السعودية تتحدى اضطرابات أسواق الديون الخضراء

نجاح طرح سندات صندوق الثروة يؤكد الالتزام طويل الأمد للبلد بالتحول في قطاع الطاقة.
الخميس 2022/10/13
انتظروا مفاجآتنا القادمة

اعتبر خبراء أن السعودية تمكنت بشكل مرن من إصدار باكورة سندات بمعايير بيئية، حيث تحدى صندوقها السيادي اضطرابات أسواق الديون الخضراء في ظل الضبابية التي تكتنف الدخول في استثمارات نتيجة ما يواجهه الاقتصاد العالمي من أخطار.

الرياض - أكدت مصادر مطلعة أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي (صندوق الثروة السيادية) لم يواجه سوى القليل من التدقيق عند بيع سندات خضراء بقيمة ثلاثة مليارات دولار الأسبوع الماضي، في أول طرح لها.

وكشف مصرفيان لرويترز الأربعاء أنه وسط استمرار الحذر من مصدري السندات الآخرين في المنطقة إزاء تقلبات السوق، سارت عملية البيع، في أول إصدار لسندات خضراء من أي صندوق ثروة سيادي بسلاسة دون عراقيل تذكر من المستثمرين لسندات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات.

وأشار أحدهما إلى أن أحد المستثمرين أشار خلال اتصال حضره المصرفيان إلى مصدر قلق واحد، لكنه لم يقدم المزيد من التفاصيل.

عبدالسلام علوي: إصدار سندات مئة عام أثبت القوة الائتمانية للصندوق

وقال عبدالسلام علوي رئيس أسواق رأس المال في دويتشه بنك في المنطقة وأحد رواد الصفقة، إن “إجمالي الطلبات النهائية بلغ 25 مليار دولار تقريبا”، وإن “الصندوق تلقى طلبات من المستثمرين المهتمين بالسندات ذات أجل مئة عام”.

وأضاف إن “إصدار صندوق الاستثمارات العامة لأول سندات خضراء لأجل مئة عام أظهر ثقة المستثمرين في قوته الائتمانية والتزام السعودية طويل الأمد بالتحول في قطاع الطاقة”.

وتعهدت أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم العام الماضي بتحقيق حياد الكربون بحلول العام 2060، وهو ما يجعلها تمضي قدما في بناء قاعدة صلبة في مجال إنتاج الكهرباء من المصادر المستدامة.

ودفع الصندوق علاوة إصدار تبلغ 65 نقطة أساس على شريحتي أجل الخمس والعشر سنوات، اللتين جمعت كل منهما 1.25 مليار دولار. ووصل عائداهما ما يقل بعشر نقاط أساس تقريبا فقط عن منحى عائد شركة النفط السعودية العملاقة أرامكو.

وباع الصندوق سندات خضراء بأجل مئة عام بقيمة 500 مليون دولار، وهي أول سندات بهذا الأجل في طرح أولي أو يصدرها صندوق ثروة سيادي، كما أنها أول سندات تصدر لأجل مئة عام في المنطقة.

وقال علوي “حقق صندوق الاستثمارات العامة السبق في الكثير من النواحي في هذه الصفقة، وأرسل إشارة قوية للغاية في بيئة أسواق صعبة للغاية”.

وأكد محللون معنيون بالدخل الثابت الثلاثاء الماضي أن السندات لأجل مئة عام تم تداولها بارتفاع 4 سنتات مقابل الدولار في السوق الموازية، بينما احتفظت الشريحتان الأخريان بسعر الإصدار أو تم تداولهما بأقل قليلا.

ووفقا لوثيقة بنكية اطلعت عليها رويترز، سجلت السندات أعلى أداء في بريطانيا، يليها الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ثم المستثمرون الأميركيون في الخارج، وأوروبا وآسيا.

زينة رزق: تركيز المستثمرين على إصدارات الصندوق مبالغ فيه

ولم يتمكن المستثمرون داخل الولايات المتحدة من المشاركة لأن الصندوق السيادي السعودي لديه قوائم مالية لمدة عامين، ويحتاج إلى ثلاثة أعوام لإصدارها داخل الولايات المتحدة.

ويتوقع علوي أن يواصل الصندوق إصدار السندات الخضراء، بما في ذلك الصكوك الخضراء، والاستفادة من السوق الأميركية الداخلية في الأعوام المقبلة.

وارتفع طلب المستثمرين على التمويل المرتبط بالحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، وازداد الاهتمام في منطقة الخليج والشرق الأوسط الأوسع نطاقا.

لكن لا تزال هناك مخاوف بشأن تخصيص صناديق حوكمة بيئية واجتماعية وحوكمة شركات لمنطقة لا تزال تعتمد بشدة على عائدات النفط والغاز وسجلها ضعيف في مجال حقوق الإنسان.

وانتقد بعض مراقبي الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات الصفقة، وبالتحديد حصة قيمتها أربعة في المئة التي استحوذ عليها الصندوق في أرامكو خلال فبراير الماضي.

وقالت زينة رزق المديرة التنفيذية للدخل الثابت في أرقام كابيتال، التي تستثمر في السندات “أعتقد أن تركيز المستثمرين على إصدار الصندوق للسندات الخضراء مبالغ فيه”.

وأضافت “لديهم استثمارات خضراء وهناك مسار واضح لمواصلة هذه الاستثمارات”.

وأظهر عرض تقديمي للمستثمرين للترويج للسندات أن الصندوق من المتوقع أن يستثمر عشرة مليارات دولار بحلول عام 2026 في مشاريع خضراء. وتعهد الصندوق باستثمار ما يقرب من 40 مليار دولار في السوق المحلية حتى عام 2025.

وقبل عامين، أصبحت مصر، التي من المقرر أن تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ السابع والعشرين الشهر المقبل (كوب 27)، أول من يصدر السندات الخضراء السيادية في المنطقة.

وتستكشف عدة صناديق ثروة سيادية وكيانات مرتبطة بالحكومات أخرى في المنطقة أو تقوم بإعداد الأطر الخضراء الخاصة بها لإصدار السندات الخضراء في نهاية المطاف.

وتبع بنك أبوظبي الأول، وهو أحد مصدري السندات الخضراء الأكثر نشاطا في المنطقة، صفقة الصندوق السيادي السعودي ببيع سندات خضراء بقيمة 700 مليون دولار في اليوم التالي.

وقال مصرفيون إنهم رأوا بشكل عام خطا محدودا على المدى القريب، إذ يسعى مصدرو السندات  لمواصلة التكيف مع أسعار الفائدة المتزايدة في ظل مساعي البنوك المركزية بقيادة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لترويض التضخم المرتفع منذ عقود.

10