السعودية تستعين برقائق إنفيديا لتركيز بنيتها للذكاء الاصطناعي

الرياض - تتجه السعودية للاستعانة برقائق عملاق التكنولوجيا الأميركي إنفيديا من أجل تركيز بنيتها للذكاء الاصطناعي، حيث تبذل السلطات جهودا للحاق بهذا المضمار مع اشتداد حدة التنافس على التحول إلى اعتماد التكنولوجيات المتقدمة.
وتحظى الرقائق المتطورة للشركة الأميركية، والتي تعالج البيانات الضخمة، بأهمية بالغة في سوق أشباه الموصلات عالميا، في ظل تنافس مع شركات أخرى مثل أي.أم.دي وكوالكوم وإنتل.
وكشفت مصادر على هامش القمة العالمية للذكاء الاصطناعي التي أنهت أعمالها الخميس الماضي في الرياض أن الولايات المتحدة وافقت على حصول السعودية على الشرائح المتطورة التي تصنعها إنفيديا.
ويشير هذا الأمر إلى أن السعودية تمكنت من تقديم ضمانات مقنعة بأن هذه الرقائق ستكون بعيدة عن فلك الصينيين، للحصول على شرائح الشركة الأميركية، كما حصل مع شركة جي 42 الإماراتية في صفقتها قبل أشهر مع شركة مايكروسوفت.
وتعليقا على ذلك، قال عبدالرحمن حبيب، نائب الرئيس التنفيذي لمكتب إدارة الإستراتيجية في الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، إن هذه “الأخبار جيدة وتدل على إمكانيات المملكة في التعاون الدولي”.
وأضاف في مقابلة مع بلومبيرغ الشرق أن بلاده عملت على “تجهيز البيانات والآن تعمل على بناء القدرات الحوسبية المطلوبة للذكاء الاصطناعي”.
وأشار في حديثه على هامش القمة إلى أن “الأحجام الكبيرة من البيانات تحتاج أدوات متخصصة مثل شرائح إنفيديا لمعالجتها لأنها تسرعها بشكل كبير”.
وتعدّ التكنولوجيا الرقمية محور تركيز برنامج رؤية السعودية 2030 بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان. وتشمل خطط البرنامج مشروع المدينة الذكية المستقبلي نيوم الذي يضم بدوره مشروع ذا لاين (مشروع الخط).
وقال حبيب “من المؤكد أن المملكة تتبنى الذكاء الاصطناعي. لدينا نيوم ومجموعة من المدن الكبيرة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي وغيرها من المشاريع الأساسية التي تعتمد بشكل كبير على هذه التقنية”.
وأضاف “سيكون استهلاك هذه الأدوات (الشرائح) كبيرا ونتطلع إلى استخدامها بالشكل الأمثل”.
وتخطط الحكومة السعودية لزيادة الاستثمارات في مشاريع الذكاء الاصطناعي في السنوات الست المقبلة، وذلك ضمن الإستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي التي أطلقتها قبل 4 سنوات.
وفي هذا المسار يهدف مركز أشباه الموصلات في السعودية إلى جذب نحو 50 صانعا نشطا إلى السعودية بحلول نهاية العقد الحالي مع التركيز على الرقائق الإلكترونية البسيطة، بدلا من التقنيات المتطورة التي يعتبرها محللون حساسة سياسيا.
كما سيتيح المركز أكثر من 40 مليون دولار من منتجات الدعم المختلفة المقدمة من البرنامج لتنمية تقنية المعلومات للشركات في هذا التجمع.
وتجاوز حجم استثمارات البلد الخليجي في الذكاء الاصطناعي العام الماضي 6 مليارات ريال (1.6 مليار دولار)، وجاءت من شركات وجهات حكومية، وفق تصريحات ماجد الشهري المتحدث الرسمي لسدايا لبلومبيرغ الشرق. وتوقع الشهري زيادة الاستثمارات سواء المحلية أو الدولية في هذا القطاع خلال الفترة المقبلة.
ووسّعت الولايات المتحدة القيود على صادرات شركتي إنفيديا وأدفانسد مايكرو ديفايسز من رقائق الذكاء الاصطناعي المتطورة لتتجاوز الصين إلى مناطق أخرى، منها بعض البلدان في الشرق الأوسط.
◙ 1.6 مليار دولار حجم استثمارات البلد في الذكاء الاصطناعي خلال العام الماضي
ومن دون رقائق الذكاء الاصطناعي الأميركية، لم تتمكن الشركات من تنفيذ الحوسبة المتقدمة المستخدمة في التعرف على الصور وتمييز الكلام بفاعلية من حيث التكلفة، فضلا عن مهام أخرى عديدة.
وأُثيرت بعض الأحاديث مؤخرا عن امتناع الولايات المتحدة تصدير هذه الشرائح إلى الدول التي لديها تعاملات في هذا المجال مع الصين.
لكن حبيب قال إن “المملكة تعمل مع كل الدول. هناك مشاريع مختلفة مع دول مثل الولايات المتحدة والصين، ولا أعتقد أن هذا سيؤثر على التعاون التجاري بين الدول”.
وفي تصريحات لشبكة سي.أن.بي.سي، توقع حبيب أن تحصل السعودية على هذه الشرائح خلال 2025. وقال إن الحصول على الرقائق “سيعني الكثير”، وفي هذه الحالة، أتش 200 أس، أقوى رقائق إنفيديا، والتي تُستخدم في الجيل الرابع من تشات جي.بي.تي.
وتشير التقديرات إلى أن إيرادات أشباه الموصلات في جميع أنحاء العالم بلغت حوالي 661 مليار دولار بنهاية العام الماضي، وهي مرشحة للارتفاع في حال ترجمت فرص الاستثمار المتاحة.
وأنشأ صندوق الاستثمارات العامة (صندوق الثروة) خلال السنة الحالية شركة آلات، برأس مال قدره 100 مليار دولار، وهو مشروع يهدف إلى بناء مراكز تصنيع لجذب شركات تصميم الرقائق الإلكترونية.
وينفق الصندوق، البالغ حجم أصوله أكثر من 925 مليار دولار، بالفعل الأموال التي خصصتها الدولة لتعزيز المصالح السعودية في التكنولوجيا الرقمية. وأبرمت شركة آلات خلال السنة الحالية صفقة شراكة إستراتيجية مع مؤسسة لينوفو الصينية.
وأكدت المجموعة الصينية أنها ستصدر سندات قابلة للتحويل دون عائد بقيمة ملياري دولار لشركة آلات. لكن ذلك قد يفرز مشاكل مع الولايات المتحدة.