السعودية تجس نبض العراق لتُوازن إيران وتتحرر من العبء الروسي

من مصلحة المملكة أن يكون العراق قوة كبرى في قطاع الطاقة تساعدها على إحداث توازنات لتعويض الدور الروسي المثقل بالمقاطعة والعقوبات الغربية.
الجمعة 2024/02/16
حضور تأخر كثيرا

بغداد – عكست زيارة وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان إلى العراق بشأن التنسيق بين البلدين في مجال الطاقة مسعى من المملكة لجس نبض العراق حيال تعاون يُحدث توازنا مع إيران ذات النفوذ المتجذر في البلاد، وفي الوقت نفسه يكون بديلا يساعد الرياض على التحرر من العبء الروسي في أوبك+.

وأكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في اجتماع مع وزير الطاقة السعودي أهمية تطابق الرؤى للحفاظ على استقرار سوق النفط.

وقال مكتب رئيس الوزراء العراقي في بيان إن السوداني يرحب بدخول الشركات السعودية إلى السوق العراقية، وإنه ناقش مع الأمير عبدالعزيز بن سلمان مسألة توسيع الشراكات الاقتصادية بين البلدين.

ومن مصلحة السعودية التحرك ليكون العراق قوة كبرى في قطاع الطاقة تساعدها على إحداث توازنات تحتاجها الرياض لتعوض الدور الروسي الذي أمامه سنوات طويلة من المقاطعة والعقوبات الغربية. كما أن حاجة موسكو إلى ضخ المزيد من النفط ولو بطرق ملتوية وخارج التوافق ستحبط سعي المملكة لخفض الإنتاج بالطريقة التي تبقي الأسعار في المستوى الذي تحتاجه السعودية لتحصيل العائدات الكافية لتمويل مشاريعها الكبرى.

وستكسب الرياض بأن تسجل حضورا في بغداد تأخر كثيرا ويوازن إلى حد ما الدور الإيراني، خصوصا وأن البقاء الأميركي في العراق صار مشكوكا فيه، ما يحول البلد إلى ملعب مفتوح أمام أجندات إيران سياسيّا واقتصاديا وأمنيا.

وما يفسر هذا الاهتمام أن المملكة بعثت إلى العراق أحد أهم وزرائها وهو ابن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، في رسالة متعددة الأوجه، وإن كان البارز منها جانب الطاقة وبحث السعوديين عن توسيع دائرة الحلفاء في أوبك وأوبك+ لتفادي المفاجآت التي قد تأتي من خارج المنظمتين كما من داخلهما، وخاصة في ظل القلق السعودي من روسيا.

الرياض تسعى لموازنة الدور الإيراني في بغداد إلى حد ما، خصوصا أن البقاء الأميركي في العراق صار مشكوكا فيه

وبدأت السعودية، التي خرجت من انكماشها تجاه بغداد لسنوات طويلة، تعتقد أن وجود شركاتها واستثماراتها في العراق يمكن أن يجعلها منافسا قويا على سوق النفط والغاز في مواجهة الصين وروسيا اللتين تستحوذان على الحصة الكبيرة.

وكان العراق أعلن في 25 مايو الماضي عن الاتفاق مع شركة أرامكو السعودية على الاستثمار وتطوير حقل “عكاز” الغازي في محافظة الأنبار، بهدف الوصول إلى طاقة إنتاجية تصل إلى 400 مليون قدم مكعبة قياسية يوميّا.

كما أعلن وزير النفط العراقي حيان عبدالغني في اليوم نفسه عن اتفاق آخر مع السعودية على المساهمة في الاستثمار بمشروع “نبراس” الذي يعد أحد أهم المشاريع الإستراتيجية في الصناعات البتروكيماوية في العراق والمنطقة.

وأعلن وزير الاستثمار السعودي المهندس خالد الفالح بالمناسبة عن استثمارات سعودية في العراق تبلغ قيمتها 3 مليارات دولار، تشمل الاستثمارات في بنوك مثل البنك الأهلي العراقي، معربا عن أمله في “أن تكون هناك مصارف سعودية في العراق، وبنوك ومصارف عراقية تعمل في المملكة، لتسهيل التجارة المتبادلة، خصوصا أن هناك مبادرات تنموية كبرى”.

وتم تدشين مشروع الربط الكهربائي بين السعودية والعراق، ليغذي العراق بنحو 1000 ميغاواط في المرحلة الأولى عن طريق محطة عرعر الحدودية ضمن مساع غير معلنة لتخفيف ارتباط بغداد بطهران في المجالات الحيوية، وإشعار العراقيين بأن الرهان على السعودية على المدى البعيد سيساعدهم على تجاوز الكثير من الأزمات، على عكس إيران التي توظف العراق في خدمة مصالحها وليس العكس. والربط الكهربائي مع العراق جزء من مشروع خليجي تقدر استثماراته بنحو 280 مليون دولار.

وقال البيان، الذي صدر عن مكتب رئيس الوزراء العراقي الأربعاء على هامش زيارة وزير الطاقة السعودي، إن من المهم “التنسيق في المواقف، وتطابق الرؤى بخصوص تنظيم سوق الطاقة، وأسعار النفط تحت مظلة منظمة أوبك، بما يضمن الحفاظ على استقرار أسواق الطاقة في المنطقة والعالم، ومصالح الدول المنتجة والمستهلكة”.

وبدورها أعلنت وزارة النفط العراقية أن بغداد ستراجع إنتاجها النفطي وستعالج أي زيادة تتجاوز التزامها بتعديلات الإنتاج المتفق عليها مع أوبك+ في الأشهر الأربعة المقبلة، في رسالة طمأنة واضحة للسعودية وتأكيد على فاعلية التنسيق معها وجدية العراقيين في ذلك.

هه

واتفق تحالف أوبك+ في نوفمبر الماضي على الخفض الطوعي للإنتاج بنحو 2.2 مليون برميل يوميا في المجمل للربع الأول من العام. وبلغ نصيب السعودية من الخفض الطوعي مليون برميل يوميا.

وسلطت أوبك في بيانها، الذي صدر عقب الاجتماع الوزاري لأوبك+ في الأول من فبراير الجاري، الضوء على الامتثال قائلة إن “اللجنة ستواصل مراقبة” امتثال الدول لقرارات الإنتاج المتخذة في يونيو 2023، والخفض الطوعي في نوفمبر 2023، وجولة الخفض الطوعي السابقة في أبريل 2023.

وذكر مصدران من أوبك+ بعد الاجتماع أن التحالف سيقرر في مارس القادم ما إذا كان سيمدد الخفض الطوعي لإنتاج النفط المعمول به في الربع الأول. ولم يطرأ أي تغيير على سياسة الإنتاج للتحالف في فبراير.

وأنتج العراق 4.194 مليون برميل يوميا في يناير الماضي بانخفاض 98 ألف برميل يوميا عن ديسمبر. وتزيد هذه الكمية بنحو 200 ألف برميل يوميا عن 4.009 مليون برميل يوميا قال العراق إنه سيضخها في الربع الأول من العام في إطار أحدث جولة من الخفض الطوعي لأوبك+.

1