السراج يعزز هيمنة الإسلاميين على الاقتصاد الليبي

تزوير الرقم الوطني يفجر خلافات بين المصرف المركزي الليبي ومصلحة الأحوال المدنية.
الاثنين 2019/02/25
السراج لا يسمع إلا أصوات الإسلاميين

طرابلس - عزز قرار رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية فايز السراج تعيين القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، مصطفى المانع عضوًا فى مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار، هيمنة الإسلاميين على الاقتصاد الليبي والمؤسسات الحيوية في البلاد كالمصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط.

وقرر مجلس أمناء المؤسسة الليبية للاستثمار برئاسة فايز السراج، تشكيل لجنة تتواصل مع مكتب النائب العام ومكتب المحاماة المكلف من قبل إدارة المؤسسة، لدراسة الأوضاع والمستجدات التي تواجه إدارتها.

وتشهد مؤسسة الاستثمار تخبطا وفراغا غير مسبوقين، بعد إيقاف رئيسها علي حسن على ذمة التحقيق في شبهة فساد، بالإضافة إلى تردد أنباء عن علاقتها بالإفراج عن الأموال الليبية المجمدة في بلجيكا.

والمؤسسة الليبية للاستثمار هي صندوق سيادي للثروة الليبية، تأسست عام 2006، وتدير بحسب الأرقام التي أُعلنت حتى تاريخ 31-12-2018 نحو 67 مليار دولار من أموال قطاع النفط في ليبيا من خلال استثمار 550 شركة مختلفة التخصصات وعاملة في مجالات عديدة حول العالم، وذلك على أمل إيجاد مصادر دخل أخرى للبلاد غير النفط.

واتهمت ميليشيات طرابلس السراج بأن القرارات التي أصدرها السبت، رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج بشأن التعيينات الجديدة في مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار تأتي في إطار «استمرار العبث الممنهج» بالمؤسسات الاقتصادية والمالية للدولة الليبية والأجيال القادمة.

وقالت “قوة حماية طرابلس” في بيان “تابعنا، كما تابع عموم الشعب الليبي، استمرار العبث الممنهج بأمواله ومقدراته وقوت يومه ومدخرات الأجيال القادمة عبر القرارات الفردية الصادرة عن رئيس المجلس الرئاسي منفردا أو عبر استخدامه صفات لم يخوله بها الاتفاق السياسي الموقع في ديسمبر 2015”. واعتبرت أن “رئيس المجلس الرئاسي وبقراراته الصادرة (…) حول تعيين مدير مكتبه يوسف المبروك نائبا لرئيس مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار بصلاحيات مدير عام، وتعيين القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، مصطفى المانع عضوا في مجلس الإدارة وكلاهما من خارج كادر المؤسسة، ليس سوى حلقة في مسلسل العبث الإداري والمالي الذي يمارسه منذ فترة طويلة، وتمكين لجماعة مؤدلجة ينبذها الشارع الليبي بقوة من مفاصل الدولة”، في إشارة إلى جماعة الإخوان
المسلمين.

وقالت “قوة حماية طرابلس” في ختام البيان “إن الليبيين مطالبون اليوم بوقفة جادة في الساحات والميادين يسمع فيها الداخل والخارج صوته وبقوة رفضا لاستمرار الانقسام السياسي والإداري، والفساد الذي دمر مؤسسات الدولة، وليطالب بتحديد مصيره واستعادة أمانته عبر صناديق الانتخابات التي يزعم الجميع دعمهم لها علنا ويعرقلونها سرا عبر المال والقرار السياسي غير السليم والأجندات الأيديولوجية المفضوحة من قبل جماعة معروفة كان الشعب الليبي أعلن رفضه لها سابقا ثلاث مرات عبر صناديق الانتخابات”، في إشارة إلى تيار الإسلام السياسي.

وفي أكتوبر الماضي أعلن فايز السراج تعيين علي العيساوي -المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين والمتهم من قبل المدعي العام العسكري الليبي بقتل اللواء عبدالفتاح يونس- وزيرا للاقتصاد في حكومته. ورغم تسجيل السلطات شرق البلاد -وخاصة الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر- رفضها لذلك التعيين، إلا أن السراج لم يعر ذلك الاعتراض أية أهمية.

وفي يوليو الماضي ولأول مرة منذ سنوات ، ظهر القيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين، فتحي عقوب، علناً متحدثاً باسم إدارات المصرف المركزي بطرابلس بصفته أميناً لسر المصرف وعضوا في مجلس إدارته في مؤتمر صحافي للحديث عن آخر فصول الأزمة المالية والأمنية التي يتهم المصرف بالتسبب بها في البلاد.

Thumbnail

وتثير هيمنة الإسلاميين الذين تلقوا هزائم متتالية خلال ثلاث محطات انتخابية شهدتها ليبيا منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي، على مفاصل الدولة ومؤسساتها الحيوية استغراب الليبيين. ويقول خصوم الإسلاميين إنهم باتوا المسيطرين على مصرف ليبيا المركزي منذ تعيين الصديق الكبير محافظا للمصرف ودافعوا عن بقائه هم وحلفاؤهم الإقليميون والدوليون رغم إقالته من قبل مجلس النواب سنة 2014.

وأوقف الجيش الليبي في يوليو الماضي ضخ النفط واشترط إقالة الصديق الكبير، وتشكيل لجنة تقصّي حقائق دولية للتحقيق في دعم المصرف للجماعات الإرهابية، مقابل استئناف الإنتاج من جديد.

وبدأت بوادر خلافات بين الكبير وحكومة الوفاق تظهر مؤخرا عكستها اتهامات وزير الداخلية فتحي باشاغا للمصرف بعرقلة تنفيذ الترتيبات الأمنية وإنهاء سيطرة الميليشيات على طرابلس.

وامتد الصراع إلى مصلحة الأحوال المدنية حيث هاجمت الأحد الصديق الكبير. وقالت المصلحة في بيان إنها “تفاجأت من تصريحات المحافظ المتضمنة اتهاما صريحا بوجود تزوير في الأرقام الوطنية بمصلحة الأحوال المدنية”.

وأضافت المصلحة أن “الاتهام المذكور من المحافظ يتعلق بقضية الهوية الليبية وهي أهم قضية على الصعيد الوطني” مؤكدة أنها “طالبت بموجب كتابات رسمية مصرف ليبيا المركزي بعقد اجتماعات مشتركة وإبداء أي ملاحظات أواستفسارات، لكن تلك الدعوات المتكررة قوبلت بالإهمال واستمرار حملة الاتهام والتشكيك في أهم مؤسسة فنية يقوم على عملها ومصداقيتها تحديد الشخصية الليبية”.

وكان الصديق الكبير أعلن إيقاف صرف منح سنوية للعائلات تقدر بـ500 دولار للفرد، بسبب وجود تزوير في منظومة الرقم الوطني.

ولا يستبعد مراقبون أن يكون هذا الموقف الجديد نتاج ضغوط دولية فرضت على حكومة الوفاق لاسيما بعد تصنيف ليبيا على القائمة السوداء من قبل الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى دعوات أطلقتها الدول الست الكبرى مايو الماضي تنادي بضرورة وقف إهدار المال العام في ليبيا.

4