السحب من إرث مضاد للعنصرية يسمم علاقات جنوب أفريقيا مع العالم

واشنطن- جوهانسبرغ- قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن الولايات المتحدة طردت سفير جنوب أفريقيا إبراهيم رسول، واصفا إياه “بالسياسي المحرض على العنصرية” الذي يكره أميركا والرئيس دونالد ترامب.
ويعزو مراقبون هذا التوتر إلى سياسة جنوب أفريقيا التي تعمل على توظيف إرث معاداة العنصرية لتسميم علاقاتها الخارجية تحت عناوين مختلفة لتنقلب إلى سياسة تمييز ضد الآخرين باعتماد شعارات أو مقاييس قديمة، مشيرين إلى الاستمرار بالسحب على المكشوف من ارث مضاد للعنصرية لممارسة سلوك عنصري لم تعد مقبولة.

باتريك جاسبارد: العلاقات بين البلدين وصلت إلى أدنى مستوياتها
وسبق أن استخدمت جنوب أفريقيا هذه السياسة التمييزية، التي تستثمر نضال البلاد ضد العنصرية في التفريق بدل التجميع. وحصل هذا في أفريقيا أولا، وعانت منها دول مثل المغرب، حيث دعمت جنوب أفريقيا حركة بوليساريو الانفصالية بدل دعم وحدة المغرب.
وتريد جنوب أفريقيا تعميم تلك السياسة ضد أيّ دولة تختلف معها في تقدير موقف من قضية معينة. لكن الولايات المتحدة رسمت خطا على الأرض لا يسمح لجنوب أفريقيا باستعمال نفس الأسلوب لتحقيق مكاسب سياسية، كما فعلت عند محاولتها الاستفادة من مسألة المحكمة الدولية وإسرائيل.
وقررت واشنطن طرد سفير جنوب أفريقيا إبراهيم رسول متهمة إياه بأنه “يكره” الولايات المتحدة ورئيسها دونالد ترامب، في خطوة اعتبرتها بريتوريا مؤسفة.
وأعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو هذا الإجراء ليل الجمعة، مؤكدا أن رسول بات “شخصا غير مرغوب فيه” في الولايات المتحدة.
وكتب الوزير على منصة إكس إن السفير “سياسي يؤجج التوترات العرقية يكره الولايات المتحدة والرئيس” ترامب.
وأضاف روبيو “ليس لدينا ما نناقشه معه، وبالتالي فهو يعتبر شخصا غير مرغوب فيه“.
وتدهورت العلاقات بين الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا منذ أن خفّض ترامب المساعدات المالية الأميركية للبلد الأفريقي، مشيرا إلى رفضه لسياستها المتعلقة بالأراضي ولدعوى الإبادة الجماعية المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، حليفة واشنطن.

إيلون ماسك: أصحاب البشرة البيضاء في جنوب أفريقيا ضحايا لقوانين الملكية العنصرية
وفي بيانين للرئاسة ووزارة العلاقات الدولية، وصفت جنوب أفريقيا الإجراء بأنه مؤسف، لكنها قالت إنها لا تزال ملتزمة ببناء علاقات مفيدة للطرفين وستتناول المسألة عبر القنوات الدبلوماسية.
وأعاد روبيو نشر مقال السفير رسول الذي قال فيه إن ترامب يقود حركة “لتفوق” العرق الأبيض.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن السفير ملزم بمغادرة البلاد بحلول 21 مارس.
وذكر موقع سيمافور الإخباري الأسبوع الماضي أن رسول لم يشارك في اجتماعات اعتيادية مع مسؤولي وزارة الخارجية وشخصيات جمهورية بارزة منذ تولي ترامب منصبه في يناير.
وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أن واشنطن تراجع سياستها مع جنوب أفريقيا، مشيرا إلى سياسة مصادرة الأراضي وتنامي علاقات جنوب أفريقيا مع بلدان مثل روسيا وإيران و”النهج العدائي” تجاه الولايات المتحدة وحلفائها.
وقال باتريك جاسبارد، وهو سفير سابق للولايات المتحدة لدى جنوب أفريقيا، إن العلاقات بين البلدين وصلت إلى “أدنى مستوياتها.”
أضاف “هناك أمور كثيرة على المحك، ولا يمكن تفويت العمل على إصلاح هذه الشراكة“.
ووفقا لموقع سفارة جنوب أفريقيا الإلكتروني، قدم رسول أوراق اعتماده للرئيس الأميركي السابق جو بايدن في 13 يناير، أي قبل أسبوع من تولي ترامب منصبه. وهذه هي المرة الثانية التي يشغل فيها رسول منصب سفير جنوب أفريقيا في واشنطن.
وقال ترامب، دون تقديم أدلة، إن “جنوب أفريقيا تصادر الأراضي” وإن “فئات بعينها من الناس” تتلقى معاملة “سيئة للغاية“.
ويقول الملياردير إيلون ماسك المولود في جنوب أفريقيا والمقرب من ترامب إن أصحاب البشرة البيضاء في جنوب أفريقيا ضحايا “لقوانين الملكية العنصرية“.
ووقع رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوسا في يناير مشروع قانون يهدف إلى تسهيل مصادرة الدولة للأراضي للمصلحة العامة، وفي بعض الحالات دون تعويض المالك.
ودافع رامابوسا عن هذه السياسة، مؤكدا أن الحكومة لم تصادر أيّ أراض. وأضاف أن هذه السياسة تهدف إلى معادلة الفوارق العرقية في ملكية الأراضي في الدولة ذات الأغلبية من أصحاب البشرة السوداء.
وعرض ترامب إعادة توطين المزارعين البيض من جنوب أفريقيا وعائلاتهم كلاجئين. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن الوزارة تنسق مع وزارة الأمن الداخلي وإنها بدأت تنفيذ الخطة، مضيفا أن المقابلات الأولية جارية.