السعودية تدعم ركائز توطين صناعة السيارات الكهربائية

الصندوق السيادي في مفاوضات مع فوكسكون التايوانية لإقامة مصنع للمركبات الصديقة للبيئة.
الجمعة 2021/12/03
ألو! مركز التصنع … أنا السيارة..

قطعت السعودية شوطا كبيرا في استراتيجيتها المتعلقة بتوطين صناعة السيارات الكهربائية عبر اتباع سياسة مدروسة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية لدعم ركائز هذا القطاع بالبلاد ضمن خطط تنويع أكبر اقتصاد عربي، والتي يرى محللون أنها ستكون انطلاقة مهمة لتنمية الصناعة بشكل عام.

الرياض - وضعت الحكومة السعودية ركيزة جديدة لإرساء صناعة المركبات الصديقة للبيئة في البلاد باعتبارها أحد عناصر تكريس أي صناعية محلية أخرى تكون منسجمة مع خطط مسح البصمة الكربونية حتى نهاية العقد الحالي.

وكشفت مصادر سعودية مطلعة الخميس أن السعودية تجري محادثات مع مجموعة فوكسكون التكنولوجية التايوانية لإنشاء مشروع مشترك لتصنيع السيارات الكهربائية، في أحدث مؤشر على أن الرياض مهتمة بشكل متزايد بهذا المجال الآخذ في النمو رغم المطبات التي تعترضه حاليا بسبب نقص الرقائق الإلكترونية.

وتأتي الخطوة في سبيل تسريع خطط الحكومة لتنويع الاقتصاد وتخفيف الاعتماد على النفط وخاصة بعد أن قام صندوق الاستثمارات العامة (الصندوق السيادي) في الفترة الماضية بالعديد من الصفقات والاستحواذات في حصص وأسهم لشركات عالمية تعمل في القطاع.

وتسعى السعودية لأن تصبح مركزا لتصنيع المركبات الكهربائية في منطقة الشرق الأوسط، في إطار خطتها لتنويع اقتصادها.

وقالت المصادر لوكالة بلومبرغ، رفضت عدم ذكر هوياتها لسرية الأمر، إن الصندوق السيادي، الذي يدير أصولا بنحو 450 مليار دولار، سيؤسس كيانا جديدا تحت اسم “فيلوسيتي” ليكون المساهم الأكبر في الشراكة.

يونغ ليو: نخطط لإطلاق مشروع للمركبات الكهربائية في الشرق الأوسط

في المقابل، ستوفر شركة فوكسكون البرمجيات والإلكترونيات والهندسة الكهربائية للمركبات الكهربائية الجديدة وستحتفظ بحصة أقلية في الشراكة.

وبينا أكد أحد المصادر أن الإجراء سيساعد السعودية على اكتساب خبرة في مجال تصنيع السيارات، قال آخر إن “المشروع المشترك يتطلع إلى تجميع مركبات كهربائية على هيكل مرخص من شركة بي.أم.دبليو الألمانية”.

ولم تذكر المصادر قيمة المشروع المحتمل أو المنطقة التي ستحتضنه، لكن من الواضح أن هناك إصرارا من الرياض من أجل جذب أبرز الشركات العاملة في مجال تكنولوجيا السيارات.

ويستهدف الصندوق السعودي وفوكسكون توقيع اتفاق بحلول نهاية العام الجاري، بحسب أحد الأشخاص، بالرغم من عدم اتخاذ القرارات النهائية بعد، كما أن الخطط قد تتغير.

وسعت فوكسكون، وهي شريك تجميع رئيسي لشركة أبل، إلى تطوير وإنتاج السيارات الكهربائية على مدار العام الماضي، وترى أن الاهتمام المتزايد بتلك الصناعة سيكون محركا قويا للنمو.

وفي أكبر خطواتها في مجال المركبات الكهربائية حتى الآن استحوذت الشركة في أكتوبر الماضي على منشأة تصنيع سيارات البيك أب التابعة لشركة لوردستاون موتورز في أوهايو الأميركية، كجزء من صفقة بقيمة 280 مليون دولار.

وبعد أسبوعين، كشفت الشركة عن أولى سياراتها الكهربائية، مما عزز أوراق اعتمادها كمرشحة جادة لمشروع السيارات السري الذي تعمل عليه شركة أبل.

وقال يونغ ليو رئيس وحدة هون هاي بيرسيسن إنداستري التابعة لفوكسكون الشهر الماضي إن الشركة “تخطط لإطلاق مشروع للمركبات الكهربائية في الشرق الأوسط يركز على تدشين برامج لسيارات الركاب”.

وكثيرا ما كانت لدى السعودية طموحات خلال السنوات الماضية من أجل تطوير صناعة محلية لصناعة السيارات، كجزء من محاولاتها لفطم اعتماد الاقتصاد على النفط ولكن لم يحالفها الحظ في أغلب تلك الجهود مما دفعها الآن لأن تجرب استراتيجية مختلفة.

ويقود الصندوق السيادي الاستثمارات في الصناعة واستحوذ على حصة أغلبية في لوسيد الناشئة في 2018 لحث الشركة الأميركية على تطوير موقع للتصنيع داخل السعودية.

وفي وقت سابق من هذا العام، عينت السعودية مستشارين، بما في ذلك مجموعة بوسطن الاستشارية، لاستكشاف فرص تدشين شركة محلية لتصنيع السيارات الكهربائية.

وكانت مصادر قد قالت في يناير الماضي إن الصندوق السيادي السعودي دخل في مفاوضات مع لوسيد من أجل بناء مصنع للسيارات الكهربائية، يُحتمل أن يكون بالقرب من مدينة جدة المطلة على البحر الأحمر.

وإلى جانب ذلك، يتطلع الصندوق إلى تطوير مصنع لتصنيع البطاريات بهدف إنتاج سعة تخزينية تبلغ 15 غيغاواط في الساعة سنوياً بحلول عام 2028.

وسيتم تأسيس هذا المشروع الواعد لتوفير البطاريات لشركة لوسيد ومصنعي المركبات الكهربائية الآخرين الذين سيستثمرون في السوق السعودية.

المشروع المشترك سيكون مخصصا لتجميع السيارات الخضراء على هيكل مرخص من شركة بي.أم.دبليو الألمانية

وسبق أن صرَح وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف لبلومبرغ في أكتوبر الماضي أن الحكومة السعودية تجري محادثات مع العديد من صانعي السيارات لحثّهم على إنشاء مرافق تصنيع في موقع على الساحل الغربي للبلاد.

وفي أغسطس الماضي، استحوذ الصندوق السيادي على حصة أقلية في شركة صناعة السيارات الإيطالية الخارقة باجاني، الذي اعتبر رئيسها التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة هوراسيو باجاني الصندوق بأنه “الشريك المثالي” لمواصلة وضع “علامة تجارية مميزة في قطاع سيارات الهايبر كارز وكذلك لدعمها استراتيجية التوسع في قطاع
مربح”.

وجاءت الخطوة بعد أسابيع من دخول الصندوق في مفاوضات متقدمة مع شركة الاستثمار العالمية آريس مانجمنت للاستحواذ على حصة بقيمة 553 مليون دولار في مجموعة مكلارين.

وتضم مكلارين شركة تصنيع السيارات الخارقة البريطانية بالإضافة إلى شركة مكلارين ريسينغ التي تنافس في سباقات فورمولا 1 وإندي كار في الولايات المتحدة.

كما يملك الصندوق حصة تقارب 5 في المئة من شركة تسلا الرائدة في صناعة السيارات الكهربائية، ولكن الاستثمار في لوسيد اعتبره محللون تحولا في رهان الرياض على تسلا التي حاولت في ذلك الوقت جمع تمويلات لتوسيع برامج الإنتاج.

ويرى محللون أن كل هذه الصفقات تنسجم مع استراتيجية الاستثمارات العالمية التي يقودها الصندوق للتركيز على الشركات وتحقيق أعلى الإيرادات والسعر لجذب التكنولوجيا إلى البلاد.

ومنتصف الشهر الماضي، وسّعت السعودية مظلة سوق التأمين حينما أعلن البنك المركزي اعتماد أول منتج تأميني لتغطية المركبات ذاتية القيادة والمخاطر المرتبطة بها، في دليل على اهتمام الرياض باعتماد أرضية متكاملة لهذه الصناعة في المستقبل.

11