السعودية تريد الحفاظ على علاقاتها الإستراتيجية مع واشنطن وبكين

دافوس (سويسرا) – أشاد مسؤولون سعوديون خلال مشاركتهم في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس بالشراكة الإستراتيجية التاريخية مع الولايات المتحدة، دون أن يقللوا من شأن العلاقات مع الصين، التي اعتبروها مهمة جدا للرياض التي تعمل على لعب دور لتقريب وجهات النظر بين القوتين الاقتصاديتين العالميتين.
وفي خضم التحولات الجيواستراتيجية في أسواق الطاقة العالمية، تحولت السعودية إلى بوصلة العالم تتنافس كل من الولايات المتحدة والصين وغيرها من الدول على مغازلتها وكسب تأييدها، خصوصا بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وارتفاع أسعار النفط وتخطيه عتبة 100 دولار للبرميل الواحد.
وقالت السفيرة السعودية لدى الولايات المتحدة ريما بنت بندر آل سعود الأربعاء إن الحفاظ على الشراكة الإستراتيجية طويلة الأمد بين الرياض وواشنطن "ضروري للغاية" للاستقرار العالمي.
وأضافت بنت بندر آل سعود في كلمة لها في ندوة بالمنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس "نعم كانت هناك لحظة صراع وخلاف، لكن هذا لا ينتقص من حقيقة أننا حليفان إستراتيجيان وأننا أصدقاء، وهذه العلاقة مهمة للعالم".
وأثار قرار تحالف أوبك+، بقيادة السعودية وروسيا، خفض إنتاج النفط بنحو مليوني برميل يوميا حفيظة الإدارة الأميركية التي اعتبرت أن الخطوة ذات خلفية سياسية، وهو الأمر الذي تنفيه الرياض بشدة، وتؤكد أن القرار نابع من منطلق "اقتصادي بحت".
وصعّدت إدارة الرئيس جو بايدن إثر ذلك من ضغوطها عبر مناقشة إبطاء المساعدات العسكرية للرياض، بما في ذلك الأسلحة الدفاعية، في خضم التهديدات التي يمارسها الحوثيون في اليمن المدعومون من إيران على أمن الخليج، وهو ما اعتبرته المملكة سلوكا غير مساعد على دعم العلاقات الثنائية في مواجهة خطر مشترك.
كما لوحت بإجراءات عقابية أخرى، لكن هذه التهديدات التي ارتبطت باعتبارات انتخابية في علاقة بانتخابات التجديد النصفي للكونغرس التي جرت في نوفمبر الماضي، سرعان ما خفت وطأتها بمجرد انتهاء الاستحقاق، حيث أدركت واشنطن أن مصالحها تفرض عليها عدم الذهاب بعيدا في أي تصعيد مع المملكة، خصوصا وأن الأخيرة تملك العديد من الخيارات، كتوثيق الروابط مع الشرق وخصوصا الصين.
وردا على سؤال لوزير المالية السعودي محمد الجدعان خلال الندوة نفسها عن زيارة الرئيس الصيني للمملكة في ديسمبر، قال إن الصين والولايات المتحدة مهمتان للغاية للسعودية.
وأضاف أن المملكة، أكبر مصدر للنفط في العالم، تهدف إلى "جسر الهوة" بين العملاقين الاقتصاديين المتنافسين.
وشكلت زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى المملكة في ديسمبر الماضي اختراقا عميقا في جدار بنيان العلاقات السعودية – الأميركية، من ذلك عدم الخضوع لإملاءات واشنطن في زيادة إنتاج النفط بالاتفاق مع أوبك+، والانطلاقة في العلاقات الدولية تحت إدارة الشاب الطموح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان باستقلالية كانت محبوسة في أدراج قصور الرياض لعقود طويلة.
وخلال زيارته غير التقليدية الأخيرة عُقدت ثلاثة مؤتمرات، جمعت الرئيس الصيني والوفد المرافق له مع الخليجيين وأهم العواصم العربية، لبحث آفاق المصالح العربية – الصينية.
وأثناء حضوره قمة خليجية - عربية بالرياض، دعا الرئيس الصيني إلى تداول النفط باليوان، في حين تسعى بكين إلى تأسيس مكانة عالمية لعملتها وإضعاف قبضة الدولار على التجارة الدولية.
وقال الجدعان الثلاثاء لتلفزيون بلومبيرغ إن المملكة لا تستبعد أي مناقشات بشأن كيفية تسوية تجارتها، سواء بالدولار أو اليورو أو الريال السعودي، إذا كان ذلك سيساعد في تحسين التجارة العالمية.
وشددت السفيرة السعودية لدى واشنطن خلال الندوة على أهمية العلاقات الأميركية - السعودية التي مر عليها 80 عاما، وقالت إن البلدين "يقف أحدهما إلى جانب الآخر عند الضرورة".
ويرى مراقبون أن تقارب السعودية مع الصين لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يستهدف نظيرتها الولايات المتحدة. السعودية تركز في علاقتها مع الصين على الاقتصاد وعلى التجارة البينية الكبيرة، كما أنها تدرك أهمية العلاقات الأمنية مع الولايات المتحدة، حيث غالبية التجهيزات والمعدات السعودية هي من الولايات المتحدة وكذلك التدريب، ويتوقع أن يستمر ذلك.