السعودية تحتفي بيوم اللغة العربية بفعاليات في الداخل والخارج

الرياض– على مدى تاريخها لعبت السعودية دورا بارزا في الحفاظ على اللغة العربية وتطويرها وحمايتها وتحفيز البحث والإبداع فيها، وقد جاء الاحتفاء السعودي باليوم العالمي للغة العربية هذا العام متعدّد الوجهات.
وقد احتفت السعودية السبت الثامن عشر من ديسمبر باليوم العالمي للغة العربية في حفل أقيم افتراضياً في مقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في العاصمة الفرنسية باريس.
وتضمن برنامج الحفل جلسات وندوات ثقافية أُقيمت افتراضياً بمشاركة واسعة من القيادات الثقافية المحلية والعربية والدولية، إلى جانب إقامة ثلاث جلسات نقاشية للحديث عن شؤون اللغة العربية، وحركة الترجمة العربية والتواصل الحضاري، وكذلك التأثر والتأثير اللغوي للفنون البصرية كالفنون المعمارية والتشكيلية وعلاقتها باللغة العربية.
ونُظّم على هامش الاحتفال معرضٌ فني بعنوان “اللغة العربية والتواصل الحضاري” يستمر حتى الثالث والعشرين من ديسمبر الجاري بمشاركة فنانين من السعودية ومن جميع أنحاء العالم، تدور مواضيع أعمالهم حول إبراز العلاقة بين اللغة العربية ومختلف أشكال التعبير الثقافي، وعُرضت على الأسوار المحيطة باليونسكو.
وجاء الاحتفال السعودي باليوم العالمي للغة العربية في مقر اليونسكو بتضافر جهود كلٍّ من وزارة الثقافة، والوفد الدائم للمملكة لدى اليونسكو، واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم ومؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية، إضافةً إلى مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، مبرزين بذلك جهود المملكة في خدمة اللغة العربية ودعمها محليًّا وإقليميّا ودوليّا، وتعزيز حضورها في المنظمات الدولية بما يُسهم في تعزيز التقارب الإنساني بين الشعوب.
وفي داخل السعودية واحتفاء باللغة العربية خصّصت مكتبة المسجد الحرام قسما كاملا ومتكاملا للغة العربية، يضم مختلف علومها وفنونها بأكثر من ثمانية آلاف مجلد، وهو القسم الذي افتتح أخيرا تزامناً مع اليوم العالمي للغة العربية الذي جاء هذا العام تحت عنوان “اللغة العربية والتواصل الحضاري”.
وتحتوي المكتبة على أمهات المصادر والنوادر والمراجع في اللغة العربية، ومجموعة من المعارف والعلوم المختلفة خدمة للباحثين والمهتمين وطلبة العلم، لتكون هي الوجهة الأولى لديهم، فمنها ما تناول اللغة العربية بشكلٍ عام، ومنها ما تحدث عنها بشكلٍ تاريخي وتطبيقي، ومنها ما تناولها كعلم مقارن وتقابلي، ومنها ما تطرق إلى الأصول والتنوع والتطور في الكتابة، وكذلك طريقة النطق وأصوات الحروف في اللغة العربية.
ويشتمل القسم على علوم اللغة العربية من النحو والصرف والبلاغة والأدب، مثل كتاب شرح ابن عقيل على ألفية بن مالك، والعديد من المراجع التي تناولت فقه اللغة، والتطبيقات النحوية والمدخل لعلم النحو، وسلسلة من كتب الإعراب و”شذور الذهب في معرفة كلام العرب” لابن هشام.

وتتميز المكتبة من خلال مركز المخطوطات بآلاف المخطوطات المتنوعة في اللغة العربية، فنجد فيها مخطوطة “لسان العرب” لابن منظور في ستة مجلدات، ومخطوطة “ديوان العشاري”، وغيرهما من المخطوطات المتنوعة والنادرة.
وحرصت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، ممثلة بمكتبة المسجد الحرام، على جمع كل هذه المراجع والكتب والمخطوطات لدعم اللغة العربية والمحافظة عليها، والتنوع في مصادرها العلمية والمعرفية خدمة للباحثين والمهتمين وطلبة العلم.
كما نظم مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي “إثراء” فعاليات اليوم العالمي للغة العربية، بحضور أكثر من 9 آلاف زائر، ومشاركة عدد من الأدباء والمتخصصين.
وتضمنت الفعاليات التي استمرت لمدة أسبوع اكتشاف جوانب من اللغة العربية، والتعرف على فن المقامات، وتعزيز مواهب وقدرات الأطفال في القراءة، وإقامة عدد من الندوات حول فن المقامات، منها ندوة “مقامات الحريري” قدّمها الروائي المصري محمد المنسي قنديل، وندوة “مقامات بديع الزمان الهمذاني” قدّمها الأديب السعودي عدي الحربش.
ومن ناحية أخرى، وفي نفس الإطار بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، نظّمت كلية الآداب ممثلة بقسم اللغة العربية في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن مساء السبت الثامن عشر من ديسمبر ندوة علمية افتراضية تحت عنوان “اللغة العربية والتواصل الحضاري”، بالتعاون مع برنامج “صحة نورة” وكلية اللغات والترجمة باللغة العربية في الجامعة.
وانطلقت أعمال الندوة بجلستين علميتين عُرضت فيهما ثلاث أوراق عمل، جاءت الجلسة الأولى بعنوان “التواصل الحضاري في الطب” تضمنتها ورقة عمل عن “اللغة العربية بين الطبيب والمريض”، أما الجلسة الثانية التي كانت بعنوان “اللغة والتواصل الحضاري في الآداب والتعليم” فتضمنت ورقتي عمل هما “الأدب السعودي المقارن: أقلام سعودية تشق نوافذ الأدب السعودي وتراث الجزيرة العربية للعالم”، و”التعلّم الثنائي أو متعدد اللغات القائم على اللغة الأم، والأثر الإيجابي على التعلّم ونتائجه”.
ويُذكر أن اليوم العالمي للغة العربية الذي يصادف الثامن عشر من ديسمبر من كل عام يهدف إلى التأكيد مجدداً على الدور المهم الذي تُؤدّيه اللغة العربية في مدّ جسور التواصل الثقافي وتعزيز الحوار بين الشعوب، والنهوض بخدمة لغة القرآن، وإبراز الدور التاريخي الذي تضطلع به.