السعودية تريد نهجا استباقيا لحرب تواجهها منذ قرون مع التصحر

الرياض – تفتتح السعودية الأسبوع المقبل محادثات برعاية الأمم المتحدة بشأن مكافحة التصحّر، في مسعى لوضع نهج استباقي لحرب تواجهها المملكة منذ قرون مع التصحر.
ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الدورة 16 لمؤتمر أطراف الاتفاقية الدولية لمكافحة التصحر (كوب 16) بأنها “لحظة حاسمة” لحماية واستصلاح الأراضي والاستجابة للجفاف.
وأنتج آخر اجتماع لأطراف الاتفاقية، قبل عامين في ساحل العاج، التزاما “بتسريع استصلاح مليار هكتار من الأراضي المتدهورة بحلول العام 2030.”
لكن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحّر التي تجمع 196 دولة والاتحاد الأوروبي، تنص حاليا على وجوب استصلاح 1.5 مليار هكتار بحلول نهاية العقد لمكافحة الأزمات بما في ذلك الجفاف المتصاعد.
الفعاليات التي ستنظمها المملكة في المؤتمر ستمنح الفرصة للخبراء للمشاركة في هذا المؤتمر للخروج بحلول علمية وعملية للحد من تدهور الأراضي.
وقال وكيل وزارة البيئة السعودي أسامة فقيها لوكالة فرانس برس إن المملكة التي تضم إحدى أكبر الصحارى في العالم، تهدف إلى استصلاح 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، من دون تحديد جدول زمني.
وأوضح فقيها أنه تمت استعادة 240 ألف هكتار حتى الآن. وأضاف “نحن دولة صحراوية. نحن معرضون لأقسى أشكال تدهور الأراضي وهو التصحر. أرضنا قاحلة. وهطول الأمطار لدينا قليل جدا. هذا هو الواقع. ونحن نتعامل مع هذا منذ قرون.”
وقبل شهر من المؤتمر، وجهت السعودية نداء إلى المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات قوية بشأن التصدي لتهديدات الجفاف، والعمل على استصلاح الأراضي واستعادة خصوبتها.
وأكدت أن الفعاليات التي ستنظمها المملكة في المؤتمر ستمنح الفرصة للخبراء والقطاعات الحكومية والخاصة وغير الربحية للمشاركة في هذا المؤتمر للخروج بحلول علمية وعملية للحد من تدهور الأراضي، بالإضافة إلى إمكانية الاستفادة من الفرص الاقتصادية التي تقدر بنحو تريليون دولار لاستصلاح الأراضي في العالم.
وسبق أن أطلق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مارس 2021 مبادرة السعودية الخضراء، وتهدف إلى رفع الغطاء النباتي، وتقليل انبعاثات الكربون، ومكافحة التلوث وتدهور الأراضي، والحفاظ على الحياة البحرية.
وتبدأ المحادثات في الرياض بعد أسبوع واحد على اختتام الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 29) في باكو بأذربيجان، حيث اتُهم أكبر مصدر للنفط في العالم بمحاولة تخفيف الدعوات إلى الاستغناء التدريجي عن الوقود الأحفوري.
وقد أسفرت مفاوضات تغير المناخ في باكو عن اتفاق مرير لتمويل المناخ بقيمة 300 مليار دولار، رفضته الدول الأكثر فقرا المعرضة للكوارث المتفاقمة ووصفته بأنه مخيب للآمال.
وقال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحّر إبراهيم ثياو لفرانس برس إنه يأمل أن تسفر محادثات “كوب 16” عن اتفاق لتسريع استصلاح الأراضي وتطوير نهج “استباقي” لمكافحة الجفاف.
وأضاف ثياو “لقد فقدنا بالفعل 40 في المئة من أراضينا وتربتنا،” مضيفا أن خسائر مماثلة تؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي وتحفيز الهجرة.
وتابع أن “الأمن العالمي على المحك فعلا، ويمكنك أن ترى ذلك في كل أنحاء العالم. ليس فقط في أفريقيا، وليس فقط في الشرق الأوسط.”
وقال فقيها إنه يأمل أن تؤدي المحادثات إلى زيادة الوعي العالمي بالتهديد الذي يشكّله التدهور والتصحّر.
وأضاف أنه “إذا كنا سنستمر في السماح للأراضي بالتدهور، فسوف نتكبد خسائر فادحة. تدهور الأراضي الآن ظاهرة رئيسية تحدث حقا على مرآنا.”
ويثير ارتفاع إنتاج النفط في السعودية والذي أدى إلى أرباح هائلة لشركة النفط العملاقة أرامكو، غضب ناشطي المناخ بشكل روتيني.
لكن تعرض السعودية للتصحّر قد يمنحها مصداقية أكبر خلال محادثات الرياض.
وقال كبير المحققين في الوقود الأحفوري لدى “غلوبال ويتنس” باتريك غايلي إنه “في ما يتعلق بمكافحة التصحّر، فهي لا تسهم بالضرورة بشكل مباشر في المشكلة، بينما من الواضح أنها تسهم في حالة تغيّر المناخ.” وأضاف أنه “يمكن للسعودية، ببعض الشرعية، أن تدعي أنها تدافع عن الفرد العادي عندما يتعلق الأمر بالتصحّر، لأنه يتأثر بشكل مباشر.”
وتُفتتح أعمال المؤتمر في 2 ديسمبر ومن المقرر اختتامه في 13 منه. وقال ثياو إن الآلاف من المندوبين سجلوا لحضور المحادثات في الرياض بما في ذلك “ما يقرب من 100” وزير.
ومن المقرر أن يحضر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قمة المياه الواحدة، التي تقام على هامش المؤتمر يوم الافتتاح. وتجتذب محادثات التصحّر حضورا واهتماما عالميين أقل من محادثات تغيّر المناخ، لكن فقيها قال إن السعودية تريد مشاركة قوية من المجتمع المدني خلال المؤتمر.
وأوضح “لدينا العديد من الندوات والأحداث والأجنحة لجميع أصحاب المصلحة للمشاركة في المناقشة بطريقة بناءة. نحن نرحّب بكل مشاركة بناءة.”
وبالمثل، قال ثياو إن كافة المجموعات ستكون موضع ترحيب للمساهمة والتعبير عن نفسها. وأردف أنه “وفقا لقواعد الأمم المتحدة، بالطبع هناك قواعد للمشاركة، وحرية التعبير مضمونة للجميع.”
ويأتي المؤتمر ليدعم سعى العالم لمواجهة قضايا المناخ والجفاف الذي يؤثر على ربع سكان العالم.
ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص ندرة في المياه بحلول عام 2050. وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سيعيش جميع السكان في ظل نقص حاد للمياه بحلول عام 2050.