أن “أفيليس تريد زيادة العدد إلى 300 طائرة على مدى السنوات السبع المقبلة”.
وقال إن “درجة النمو التي نتوقعها في السعودية على مدى السنوات العشر المقبلة استثنائية للغاية”، خاصة وأن كلفة الطائرات التي تديرها حاليا تقدر بنحو 800 مليون دولار وهي ومؤجرة لنحو 46 شركة طيران على مستوى العالم.
وأضاف “نحن نتحدث عن مضاعفة حركة الركاب ثلاث مرات، وزيادة حركة البضائع بأكثر من الضعف”. ولذلك “التزم صندوق الاستثمار العامة بضخ استثمارات إضافية في الشركة”.
وفضلا عن ذلك تسعى الشركة لإصدار سندات دولارية والاعتماد على الخارج للحصول على رأس المال، ولم يكشف أوبيرن قيمة تلك السندات.
ومطلع يونيو الماضي اشترت أفيليس 13 طائرة من شركة أفالون العالمية، وتشمل الصفقة 7 طائرات ضيقة البدن من طراز أيرباص 320 نيو وبوينغ 737 ماكس 8، وأُخرى واسعة البدن تتضمن طائرتين من طراز أيرباص 330 نيو.
واعتبر رئيس مجلس إدارة أفيليس فهد آل السيف حينها أن الاتفاقية ستوسع فرص الشركة عبر امتلاك أسطول متنوع من الطرازات الحديثة التي ستعزز العمليات التشغيلية وبما يحقق إيرادات أكبر مستقبلا.
وتأسست أفيليس العام الماضي وهي واحدة من العديد من الشركات التي تم إنشاؤها في السعودية للمساعدة في تنويع موارد البلاد بعيداً عن النفط.
ويقود الشركة نخبة من الخبراء في قطاع الطيران، وهي تتطلع إلى فتح آفاق جديدة لتوطين المعرفة ونقل الخبرات، بما يسهم في استحداث فرص عمل ورفع قدرات الكفاءات المحلية، بما يدعم خططها المستقبلية لتكون شركة وطنية رائدة في قطاع تأجير الطائرات.
وبصفتها شركة مملوكة بالكامل لصندوق الثروة، ستسهم خبرات الصندوق الاستثمارية، إضافة إلى موازنته المالية القوية، في تمكين الشركة من الفرص المتاحة في قطاع تأجير الطائرات.
ومن المتوقع أن تسهم الشركة في تعزيز سلسلة القيمة لأكبر اقتصاد عربي، وتسهيل دخولها في سوق تأجير الطائرات.
ولدى مسؤولي أفيليس أهداف واعدة تتعلق بتنمية أصول الشركة لتصل إلى 20 مليار دولار بحلول نهاية العقد الحالي من 6 مليارات دولار حاليا.
وتستهدف الشركة أيضا تصنيفا من الدرجة الاستثمارية بحلول منتصف العام المقبل وتأمل في إصدار ما يصل إلى ملياري دولار من السندات المقومة بالدولار سنوياً.
300
طائرة من مختلف الطرازات تتطلع شركة أفيليس إلى تأجيرها في غضون السنوات السبع المقبلة
وقال أوبيرن إن الشركة ستكون لديها “قدرة كبيرة” على اقتناء طائرات عريضة البدن بما يخدم توجهاتها الإستراتيجية في المستقبل.
وأوضح أنه في حين أن هدف أفيليس هو دعم شركات الطيران المحلية، فإنها تريد كذلك ضخ المزيد من الاستثمار في شركات الطيران الإقليمية بما في ذلك طيران الإمارات في دبي، إحدى أكبر شركات النقل الجوي في العالم.
وتأتي هذه الخطط بينما تعمل السعودية على توسيع قطاع الطيران بما يتماشى مع رؤية 2030، وهي إستراتيجية واعدة تسعى لتطوير السياحة وتعزيز الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية داخل البلد النفطي.
ومع وجود شركات محلية مثل الخطوط الجوية السعودية الحكومية وطيران ناس وطيران أديل، يحتاج النظام البيئي للقطاع في البلاد إلى المزيد من العناصر والخدمات.
ولا تقوم الخطوط السعودية بتأجير طائرات لأسطولها، ولكن شركات الطيران منخفضة الكلفة تفعل ذلك، وفي ضوء ذلك يأتي دور أفيليس للمساهمة في تنشيط سوق التأجير في البلاد.
وفي إطار سعيها لتصبح مركزا عالميا للتجارة والخدمات اللوجستية والسياحة أطلقت الحكومة شركة طيران جديدة هي “طيران الرياض”، كما تخطط لبناء أحد أكبر المطارات في العالم في عاصمتها الرياض.
وقال أوبيرن “الخطوة التالية بالنسبة إلينا بعد الاندماج هي السعي للحصول على تصنيف من الدرجة الاستثمارية”.
وأضاف “لذا، ستروننا نعتمد على جميع الأسواق العالمية للحصول على رأس المال، وتركيزنا هو على جلب رأس المال إلى داخل البلاد بقدر ما نستطيع”.