السعوديات يراكمن المزيد من المكتسبات بإقرار قانون الأحوال الشخصية

الرياض - أقرت المملكة العربية السعودية مؤخرا قانونا للأحوال الشخصية، عزز من وضع المرأة ضمن محيطها الأسري، ومكنها من أن تكون سيدة قرارها، حيث تضمن القانون للمرة الأولى تحديدا لسن الزواج والسماح لها بحق فسخ عقد زواجها، والحصول على النفقة ضمن ضوابط واضحة، وهو ما لم يكن متاحا في السابق.
ولاقى القانون الذي تضمن تسعة بنود رئيسية للأحوال الشخصية، إشادة واسعة من الناشطات السعوديات، اللاتي اعتبرنه منجزا إضافيا يعزز من المكتسبات التي تحققت للمرأة خلال السنوات الأخيرة، في سياق جهود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لوضع المملكة على سكة التحديث بما يشمل ذلك التشريعات.
والقانون الجديد الذي أقر رسميا تزامنا مع احتفالات اليوم العالمي للمرأة في الثامن من مارس الجاري، لم تنشر المملكة نصوصه بعدُ، غير أنها قالت إنه سيدخل حيز التنفيذ بعد تسعين يوما على نشره بالجريدة الرسمية “أم القرى”، دون تحديد موعد للنشر.
واستنادا إلى بيانات أغلبها لمركز التواصل الحكومي السعودي الرسمي، فمن أبرز نتائج بنوده التسعة “تحديد سن الزواج”، بخلاف سبعة مكتسبات أو حقوق بارزة للمرأة والطفل بينها “حق فسخ عقد الزواج بإرادة منفردة، وإلزام الزوج بالإنفاق عليها حتى لو كانت غنية”.
نفقة الزوجة واجبة على الزوج بغض النظر عن حالتها المادية، كما أثبت القانون حق المرأة في فسخ عقد الزواج بإرادة منفردة
والقانون الجديد واحد من حزمة قوانين، صدر منها قانون الإثبات العام الماضي، ومن المرتقب صدور قانون المعاملات المدنية والنظام الجزائي للعقوبات التعزيرية.
وقال الأمير محمد في ديسمبر الماضي إن “عدم وجود هذه التشريعات أدى إلى تباين في الأحكام.. لقد كان ذلك مؤلما للعديد من الأفراد والأسر، ولاسيما للمرأة، ومكّن البعض من التنصل من مسؤولياته، وهو الأمر الذي لن يتكرر في حال إقرار هذه الأنظمة وفق الإجراءات النظامية”.
وجاء إقرار القانون ضمن جلسة لمجلس الوزراء عقدت في الثامن من مارس الجاري برئاسة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، بعد استكمال الإجراءات النظامية لدراسته في مجلس الشورى (هيئة برلمانية شورية).
ووفق ولي العهد السعودي فإن القانون “استمد من أحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها، وروعي في إعداده أحدث الممارسات القضائية الدولية الحديثة، وهو شامل في معالجة جميع المشكلات التي كانت تعاني منها الأسرة والمرأة”.
وتحفظت المملكة لعقود طويلة على انتقادات غربية متزايدة لما تعتبره “وصاية” و”نيلا” من حقوق المرأة والأسرة، قبل أن تشيد بقرارات “منفتحة” كان أبرزها الإعلان عن السماح للمرأة بقيادة السيارة في سبتمبر 2017، وتطبيقه في يونيو 2018، بعد أن كانت تحتاج إذن وليها ووجود محرم معها أثناء القيادة.
وأقرت السعودية في الثاني من أغسطس 2019 رسميا تعديلات واسعة لتخفيف القيود على المرأة، بعد نحو ثمانية أشهر على هرب فتاة سعودية تدعى رهف القنون من أسرتها بدعوى أنها “تعنف”، وسط اهتمام غربي بقصتها انتهى بمنح كندا لها حق اللجوء.
ومنحت التعديلات المرأة نفس حقوق الرجل في ما يتعلق بحق استخراج جواز السفر ومغادرة البلاد، دون اشتراط ما سبق بموافقة ولي أمرها، والمساواة في سن التقاعد، بما يعادل 58 سنة ميلادية، بعد أن كانت 60 هجرية للرجال و55 هجرية للسيدات.

ووفق بيانات مركز التواصل الحكومي، يتناول قانون الأحوال الشخصية أحكام العلاقات الأسرية عبر تسعة بنود رئيسية هي: الخطبة والزواج والمهر، وحقوق الزوجين، والنفقات (الزوجية)، والفرقة بين الزوجين، والنسب، وحضانة الأولاد، والوصية، والإرث، الولاية والوصاية”.
وأقر القانون عدة مكتسبات جديدة بارزة للمرأة والمجتمع، أبرزها أن نفقة الزوجة واجبة على زوجها ولو كانت غنية، كما ألزم الزوج بالنفقة عليها بغض النظر عن حالتها المادية، بينما في السابق لم تكن أحكام النفقة واضحة ومدى استحقاق الزوجة الغنية لها.
ووضع القانون مدة زمنية محددة يجب على الزوج توثيق طلاقه خلالها وألزمه بتعويض عادل للزوجة في حال لم يوثق الطلاق، وهو الأمر الذي لم يكن موجودا في السابق. وأثبت القانون حق المرأة في فسخ عقد الزواج بإرادة منفردة.
ومكّن المرأة من توثيق الطلاق والمراجعة حتى مع عدم موافقة الزوج، وهو ما لم يكن متوفرا سابقا.
وحدد القانون السن الأدنى للزواج بـ18 عاما، وذلك سيكون لأول مرة، بعد فترات شهدت زواجا في سن مبكرة أقل من 18 عاما. وسبق وأن حاولت وزارة العدل السعودية في ديسمبر 2019 ويناير 2022، تقييد ذلك الزواج المبكر، ووضع قيود تنظيمية للبت فيه، بحسب بيانات رسمية سابقة.
ويقول حقوقيون إن من أهم المكتسبات التي أقرها قانون الأحوال الشخصية تلك المتعلقة أيضا بتعزيز منظومة حماية الطفولة، حيث حمّل القانون الدولة المسؤولية عن نفقة الطفل مجهول الأبوين ما لم يتبرع بها أحد، وتشمل النفقة سواء في حالة هذا الطفل أو في حالة الزوجة “الطعام والمسكن والملبس والحاجيات الأساسية وما تقرره الأنظمة (القوانين) ذات الصلة”.
وربط القانون أحقية الحضانة بالأصلح للمحضون نفسه أي الأصلح للأولاد، وهو ما لم تتضح تفاصيله على الفور.