السعودية تسرّع وتيرة خطط توسيع مشاريع صناعة التعدين

قطعت السعودية خطوة أكثر توسعا في مجال اكتشافات المعادن والاستثمار في القطاع عبر إطلاق مبادرة جديدة تدعم خطط الحكومة لأن يكون هذا المجال الحيوي العمود الاقتصادي الثالث لها بعد النفط والبتروكيماويات ضمن استراتيجيتها لتنويع مصادر دخلها.
الرياض - شرعت الحكومة السعودية في تنفيذ مرحلة جديدة من أجندتها المتعلقة بتنمية مشاريع التعدين في البلاد، حيث يرى مراقبون أن البلد بات مقبلا على ثورة حقيقية في القطاع بعد أن بدأ بالفعل يجني ثمار ما ضخّه من استثمارات ضخمة للنهوض به خلال السنوات القليلة الماضية.
ويأتي تدشين وزارة الصناعة والثروة المعدنية مطلع هذا الأسبوع لمبادرة الاستكشاف المسرع ليؤكد أن الرياض تسير بخطى ثابتة لتتصدر السعودية خلال السنوات المقبلة قائمة الدول الموفرة لاحتياطيات بعض المعادن الخام، على ضوء نتائج سابقة، خصوصا مع الاكتشافات الحديثة التي على إثرها قامت الحكومة بإنشاء شركة معادن.
ولم تكتف الوزارة بذلك بل استكملت خطتها عبر طرح أول رخصة للتنقيب عن المعادن في موقع الخنيقية التابع لمحافظة القويعية بمنطقة الرياض، وذلك تماشيا مع أهداف “رؤية 2030” وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (ندلب) باستغلال الفرص الكبيرة لإمكانات قطاع التعدين، ليكون الركيزة الثالثة للصناعة المحلية.
ونسبت وكالة الأنباء السعودية الرسمية إلى وزير الصناعة بندر الخريف قوله إن “إطلاق هذه المنافسة يعد نقلة نوعية نحو رحلة استغلال الموارد المعدنية الهائلة في البلاد من خلال نظام الاستثمار التعديني ومبادرة الاستكشاف المسرع”.

بندر الخريف: المبادرة الجديدة تؤكد الحرص على تعزيز الشفافية في القطاع
وأضاف “هذه المبادرة تؤكد حرص الوزارة على تعزيز الشفافية في قطاع التعدين وإتاحة الفرص على حد سواء أمام المستثمرين”.
ويمثل تطوير موقع الخنيقية القريب من العاصمة الرياض والمستهدف من هذه المبادرة عاملا مهما في توفير الوظائف المباشرة وغير المباشرة للسعوديين فضلا عن تطوير صناعات الزنك والنحاس التي لا تزال في خطواتها الأولى.
وفي مايو 2015 أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية عن اكتشاف احتياطيات كبيرة لمعدن النحاس في محافظة الدوادمي غرب الرياض. وقالت إن موقع الاحتياطيات يمتد إلى شمال محافظة القويعية التي تضم موقع الخنيقية.
وتشير بيانات الهيئة إلى أنه تم فرز وتصنيف 54 موقعًا واعدا وأن العمل جار على تطوير 20 موقعا واعدا إضافيا خلال السنوات الثلاث القادمة.
وتأتي الخطوة الجديدة بهدف استكمال عملية منح التراخيص الحالية التي حددها نظام الاستثمار التعديني الجديد، وبرنامج تطوير مشاريع ندلب الهادفة إلى جذب الاستثمارات النوعية في قطاع التعدين وزيادة الإنفاق على عمليات الاستكشاف.
وأوضح الخريف أن المواقع التي ستُطرَح للمنافسة ستكون من أكثر الفرص جاذبية للاستثمار التعديني في البلاد وستمكِّن الحكومة من تحديد شركاء الاستكشاف الأنسب لتحقيق النمو والاستثمار على المدى الطويل في قطاع التعدين، ويرى خبراء أن الخطوة ستمكّن من تزويد المستثمرين المهتمين بالبيانات التفصيلية الخاصة بالمشاريع المختارة في نفس الوقت.
وخلال العقود الماضية نُفِّذ عدد من عمليات الاستكشاف المكثفة في موقع الخنيقية، وإجراء ثلاث حملات استكشافية، وحفر أكثر من مئة ألف متر، إضافة إلى بناء نموذج جيولوجي ثلاثي الأبعاد طورته مؤخرا شركة أس.آر.كا للاستشارات التي نتج عنها تحديد أربعة أجسام متمعدنة منفصلة وغنية بالنحاس والزنك في موقع الخنيقية الذي يصل عمره الافتراضي إلى 15 سنة من الإنتاج.
وفعليا بدأت هيئة المساحة الجيولوجية عمليات الاستكشاف مؤخرا، حيث أكدت الإمكانات الجيولوجية الكبيرة لخامات الزنك والنحاس في المملكة ، والتي تعد من المعادن المهمة لقطاع الطاقة العالمي.
ومن المتوقع أن يصل الطلب على النحاس إلى 3.5 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030، كما سيتضاعف الطلب على الزنك من صناعات الطاقة الشمسية فقط إلى 160 ألف طن بحلول العام نفسه.

وتهدف مبادرة الاستكشاف المسرع، التي تعد إحدى مبادرات برنامج تطوير مشاريع ندلب وتعمل عليها هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، إلى تعزيز حجم الاستثمار في مجال التعدين وتسريع عملية الاستكشاف. وبالإضافة إلى ذلك السعي لجذب المستثمرين المحليين والأجانب من أجل الاستكشاف وإجراء المسوحات وتقييم المعادن الاستراتيجية، وكذلك استكشاف وتطوير المواقع الواعدة لتدريب وتطوير الكوادر المحلية لبناء قطاع الاستكشاف.
وستعمل المبادرة على توفير دراسات استكشافية تفصيلية للرواسب المعدنية ودراسات متقدمة لمواقع مستهدفة لإمكان طرحها فرصًا استثمارية وخلق كفاءات جيولوجية معتمدة لتنفيذ مراحل الاستكشاف حسب المعايير العالمية لتقييم الاحتياطيات التعدينية.
وسيتم كذلك إنشاء دليل لإجراءات عمليات الاستكشاف حسب المعايير العالمية المعتمدة، كما ستسهم المبادرة في تعظيم القيمة المتحققة من قطاع التعدين والاستفادة منه بزيادة الإنفاق على الاستكشاف وتنامي شركات الاستكشاف الصغيرة والمتوسطة.
ويعمل المسؤولون في أكبر اقتصادات المنطقة العربية على أن يكون قطاع التعدين الوجهة الأكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية، بتطبيق مبادئ الشفافية والامتثال وأمن الحيازة على النحو المنصوص عليه في نظام الاستثمار التعديني الجديد.
وقد وفرت السلطات الأرضية اللازمة لذلك من خلال تسهيل رحلة المستثمر التعديني باستحداث “منصة تعدين” الرقمية بالكامل، التي تتيح للمستثمر الحصول على جميع الخدمات المطلوبة.
كما أن الرياض تقدم عددا من حوافز الاستثمار من بينها التمويل المشترك لما يصل إلى 75 في المئة من أي استثمار جديد، وخصم يصل إلى 90 في المئة لمبيعات مشاريع الصناعات التحويلية المحلية ودعم المحتوى المحلي، إضافة إلى توفير الفرص الوظيفية للسعوديين في مشاريع التعدين الجديدة.