السعودية تسعى إلى استثمار تريليون دولار في البنية التحتية

صندوق الثروة مساهم رئيسي في إرساء نموذج للشراكة مع القطاع الخاص.
الجمعة 2025/02/14
الآفاق مفتوحة على المستقبل بلا حدود

تقدر السعودية إجمالي الاستثمارات المطلوبة لقطاع البنية التحتية النشط، بنحو تريليون دولار على 10 سنوات مقبلة، ضمن إستراتيجيتها لتنويع الاقتصاد، وهو مبلغ يقول متابعون إنه ينم عن تعطش البلد إلى التمويلات والشراكات جنبا إلى جنب مع ما يقوم به صندوق الثروة السيادية.

الرياض - قال وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي فيصل الإبراهيم خلال اليوم الثاني من منتدى صندوق الاستثمارات العامة والقطاع الخاص الخميس، إن صندوق الثروة المكلف بقيادة تنفيذ رؤية 2030 الهادفة إلى تنويع الاقتصاد “لا يستطيع تنفيذ الاستثمارات بمفرده.”

وأكد أن الصندوق يعمل على إطلاق وتحفيز وإرساء النموذج المستهدف وتحديد التوجه الذي سيفرز “قطاعا خاصا أكثر ديناميكية وشريكاً أقوى، قادرا على مساعدة الحكومة في تحقيق هذه الغاية.”

ويستهدف الصندوق، الذي يدير أصولا بنحو 930 مليار دولار، تقليص استثماراته الدولية من 30 في المئة من إجمالي محفظته إلى نطاق بين 18 و20 في المئة، للتركيز أكثر على الاستثمارات المحلية.

والتركيز على تحفيز قدرات القطاع الخاص لتنشيط نمو الاقتصاد محل اهتمام من كبار المسؤولين في البلد، حيث يعملون على عدة واجهات من أجل تحقيق أهداف أجندة التحول الاقتصادي الطموحة.

وتسعى السلطات إلى اعتماد كافة الحوافز الممكنة أمام المستثمرين لضخ رؤوس الأموال، في سياق منافسة إقليمية قوية وخاصة مع الإمارات، وتحديدا دبي، التي تعتبر مركزا رئيسيا للأعمال في منطقة الشرق الأوسط.

وفي أغسطس الماضي أقرت الحكومة لوائح جديدة تهدف إلى تعزيز الشفافية وتبسيط عملية الاستثمار في السوق المحلية، في إطار جهودها لجذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية لدعم التنوع الاقتصادي ضمن أجندة 2030.

ووافق مجلس الوزراء على نظام محدث للاستثمار، والذي من المفترض أن يعزّز حقوق المستثمرين من خلال ضمان سيادة القانون، وتوفير معاملة عادلة، وضمان حرية تحويل الأموال دون تأخير.

فيصل الإبراهيم: صندوق الثروة لا يستطيع تنفيذ الاستثمارات بمفرده
فيصل الإبراهيم: صندوق الثروة لا يستطيع تنفيذ الاستثمارات بمفرده

ووفق بيانات شركة الاستشارات العقارية نايت فرانك نشرت في سبتمبر الماضي، بلغت قيمة مشاريع البلد الخليجي المعلن عنها ضمن أجندة التحول منذ إطلاقها قبل تسع سنوات حوالي 1.3 تريليون دولار.

وتعتقد فرانك أن السعودية ستصبح مع حلول 2028 أكبر سوق للبناء في العالم، بمشاريع تصل قيمتها إلى 181.5 مليار دولار، لتنفيذ مستهدفات 2030 في تسليم أكثر من 660 ألف وحدة سكنية، وأكثر من 320 ألف غرفة فندقية.

وعلى صعيد إستراتيجية الاستثمار السعودية، التي تستهدف ضخ 3.2 تريليون دولار حتى 2030، فإن صندوق الثروة أيضا “يستهدف المساهمة في تشكيل وإرساء نموذج للشراكة مع القطاع الخاص،” وفق الإبراهيم. وأوضح أن نموذج الشراكة المستهدف سيكون بمقدوره التعامل مع استثمارات بقيمة 2.4 تريليون دولار من تلك الإستراتيجية.

ويتوزع هدف الإستراتيجية بواقع 1.33 تريليون دولار من مبادرات ومشاريع برنامج شريك، المعني بتحفيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

ويشمل ذلك أيضا 800 مليار دولار من صندوق الثروة السيادية مخصصة للاستمارات المحلية، و1.07 تريليون دولار من استثمارات الشركات الوطنية والعالمية المتنوعة.

وبهدف تحقيق تلك الغايات يوفر الصندوق عبر منصة تابعة له فرصا استثمارية للقطاع الخاص تُقدر بنحو 10.67 مليار دولار، وفق ما قاله محافظ الصندوق ياسر الرميان في اليوم الأول من أعمال المنتدى الأربعاء.

وارتفعت نسبة المحتوى المحلي في الصندوق وشركاته من 47 في المئة إلى 53 في المئة خلال الفترة الممتدة من 2020 إلى 2023 بدعم من برنامج تنمية المحتوى المحلّي (مساهمة).

وقال الرميان في كلمة مسجلة بالنسخة الثالثة من أعمال المنتدى إن “إجمالي الإنفاق عبر الصندوق وشركات محفظته بلغ نحو 400 مليار ريال (106.67 مليار دولار) خلال أربع سنوات.”

ويتوافق توجه الصندوق صوب تعزيز أداء القطاع الخاص مع سعي الحكومة لتنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط وذلك عبر ممكنات، من بينها زيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 65 في المئة بحلول 2030.

وبخصوص ذلك الهدف قال الإبراهيم إن “مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد تبلغ 46 في المئة، ترتفع إلى 65 في المئة شاملة صندوق الثروة وذلك من مستوى يقل عن 40 في المئة قبل إطلاق رؤية 2030.”

وأكد الوزير أن ما يهم الحكومة ليس فقط تحقيق الرقم المستهدف بشكل مجرد، ولكن أن تمثل تلك الحصة القطاع الخاص غير المتأثر بالحكومة، معتبرا ذلك هو المؤشر الحقيقي على النجاح.

وشهد مستهل العام الحالي مؤشرات مبشرة على زخم نشاط القطاع الخاص المحلي، إذ نما نشاط القطاع الخاص غير النفطي إلى أعلى مستوى في أكثر من 10 سنوات في يناير الماضي، بفضل الزيادة في إجمالي الطلبات الجديدة بأسرع وتيرة منذ يونيو 2011.

أهداف إستراتيجية الاستثمار

1.33 تريليون دولار من مبادرات ومشاريع برنامج شريك

1.07 تريليون دولار من استثمارات الشركات المحلية والعالمية

800 مليار دولار من صندوق الثروة للمشاريع المحلية

وهذا الوضع شجع على توسع الشركات في النشاط التجاري والمخزون، وفقاً لمؤشر مديري المشتريات الصادر عن بنك الرياض في أوائل الشهر الجاري.

وعلاوة على ذلك تحسنت توقعات الشركات، وهو ما يشير إلى زخم متوقع في نشاطها في أكبر اقتصاد عربي.

كما قادت الأنشطة غير النفطية، التي يتركز فيها القطاع الخاص، الاقتصاد السعودي إلى النمو بنسبة 1.3 في المئة خلال 2024، بحسب تقديرات أولية أعلنتها الهيئة العامة للإحصاء في نهاية الشهر الماضي.

ويتحرك ذراع الاستثمار للحكومة السعودية عبر محددات بعينها من رؤى ومبادرات لتمكين القطاع الخاص، من بينها برنامج مسرّعة الأعمال الصناعية، الذي أطلقه في سبتمبر العام الماضي.

وهدف البرنامج إلى تمكين الشركات الصناعية الناشئة من تطوير منتجات وخدمات تنافسية ومبتكرة وتنمية أعمالها، حيث وقع اختياره على 13 من الشركات الصغيرة والمتوسطة من بين 153 شركة تقدمت للبرنامج.

وسيقوم البرنامج بتوفير التدريب وجلسات الإرشاد من خبراء في الصناعة والتميز التشغيلي والمبيعات والاستدامة لهذه الشركات.

وساهم ذلك في توقيع 12 اتفاقية تجارية، بالإضافة إلى اتفاقيتين لتطوير المنتجات مع شركات محفظة الصندوق، وفق بيان أصدره صندوق الثروة الأربعاء.

كما أطلق الصندوق منصة القطاع الخاص التي تُعد بوابة لشركات القطاع الخاص لبناء الشراكات مع شركات محفظته في القطاعات الإستراتيجية بالبلاد، وقد تم تسجيل أكثر من ألفي مستثمر في المنصة منذ إطلاقها عام 2023.

وإضافة إلى ذلك هناك برنامج تمويل المقاولين، الأول من نوعه في البلد الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط، والذي يهدف إلى تسهيل حلول التمويل بين شركات الصندوق والقطاع الخاص.

11