السحب من صندوق الأجيال يفجر أزمة جديدة بين الحكومة الكويتية والنواب

وزير مالية الكويت: السحب من صندوق الأجيال لسداد رواتب موظفي الدولة.
الثلاثاء 2021/02/23
رفض نيابي واسع لسحب الحكومة من "صندوق الأجيال"

الكويت - دافع وزير المالية الكويتي خليفة حمادة الثلاثاء على مشروع قانون تقدمت به الحكومة الكويتية يسمح لها بسحب 5 مليارات دينار كويتي (16.53 مليار دولار) من صندوق الأجيال بعد نفاد صندوق الاحتياطي العام، بعد أن أثار القانون عاصفة من الانتقادات في البرلمان.

وأكد وزير المالية الكويتي على ضرورة معالجة شح الموارد المالية ونفاد السيولة في الخزينة "صندوق احتياطي العام"، بالتعاون مع مجلس الأمة وفي أقرب وقت، وعلى ضرورة أن تصاحبها إصلاحات اقتصادية ومالية جذرية تسهم في تقليل المصروفات وزيادة الإيرادات غير النفطية.

وأضاف حمادة الثلاثاء أن إصدار السندات والسحب المنظم من صندوق الأجيال، ليس حلولا إصلاحية بل إجراءات مؤقتة يجب اتخاذها للوفاء بالالتزامات الفورية، والتي تتمثل بالرواتب والدعم التي تشكل أكثر من 71 بالمئة من إجمالي إنفاق الدولة.

وتحاول الكويت تغطية عجز الميزانية العامة من خلال مبادلة بعض الأصول والسحب من صندوق الثروة السيادي، في وقت تدفع فيه المواجهة بين الحكومة والبرلمان مجلس الوزراء إلى البحث عن تدابير لتخفيف حدة الأزمة المالية التي تعيشها البلاد، بينما ما زالت الإصلاحات الهيكلية لا تحرز تقدما.

وأحال رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد إلى مجلس الأمة مشروع قانون لتعديل بعض أحكام المرسوم 106 بشأن احتياطي الأجيال، بما يسمح بمواجهة العجز في الميزانيات العامة للدولة، وسط رفض نيابي واسع للمشروع.

وحسب صحيفة القبس الكويتية فإن مشروع القانون يجيز للحكومة أخذ مبلغ لا يتجاوز 5 مليارات دينار سنويا لمواجهة أي عجز يطرأ على الاحتياطي العام.

وتابع حمادة أن إتاحة الخيار للحكومة في سحب من صندوق الأجيال لن يؤثر على نمو الصندوق والذي يتم عرض تفاصيل أداءه سنويا على مجلس الأمة.

وأضاف "نتوقع عجزاً تراكمياً بقيمة 55.4 مليار دينار(الدينار يساوي 3.3 دولار)، في السنوات الخمس المالية بين "2021-2020" و "2024 و 2025"، بإجمالي مصروفات تبلغ 1ر114 مليار دينار منها 81 مليار دينار للإنفاق على الرواتب والدعوم ونحن مسؤولون عن الوفاء بهذه الالتزامات دون أي تقصير أوضرر.

وأوضح أن "المركز المالي للكويت قوي ومتين، كونه مدعوم بالكامل من صندوق احتياطي الأجيال القادمة، والذي يشهد نمواً مستمراً، وأن هدفنا اليوم هو حماية المواطنين ذوي الدخل المتدني والمتوسط من المساس وتسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية لضمان رفاهية المواطنين".

ورفض أكثر من 18 نائبا القانون المقترح، موجهين سهام انتقاداتهم لسياسة الحكومة، واعتبروا أن الخطوة تشكل دليلا على فشلها في إدارة الوضع الاقتصادي وهدر أموال البلاد.

وفور إعلان الحكومة تقديم القانون الخاص بتعديل قانون احتياطي الأجيال القادمة، هاجم نواب مجلس الأمة القانون المقترح، وأكدوا أنهم لن يسمحوا للحكومة بالمساس باحتياطي الأجيال القادمة الذي وصفوه بأنه صمام "أمان الاقتصاد الكويتي"، ودعوا الحكومة إلى مراجعة الهدر في مؤسساتها ومحاربة الفساد.

وتنذر هذه التجاذبات بتعميق حدة الخلافات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، حيث تشهد العلاقة بينهما تصدعا منذ أشهر.

وأكد النائب مهند الساير أن العبث في الحاضر والمستقبل أصبح عنوان المرحلة، قائلا "لن نقبل بمرور هذا النوع من التخبط المالي، الذي يعكس سلطة لا تملك بعد نظر ولا رؤية واضحة".

وشدد النائب ثامر السويط على رفضه لمشروع الحكومة بسحب 5 مليارات من صندوق الأجيال القادمة، "فالحكومة العاجزة لن تأتي إلا بحلول عاجزة".

ولم تلجأ الحكومة إلى صندوق الأجيال القادمة إلا مرة واحدة كانت خلال حرب الخليج الأولى، والصندوق الذي تديره الهيئة العامة للاستثمار الكويتية مخزنا للثروة يمكن استخدامه عند نفاد النفط.

ونقلت رويترز عن مصدر وصفته بالمطلع قوله إن مشروع القانون ربما لا ينال الموافقة وربما يزيد الجمود التشريعي الكويتي بشأن الموافقة على قانون الدين العام الذي سيسمح للبلاد بالاقتراض.

وأوقف مجلس الأمة الكويتي مرارا مشروع قانون الدين العام الذي من شأنه أن يسمح للكويت بطرق أسواق الدين العالمية، لكن هذه المسألة صارت ملحة بعد أن فرض انخفاض أسعار النفط وتفشي وباء كوفيد - 19 ضغوطا على المالية العامة، وأديا إلى استنفاد سريع للاحتياطيات النقدية المتاحة.

واعتبر مصدر حكومي أن "خمسة مليارات دينار لن تحل المشكلة، فالحكومة يجب أن تحل الإخلالات عبر الإجراءات الأخرى، وهذا لا يشكل بديلا عن قانون الدين العام الذي يجب أن يقره البرلمان". وأضاف "الحكومة ليست لديها خيارات أخرى غير المضي في خطوات الإصلاح الاقتصادي".

وقال حسنين مالك، رئيس استراتيجية الأسهم في شركة تيليمر، "إن الإخفاق في إدارة المالية العامة للحكومة بكفاءة لن يؤدي إلى أزمة اقتصادية، لأن صندوق الثروة السيادي كبير جدا، لكنه يقلص التوقعات بشأن ما يمكن أن تحققه الدولة بشكل أكبر بخلاف عائدات النفط".