السعودية تدعم السيولة في القطاع المصرفي لزيادة تمويل الاستثمار

البنك المركزي يضخ 13 مليار دولار للمحافظة على استدامة سوق القروض.
الثلاثاء 2022/06/28
كم يكفيكم حتى تطلقوا مشاريعكم؟

قدم البنك المركزي السعودي دعما كبيرا للقطاع المصرفي بضخه سيولة نقدية كبيرة للمحافظة على استقرار البنوك وفي الوقت ذاته تأمين استدامة سوق القروض من أجل تمويل المشاريع الاستثمارية التي تراهن عليها الحكومة لدفع عجلة التنمية الشاملة ضمن خطط برنامج الإصلاح الاقتصادي.

الرياض - كشفت مصادر الاثنين أن البنك المركزي السعودي قام بضخ مليارات الدولارات كودائع في البنوك التجارية، في محاولة منه لتخفيف أسوأ أزمة سيولة منذ أكثر من عشر سنوات.

وذكرت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هوياتها، لوكالة بلومبرغ أن قيمة تلك الأموال تبلغ قرابة خمسين مليار ريال (13 مليار دولار).

وأوضحت أن التدخل بدأ مباشرة قبل أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) أسعار الفائدة الشهر الجاري.

ويتضمن الدعم أموالا مقدمة للبنوك بخصم، مقارنة بسعر الاقتراض بين البنوك المحلية لأجل 3 أشهر أو سايبور، المستخدم كسعر معياري للقروض.

وسيم جمعة: السيولة الجديدة ستنقلها البنوك إلى القطاعات الاقتصادية

وتقف السيولة، التي يتم قياسها عبر سايبور، عند أدنى مستوى منذ أواخر 2008 عندما انهارت أسعار الخام دون 40 دولارا للبرميل.

ويقول خبراء إنه لا توجد سوابق كثيرة لمدى أزمة التمويل التي تواجهها البنوك السعودية، بخلاف الأوقات التي هبطت فيها أسعار النفط بحدة أو الأزمات العالمية مثل أزمة الائتمان العالمية قبل 14 عاما.

وتأتي هذه الخطوة بينما يسير البلد الخليجي الثري العام الجاري على طريق تسجيل أول فائض في الموازنة منذ 2013 نتيجة ارتفاع الإيرادات، على خلفية ارتفاع أسعار النفط فوق حاجز المئة دولار للبرميل وزيادة الإنتاج.

وأشارت المصادر إلى أن التمويل من المركزي جاء على الأقل في ثلاث شرائح منفصلة حتى الآن، حيث تكونت الشريحتان الأولى والثانية من ودائع لأجل ثلاثة أشهر، ووصل إجمالي كل واحدة منهما إلى حوالي أربعة مليارات دولار.

وضخ المركزي شريحة واحدة أخرى على الأقل في الأيام الماضية تضمنت ودائع بآجال استحقاق أقصر وأطول.

واعتبر محللون، من بينهم وسيم جمعة رئيس الاستثمار في شركة كابيتال للاستثمارات، أن ضخ المركزي هذه الكمية من السيولة النقدية يعد خطوة إيجابية جاءت في وقتها ومكانها الصحيحين لتعزيز سيولة القطاع المصرفي.

وقال جمعة في مقابلة مع تلفزيون “العربية” إن “السيولة الجديدة ستنقلها البنوك بدورها إلى القطاعات الاقتصادية الأخرى، خصوصا وأن السعودية تتمتع باقتصاد متين مدعوم بأسعار نفط عالية”.

ورجح أن تتجه معظم السيولة إلى قطاع الاستثمار وليس إلى الاستهلاك، لاسيما وأن الحكومة وضعت تنمية المشاريع ضمن أولوياتها القصوى في برنامجها الإصلاحي.

وفي إشارة إلى مدى تأثير أحدث عمليات ضخ للسيولة من قبل المركزي، انخفض سعر سايبور بنحو 17 نقطة أساس إلى 3.1 في المئة الأحد الماضي قياسا بما تم تسجيله الجمعة الماضية، وهو أكبر انخفاض له منذ أكثر من شهر.

Thumbnail

ويعكس هذا الإجراء مخاوف متزايدة حول تكلفة السيولة للبنوك في السعودية، وتأثير ذلك على أكبر اقتصادات المنطقة العربية، في الوقت الذي تسعى فيه السلطات لتوجيه رأس المال إلى تشغيل المشاريع الضخمة في البلاد.

ولتخفيف قيود التمويل الفورية مدد المركزي مؤخرا فترة التسهيلات الخاصة بالريبو، أو عمليات البيع وإعادة الشراء، إلى 13 أسبوعا كحد أقصى بدلاً من أربعة أسابيع فقط.

وكان وزير المالية محمد الجدعان قد قال لبلومبرغ الشهر الماضي إن الحكومة “ستحتفظ بإيرادات النفط الفائضة في حسابها الجاري حتى أوائل 2023 على الأقل، إذ أنها تتطلع إلى كسر دورة الازدهار والكساد المرتبطة بالنفط، والتي اتسم بها الاقتصاد في الماضي”.

وفي وقت سابق توقع مصرفيون أن تُترجم أسعار النفط الأعلى سريعا إلى ودائع حكومية تخفف من أزمة السيولة.

وتخلف نمو الودائع المصرفية عن توسع الائتمان بالسعودية، المدفوع إلى حد كبير بازدهار الرهون العقارية، وضغط ذلك على أسواق المال نتيجة حجب الحكومة أرباحها النفطية كجزء من نهج أكثر تحفظاً للإنفاق المالي.

ألفاريز آند مارسال: أرباح أكبر 10 بنوك ارتفعت 17.6 في المئة بالربع الأول

وتستعد السعودية لتحقيق نمو مكون من رقمين في الإقراض الاستهلاكي للعام الثاني على التوالي، بينما ارتفعت الودائع بنسبة تقل عن 4 في المئة منذ بداية هذا العام حتى الآن.

وخلال العام الذي تفشت فيه جائحة كورونا ضخ المركزي سيولة تزيد عن 26 مليار دولار في البنوك المحلية لتغطية التكاليف، ومن بينها تأجيل سداد قروض الشركات الصغيرة المتضررة من الجائحة.

ورغم التقلبات استطاعت البنوك السعودية تحقيق أرباح خلال الفترة الفاصلة بين يناير ومارس الماضيين مدفوعا إلى حد كبير بنمو الدخل التشغيلي وتقلص مخصصات خسائر التمويل على دعم النمو.

وأشارت ألفاريز آند مارسال، وهي شركة عالمية للاستشارات، في تقرير حول أداء القطاع المصرفي السعودي للربع الأول من 2022 إلى أن إجمالي أرباح أكبر عشرة بنوك محلية ارتفعت بمقدار 17.6 في المئة على أساس سنوي.

وتضمنت قائمة البنوك المشمولة في التقرير البنك الأهلي ومصرف الراجحي وبنك الرياض والبنك السعودي – البريطاني (ساب) والبنك السعودي – الفرنسي والبنك العربي الوطني ومصرف الإنماء وبنك البلاد والبنك السعودي للاستثمار وبنك الجزيرة.

ويقول خبراء ألفاريز آند مارسال إن معظم البنوك أظهرت معدلات أفضل للتغطية ونسب صافي القروض، مما يسلط الضوء على تحسن ملفها الائتماني.

وعكس نمو القروض زيادة ثقة السوق التي يحتمل أن تكون مدفوعة بالانتعاش الاقتصادي وزيادة الإنفاق الاستهلاكي وارتفاع أسعار النفط.

وبحسب الإحصائيات ارتفعت القروض بنسبة 5.2 في المئة خلال الربع الأول، بينما شهدت ودائع البنوك الكبرى ارتفاعا متتاليا بنسبة 3.9 في المئة مقارنة بالربع السابق.

10