السخرية أسلوب فعال يتبعه المصريون للتخفيف من معاناة قطع الكهرباء

القاهرة - يعبر المصريون عن غضبهم من انقطاعات التيار الكهربائي منذ حوالي أسبوعين بالسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، في ظل موجة حرّ شديدة تضرب البلاد، لاسيما بعد سنوات من عمل السلطات على مرفق الكهرباء بكلفة بلغت المليارات من الدولارات.
وأعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي الخميس استمرار قطع الكهرباء في أنحاء البلاد بهدف تخفيف الأحمال عن الشبكة بسبب الطقس الحار غير المسبوق، طالبا من موظفي الحكومة العمل من المنزل يوم الأحد من كل أسبوع خلال الشهر المقبل.
وتشهد مصر، مثل الكثير من دول العالم، موجة حر بدأت قبل عشرة أيام، مع بلوغ درجات الحرارة نهارا أكثر من 45 درجة مئوية، بحسب هيئة الأرصاد المصرية.
وأوضح مدبولي خلال مؤتمر الخميس أن انقطاع الكهرباء قد يتراوح بين ساعة أو ساعتين في اليوم “على الأكثر”. ولكن خلال الأيام الماضية أكدّ سكان سواء في دلتا النيل أو الجنوب أو أحياء في العاصمة أن الانقطاع تجاوز ساعتين وذلك مرارا في اليوم الواحد.
واستغلت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تابعة للإخوان هذا الغضب للتحريض على الدولة وتدشين هاشتاغات تدعو إلى الثورة والخروج ضد النظام، خصوصا أن انقطاع التيار الكهربائي أعاد إلى الأذهان الأزمة التي شهدتها البلاد خلال عهد الرئيس الإسلامي الراحل محمد مرسي عندما فجّر الانقطاع في الكهرباء ونقص المحروقات غضبا عارما بين المصريين دفعهم إلى التظاهر ضد حكم مرسي إلى أن عزله الجيش في يوليو 2013.
وردت مغردة على هذه الدعوات بنشر فيديو لمصري يعيش في الولايات المتحدة، وعلقت:
ورد ناشط قائلا:
وكتب مغرد:
ويعيد انقطاع التيار الكهربي إلى الأذهان الأزمة التي شهدتها البلاد خلال عهد الرئيس الإسلامي الراحل، محمد مرسي، عندما فجّر الانقطاع في الكهرباء ونقص المحروقات غضبا عارما بين المصريين دفعهم إلى التظاهر ضد حكم مرسي إلى أن عزله الجيش في يوليو 2013.
وطوّرت مصر قطاع الكهرباء من خلال التعاقد في 2015 مع شركة “سيمنز” الألمانية لبناء ثلاث محطات كهرباء عملاقة باستثمارات بلغت سبعة مليارات دولار تقريبا. فزادت قدرة شبكة الكهرباء إلى أن وصل إنتاجها حاليا إلى نحو 60 ألف ميغاوات لتغطي ضعف الاستهلاك، في مقابل 29 ألف ميغاوات خلال عامي 2012 – 2013.
وقبل أسبوع نشرت الشركة القابضة لكهرباء مصر بيانا مقتضبا يوضح للمواطنين خطة قطع التيار الكهربائي حتى يتسنى لهم الحذر والحفاظ على أجهزتهم المنزلية.
ولكن صيغة البيان كانت غير مفهومة بالنسبة إلى الكثير من المصريين. وجاء فيه “يتمّ الالتزام بتنفيذ برنامج تخفيف الأحمال طبقا للقدرات المطلوبة من كلّ تحكم” و”مع مراعاة البدء في الفصل بمدة زمنية 10 دقائق قبل رأس الساعة و10 دقائق بعدها، وألا تزيد مدة الفصل عن ساعة من وقت فصل التيار”.
لكن البيان لم يحدّد في أي ساعة سيتم هذا الفصل.
واستهل المصريون موجة السخرية من خلال تداول البيان الرسمي مصحوبا بمنشور آخر ساخر كُتب عليه “الترجمة”، وفيه “لا يأخذ أحد المصعد قبل عشر دقائق من أي ساعة وعشر دقائق بعدها.. فقد تُقطع الكهرباء لمدة لا تزيد عن ساعة.. وهكذا في كلّ ساعة من اليوم”.
وتساءل الإعلامي المصري عمرو أديب عبر برنامجه على فضائية “إم.بي.سي مصر” عن معنى البيان، قبل أن يوضحه له المتحدث باسم وزارة الكهرباء أيمن حمزة عبر مداخلة هاتفية. فضرب مثلا، قائلا “إذا كنا نتكلّم عن الساعة 12 (صباحا أو مساء)، هناك احتمالية كبيرة بانقطاع التيار الكهربائي في الفترة ما بين الساعة 11:50 و12:10. ولكن إذا تخطّت الساعة 12:15، فلن يشهد التيار انقطاعا”.
وكتب أحدهم على تويتر:
وتتالت التعليقات الساخرة على منصات التواصل الاجتماعي. وكتب نجيب ساويرس أحد أغنى رجال الأعمال في مصر عبر حسابه على تويتر تعليقا على الأزمة “عندما توفي إديسون مخترع الكهرباء عام 1931، أُطفئت كهرباء العالم لمدة دقيقة تكريما له”، مضيفا “مازالت مصر ولبنان يكرّمان الرجل كل يوم”.
وعلّق مستخدمون آخرون على فيسبوك قائلين “همّ يضحك”، في اجتزاء للمثل الشعبي العامي “همّ يضحك وهمّ يبكي”. وكتبت ناشطة:
وبمرارة يقول إسلام المصري البالغ من العمر 36 عاما لوكالة فرانس برس “لماذا نصدّر الغاز إلى أوروبا ونعيش في ظلام؟”. ويشير إلى قرار الحكومة استثناء المناطق الساحلية من جدول قطع الكهرباء لعدم التأثير على الحركة السياحية.
وقفز إنتاج الغاز في البلاد وفق السلطات إلى 69.2 مليار متر مكعب عامي 2021 - 2022، وصادرات الغاز الطبيعي بشكل غير مسبوق لتبلغ ثمانية مليارات دولار في هذين العامين، في مقابل 0.6 مليار دولار عامي 2013 - 2014.
وتشهد مصر التي يبلغ عدد سكانها 105 ملايين نسمة يعيش ثلثهم تحت خطّ الفقر، ظروفا اقتصادية قاسية.
وكانت صفحة “صحيح مصر” على فيسبوك أوردت تصريحا سابقا لوزير الكهرباء المصري محمد شاكر أدلى به في مارس وقال فيه إن “زمن تخفيف الأحمال لن يتكرّر في مصر مهما بلغت الأحمال على الشبكة القومية للكهرباء”. وقالت الصفحة “لكن يبدو أن الوزير لم يفِ بالوعد الذي قطعه”.