السامريون يقضون سبعة أيام في الجنة بعيدا عن كورونا

السامريون يسعون إلى بناء عُرش مميزة في منازلهم، تعلق عليها الفواكه، بأشكال هندسية متقنة، لقضاء أسبوع كأنه في الجنة.
الأحد 2020/11/01
سعي مستمر لبناء عرش مميز

لم تتخلف أصغر طائفة في العالم عن الاحتفال بثاني أهم أعيادها رغم تفشي فايروس كورونا بين أفرادها، حيث حرصوا على تحويل منازلهم إلى عروش تعلق عليها الفواكه ليقضوا سبعة أيام أسفلها يتسامرون ويأكلون وكأنهم في الجنة.

نابلس (فلسطين) – تحتفل الطائفة السامرية في الضفة الغربية بداية من السبت، ولمدة سبعة أيام بعيد “العُرش”، ثاني أكبر أعيادها في ظل أجواء استثنائية فرضها فايروس كورونا المستجد.

وأصيب خلال الأسابيع السابقة 60 فردا من الطائفة القاطنين على قمة “جبل جرزيم” بمدينة نابلس بكورونا، تعافى غالبيتهم.

ويسعى السامريون لبناء عُرش مميزة في منازلهم، تعلق عليها الفواكه، بأشكال هندسية متقنة، لقضاء أسبوع كأنه في الجنة. ويشارك أفراد العائلات كافة في بناء العُرش، وتتحول منازلهم خلال الإعداد إلى خلايا نحل.

ففي اليوم الأول من عيد العُرش، يجب على كل سامري أن يقيم معرشا معلقا في سقف منزله مكونا من أشكال شتى من أنواع الفاكهة بشكل هندسي وفني جميل، إذ يتسابق البعض منهم في إظهار مدى جمالية معرشه لهذه المناسبة. ويجلس رب الأسرة السامري مع أفراد عائلته تحت العُرش، يشرح لهم ما حل ببني إسرائيل من قبل فرعون بمصر، وخروجهم من مصر والمصير الذي لاقوه بعد ذلك.

والطائفة السامرية هي مجموعة عرقية دينية تنتسب إلى بني إسرائيل، وتختلف عن اليهود إذ يتبعون الديانة السامرية المناقضة لليهودية، رغم اعتمادهم التوراة (كتاب اليهود المقدس).

والسامريون يعتبرون توراتهم هي الأصح وغير المحرفة، وأن ديانتهم هي ديانة بني إسرائيل الحقيقية.

ويقدس السامريون جبل جرزيم بمدينة نابلس، وتربطهم علاقات اجتماعية وصداقة مع الفلسطينيين. ويمثل هذا الجبل الذي يحمل أسماء أخرى منها الطور والبركة، قبلة الطائفة السامرية التي تؤمن بأنه مكان مقدس وتقيم طقوسها الدينية عليه كما كانت تقام قبل الآلاف من السنين.

ويعد عيد العُرش “المظلات” ثاني أكبر عيد للطائفة السامرية التي يبلغ تعدادها 820 نسمة، مقسمين بين قمة جبل جرزيم بنابلس ومدينة حولون بالداخل الفلسطيني.

عيد العُرش يستمر سبعة أيام
عيد العُرش يستمر سبعة أيام

ويبدأ عيد العُرش السبت، على أن يستمر سبعة أيام، يحج خلاله السامريون لقمة جرزيم اعتقادا منهم بأنها بوابة السماء، ويتزاورون طيلة أيام العيد.

وقال السامري ضياء الكاهن بينما كان يعد عرشا من أجود أنواع الفواكه، في منزل عائلته على قمة جبل جرزيم بمدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، “العيد هذا العام مغاير، هناك صعوبات بسبب فايروس كورونا”.

وأضاف “أقول للجميع لا تستهتروا خذوا حذركم”. وأصيب الكاهن واثنان من أبنائه بكورونا، قبل عدة أسابيع، بحسب قوله.

وتابع الكاهن (43 عاما) “نسعى لأن يكون لدينا عرش جميل كما طلب منا رب العالمين، لا بد أن نحتفل بالعيد رغم كورونا”.

وتساند ميلا بنت السابعة والدها الكاهن في تعليق الفواكه، قائلة “أساعد في تعليق الفواكه، وأخرج مع أصدقائي نلهو”، مؤكدة “لا أخشى كورونا نريد أن نحتفل بالعيد”، غير أن والديها لا يوافقان الرأي.

وأشار كاهن الطائفة السامرية حسني السامري “هذا العام العيد ليس للناس، هذا عيد لله، الأجواء استثنائية، ونحن غير قادرين على التواصل الاجتماعي كما في السابق، نخشى على الأطفال وكبار السن”، مضيفا “هذا الوباء غضب من الله لأن البشر ابتعدوا وطغوا، ندعو الله أن ينتهي الوباء مع نهاية العام”.

وأوضح السامري طقوس عيد العُرش قائلا “نعيّد 7 أيام كأننا في الجنة، نمضي أوقاتنا أسفل العُرش، نأكل نتسامر، نغني نبتهل لله، وننام”.

وتابع “العيد هو تخليد لذكرى خروج بني إسرائيل من مصر، والتّيه في صحراء سيناء تحت أشعة الشمس حيث وقاهم الله بغيوم تحميهم”، لافتا إلى أن “الله طالب بني إسرائيل صناعة العُرش عند وصولهم للأراضي المقدسة فلسطين”.

والعُرش مصنوعة من أربعة أصناف هي كفوف النخيل وأغصان الغار وثمر الحقل وثمرة الترنج “ليمون بحجم كبير”.

ويهدف السامريون بصنع العُرش من هذه الأصناف إلى التعرف على مختلف مناطق الأراضي المقدسة لأن هذه المكونات لا تتوفر بمكان جغرافي واحد بفلسطين.

ويحتفل السامريون بسبعة أعياد هي “الفسح (أكبر أعياد الطائفة)، وعيد أكل الخبز العويس، وعيد رأس السنة، وعيد الحصاد، وعيد الغفران، وعيد العُرش، وعيد شموني (فرحة التوارة)”.

وآمنت هذه الطائفة بالنبي موسى واتخذت التوراة كتابا مقدسا (الأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم فقط)، ويعتقد السامريون أنهم يملكون النسخة الأصلية للتوراة التي يعود تاريخها إلى ما يزيد على 3600 عام ومكتوبة على جلد غزال.

وتحافظ الطائفة السامرية على طابعها وتراثها وعاداتها حيث يقوم أفراد الطائفة بدراسة الدين واللغة العبرية القديمة من خلال كهنتهم الذين يقطنون على قمة جبل جرزيم، والذي يعد بالنسبة لهذه الطائفة هو “القبلة لصلاتهم”.

ولا يرى السامريون أنفسهم أقلية في المجتمع الفلسطيني، حيث قال الكاهن السامري “نحن جزء من الشعب الفلسطيني، صحيح أن عددنا كطائفة دينية قليل، ولكننا جزء من هذا الشعب”. ويشارك المسلمون أبناء الطائفة السامرية في تهنئتهم بالعيد، فيتبادلون الزيارات والتهاني، فيما تحرص بعض العائلات السامرية على توزيع الفاكهة المعلقة في “عرش” العيد على أصدقائها المسلمين بعد انتهاء أيام العيد.

24