السعودية تتمسك بمواجهة النفط الصخري رغم خفض الإنتاج

أمين عام أوبك: التعاون بين الدول الأعضاء في أوبك+ يمكن أن يستمر إلى الأبد.
الخميس 2019/07/04
محور قرارات أوبك وحلفائها

أظهرت السعودية إصرارا كبيرا على التمسك بموقفها الصارم تجاه زيادة إنتاج النفط الصخري الأميركي، في وقت مددت فيه منظمة أوبك وحلفاؤها اتفاقية خفض الإنتاج 9 أشهر إضافية، رغم المخاوف من تآكل حصص المنتجين في الأسواق العالمية مع احتدام المنافسة على السوق.

الرياض - تواصل السعودية، أكبر منتج للنفط في أوبك، أداء المهمة الصعبة المنوطة بها، بينما تضطر المنظمة والدول النفطية المتحالفة معها إلى دعم جهودها في معركة زيادة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة للعام الرابع على التوالي.

وخلال اجتماع عقد الثلاثاء وافقت دول أوبك+ بصورة تلقائية على قرار المنظمة، الذي صدر في وقت سابق بتمديد خفض إنتاج النفط بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا لمدة تسعة أشهر حتى نهاية مارس المقبل.

وقال محمد باركيندو الأمين العام لأوبك إن “التعاون بين الدول الأعضاء في أوبك+ يمكن أن يستمر إلى الأبد”.

وترى وكالة بلومبرغ أنه من بين كل الدول، التي أبدت دعمها للوحدة بين الدول النفطية، تبقى دولة واحدة أكثر اهتماما من الآخرين، وهي السعودية.

واستغل وزير النفط خالد الفالح مؤتمرا صحافيا الاثنين بعد اجتماع وزراء دول أوبك في العاصمة النمساوية فيينا لكي يؤكد اعتزام بلاده خفض إنتاجها النفطي بأكثر مما هو مقرر لها في إطار اتفاق أوبك+.

ونقلت بلومبرغ عن أمريتا شين كبيرة محللي النفط في شركة إنيرجي آسبكتس ليمتد للاستشارات في مجال الطاقة القول إن تصريحات الفالح تشير إلى “التزام الرياض بتخفيض المخزون العالمي مهما احتاج الأمر”.

وتوقعت أن تبقي السعودية على إنتاجها في حدود 10 ملايين برميل يوميا أي أقل من المستهدف وأنه إذا احتاج الأمر إلى استمرار الخفض بعد التسعة أشهر، ستواصل خفض الإنتاج”.

ويبدو أن الفالح، الذي كان يرى في 2016 أن السوق لن تحتاج إلى خفض إنتاج السعودية وروسيا وغيرهما من دول أوبك+ لأكثر من 6 أشهر، يسعى بقوة الآن لاستعادة سيطرة بلاده على سوق النفط العالمية من صناعة النفط الصخري الأميركي.

ويتوقع الفالح الفوز في المعركة ضد النفط الصخري الأميركي، لكنه يعترف بأن الأمر سيحتاج إلى وقت طويل.

ريستاد إنيرجي: أوبك+ قد تضطر إلى مواجهة صناعة النفط الصخري عشر سنوات
ريستاد إنيرجي: أوبك+ قد تضطر إلى مواجهة صناعة النفط الصخري عشر سنوات

ففي تصريحات للصحافيين في مقر أوبك بفيينا قال “لا شك لدي في أن إنتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري سيرتفع ليصل إلى أعلى مستوى له، ثم يستقر ويعود إلى التراجع، كما هو الحال في مناطق الأحواض الأخرى في التاريخ”.

وأكد أنه حتى يحدث هذا “أعتقد أنه من الحصافة والتعقل بالنسبة لنا، نحن الذين لدينا الكثير مما يمكن أن تتهدده المخاط، وأيضا بالنسبة لنا نحن الذين نريد حماية الاقتصاد العالمي وضمان رؤية واضحة للمستقبل، التكيف مع الأوضاع”.

ووفقا لتقديرات شركة ريستاد إنيرجي للاستشارات النرويجية فإن أوبك+ قد تضطر إلى مواصلة المواجهة مع صناعة النفط الصخري الأميركي لمدة عشر سنوات.

وأشارت بلومبرغ إلى قرارين آخرين يعكسان التزام السعودية طويل المدى بالتصدي لسيطرة صناعة النفط الصخري الأميركي على سوق النفط العالمية.

ويتعلق القرار الأول بجعل التعاون بين أوبك وروسيا والدول النفطية الأخرى من خارج المنظمة يكتسب الصفة الرسمية على نحو أكبر، من خلال تبني ميثاق يحكم العلاقة بين الجانبين.

أما القرار الثاني فيتمثل في اقتراح السعودية أهدافا أكثر طموحا لخفض المخزون العالمي من النفط الخام.

وقالت السعودية إنها ستقيس فائض المخزون العالمي من النفط مقارنة بمتوسط المخزون خلال الفترة من 2010 إلى 2014 وليس مقارنة بمستواه خلال السنوات الخمس الماضية.

ويعني ذلك أنه سيكون على الرياض وحلفائها العمل لسحب نحو 160 مليون برميل نفط إضافية من المخزون العالمي، وفقا لحسابات وكالة بلومبرغ. وقد تعهدت روسيا بدراسة هذا المقترح السعودي.

وأكد الفالح أن المخزون العالمي خرج عن السيطرة خلال الشهور القليلة الماضية. وقال إن “هذا أمر مؤسف لكنه حدث”.

وفي اليوم التالي لذلك، تحدث وزير النفط الروسي ألكسندر نوفاك ولكنه كان أقل حسما في التعامل مع هذا الرأي. وقال إنه لم يتم اتخاذ أي قرار بشأن التحول إلى آلية الحساب الجديدة، وأي تغيير لن يحتاج إلى تعديله في ضوء مؤشرات الطلب خلال السنوات الخمس الماضية.

ويأتي قرار مواصلة خفض الإنتاج بينما قلصت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها بشأن الطلب العالمي على الطاقة في ظل تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والاقتصاد الهندي أحد أكبر اقتصادات آسيا والعالم.

ولكن الفالح يرى أن هناك مبالغة وتضخيما في القلق بشأن تباطؤ نمو الطلب العالمي على النفط، خاصة بعد اتفاق الولايات المتحدة والصين على هدنة تجارية بينهما.

ورغم تبني قرار استمرار خفض إنتاج النفط من جانب جميع أعضاء أوبك فإن المحادثات بين وزراء المنظمة الاثنين لم تخل من دراما. فالمحادثات استمرت أطول من التوقعات في ظل الخلاف بين إيران والدول الأخرى بشأن تفاصيل الميثاق الجديد لتحالف أوبك+.

ومنذ بدأت أوبك التعاون مع الدول النفطية من خارجها لتوفير أساس ثابت للخروج من الأزمة، تعارض إيران وجود دور مسيطر لدولة من خارج المنظمة هي روسيا ثالث أكبر دولة منتجة للبترول في العالم، ناهيك عن عدم الارتياح الإيراني للدور المسيطر لمنافستها السعودية داخل أوبك.

11