السعودية تسعى إلى كسر الاحتكار القطري للبث الرياضي بالحصول على حصة في "بي.إن"

الرياض - تسعى السعودية إلى استثمار كبير في شبكة قنوات “بي.إن.سبورتس” صاحبة حقوق الدوري الإنجليزي الممتاز، خلال محادثات متقطعة بدأت مباشرة بعد استحواذها على نادي نيوكاسل يونايتد، بحسب ما ذكرته صحيفة التلغراف البريطانية.
ومن شأن شراء حصة في “بي.إن.سبورتس” أن يعزز مكانة المملكة في السوق العالمية لحقوق البث الرياضي، ويوفر لها موطئ قدم إستراتيجيا في هذا المجال الحيوي. وتأتي مساعي السعودية لإبرام هذه الصفقة في إطار المنافسة الجيوسياسية مع قطر والتي كانت عاملا رئيسيا في إصرار الدوري الإنجليزي على “ضمانات ملزمة قانونا” بعدم تدخل الدولة في إدارة نادي نيوكاسل.
وتثير الخطوة ردود فعل متباينة بين من يرى أنه يجب على السلطات التخطيط لإطلاق شبكة قنوات رياضية أقوى تليق بمكانة السعودية، ومن يعتبر أن من الأجدى الاستحواذ على حصة في شبكة رياضية موجودة على الساحة أصلا وتحظى بانتشار واسع. وتملك شبكة “بي.إن.سبورتس” حقوق البث التلفزيوني للدوري في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وقد احتجت في البداية على عملية الاستحواذ، متهمة السعودية بالتورط في واحدة من أكبر عمليات القرصنة الرياضية في العالم.
ومع ذلك، قبل 24 ساعة فقط من التوقيع على الصفقة في 7 أكتوبر 2021، توقفت قناة “بي آوت كيو” التي مقرها الرياض عن البث، وكانت تعيد تجميع بث “بي.إن” على أنه خاص بها. وكانت السعودية طعنت في قرار أصدرته الهيئة التابعة لمنظمة التجارة العالمية في عام 2020 يقول إن الرياض انتهكت القواعد الدولية لحقوق الملكية الفكرية بتقاعسها عن مقاضاة “بي آوت كيو”، القناة التجارية التي كانت تبث المحتوى الذي تحصل عليه بالقرصنة.
وأوقفت قطر والسعودية مساعيهما في منظمة التجارة العالمية لحل نزاع يتعلق بقرصنة مزعومة للمحتوى الخاص بقنوات “بي.إن” التلفزيونية القطرية. وأظهرت إخطارات نشرتها منظمة التجارة العالمية في يناير 2022 أن الدولتين أبلغتا المنظمة بأنهما تعلقان “بشكل متبادل” طلباتهما المتبقية أمام هيئة حل النزاعات التابعة لها.
وألقت صحيفة التلغراف الضوء على المناقشات بشأن الصفقة، مشيرة إلى أنه تم التوصل إلى اتفاق خاص في ذلك الوقت للسماح ببدء محادثات الاستحواذ بين “بي.إن.سبورتس” المملوكة لقطر والسعودية. وقد وصفت المفاوضات بأنها “متوقفة” منذ ذلك الحين، وقد تعقدت بسبب توقف خدمة البث المباشر “بي.إم” في السعودية خلال منافسات كأس العالم 2022.
ومع ذلك، فإن احتمال التوصل إلى صفقة استثمار حصة أقلية أولية للسعودية يبدو الآن أكثر ترجيحًا من أي وقت مضى مع تقدم المناقشات مع المجموعة التي تتخذ من الدوحة مقراً لها والتي يرأسها رئيس نادي باريس سان جيرمان القوي ناصر الخليفي. وتشهد الأعمال التجارية لـ”بي.إن” ازدهارا وسط تزايد شعبية بعض حزم حقوق البث الخاصة بها في المنطقة، بالتزامن مع مستويات غير مسبوقة من الاستثمار في القطاع الرياضي السعودي.
◙ شراء حصة في "بي.إن" يعزز مكانة المملكة في السوق العالمية لحقوق البث الرياضي ويوفر لها موطئ قدم إستراتيجيا في هذا المجال الحيوي
وقال مصدر في الصناعة “منذ أن تمت عملية الاستحواذ، كان السعوديون يحاولون شراء الشيء الوحيد الذي لا يملكونه؛ مجموعة إعلامية عالمية، وخاصة المجموعة الرائدة في منطقتهم”. وفي السنوات الأخيرة جددت “بي.إن.سبورتس” عقودًا طويلة الأجل مع الدوري الإنجليزي الممتاز والاتحاد الأوروبي لكرة القدم وويمبلدون والدوري الأميركي للمحترفين وحصلت على عقد لمدة 10 سنوات مع الفورمولا 1.
في المقابل استغرقت عملية شراء نيوكاسل بقيمة 305 ملايين جنيه إسترليني، في عام 2021، حوالي 18 شهرًا للتصديق عليها، حيث كتبت “بي.إن” مرارًا وتكرارًا إلى الدوري للتعبير عن قلقها. وكانت المناقشات مستمرة حول شراء السعودية حصةً في “بي.إن” حتى بعد السماح بعملية الاستحواذ.
وانتشرت مزاعم عن مفاوضات تتم بين السعودية وقطر للاستحواذ على نسبة من قنوات “بي.إن.سبورتس” تزامنت مع التقارب الرياضي القطري – السعودي، وتصاعدت تساؤلات حول إمكانية أن يكتسب التعاون الرياضي بين البلدين الخليجيين الجارين زخما إضافيا في ظل عدة مؤشرات تشير إلى رغبة الطرفين في تطوير علاقاتهما ودفعها إلى الأمام.
وذكرت مصادر مطلعة لوكالة بلومبيرغ عام 2022 أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي من بين الأطراف التي أبدت اهتماما غير رسمي بالشراكة مع “بي.إن”، مشيرة في الوقت ذاته إلى اهتمام شركات الأسهم الخاصة الأميركية بالاستثمار في الشركة القطرية أيضا.
وتداول مغردون سعوديون وقطريون على نطاق واسع “إشاعة” عن موافقة قطر على بيع نسبة 25 في المئة من ملكية مجموعة “بي.إن.سبورتس” لصندوق الاستثمارات العامة السعودي الذي يرأسه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وأشارت تغريدات إلى أن الصندوق أبرم صفقة لشراء 25 في المئة من “بي.إن.سبورتس” مقابل 50 مليار ريال سعودي. كما ادعى المستخدمون أن الشبكة ستبث جميع البطولات المحلية والقارية والدولية للأندية والمنتخبات السعودية.
لكن صحيفة “الدوحة نيوز” القطرية الناطقة باللغة الإنجليزية نقلت آنذاك عن مصادر من “بي.إن.سبورتس”، لم تسمها، قولها إن المزاعم لا أساس لها، مشيرة إلى أن “الشائعات المنتشرة عبر الإنترنت ليست صحيحة". وأضافت "يشمل ذلك مزاعم أخرى لمقدمين سعوديين عادوا إلى القناة".
وبحسب الصحيفة فإن المصادر في “بي.إن.سبورتس” نفت الأخبار المتداولة حول شراء صندوق الاستثمارات العامة السعودي نسبة 25 في المئة من ملكية القناة، “وكل ما في الأمر أن هناك محللين سعوديين سينضمون إلى أستوديوهات بي.إن.سبورتس".
وتحدثت تقارير إعلامية عن “سقف طموحات مرتفع”، وقالت إن السعوديين يخططون لإقامة تحالف عربي كبير لإنهاء احتكار دولة قطر عبر شبكة “بي.إن.سبورتس” للبطولات العالمية والقارية، التي تعدّ من أسلحة الدوحة.
واستضافت المملكة بالفعل أحداثًا كبيرة في الملاكمة والغولف وسباق السيارات في الفورمولا 1. وتخطط أيضًا لاستثمار مليارات الدولارات كي تصبح مركزًا للرياضات الإلكترونية، لاسيما بعد الاستحواذ على نادي نيوكاسل الإنجليزي والدخول على خط الاستحواذ للعديد من الأندية الأوروبية في الدوريين الإيطالي والإسباني خلال الفترات السابقة.