الساسة يحاولون تجنب أزمة خلو منصب حاكم مصرف لبنان

موقف حزب الله قد يطيح بجهود ميقاتي لتعيين حاكم جديد.
الخميس 2023/07/27
من يتحمل وزر سلامة؟

ينوي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي القيام بواجباته الحكومية التي تقضي بتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، لكن أمر هذا التعيين يقع على عاتق القوى السياسية التي تتشارك في الحكومة، وهي تستطيع أن تسهّل أو تعرقل العملية.

بيروت - يسارع مسؤولون في لبنان في اللحظات الأخيرة لتجنب خلو منصب حاكم مصرف لبنان المركزي عندما تنتهي ولاية رياض سلامة في هذا المنصب الأسبوع المقبل بعد أن قضى فيه 30 عاما، لكن موقف حزب الله الرافض لتعيين حاكم جديد يهدد بدخول البلاد في أزمة جديدة وشيكة. واحتمال خلو هذا المنصب في بلد تعصف به الأزمات أن يضاعف المخاوف بشأن المزيد من الانقسام في البلاد، التي تتجه نحو عام خامس من أزمة اقتصادية ومالية طاحنة.

ورغم تناقص الوقت المتبقي بسرعة، بقيت الخلافات والانقسامات بين السياسيين بشأن تعيين من يخلف سلامة أو السماح لنائبه الأول بالقيام بمهامه كما ينص القانون، بما يعكس خلافا أوسع ترك أيضا منصب رئيس البلاد شاغرا كما ترك البلاد دون حكومة فاعلة، في ظل تولي حكومة تصريف أعمال منذ ما يزيد عن عام.

وتعارض جماعة حزب الله التي تتمتع بنفوذ واسع ومدعومة من إيران والتيار الوطني الحر حليفها المسيحي تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، بينما يقود رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي جهود تعيين من يخلف رياض سلامة.

علي حمدان: بري يدعم تعيين حاكم جديد لتفادي وقوع الأسوأ
علي حمدان: بري يدعم تعيين حاكم جديد لتفادي وقوع الأسوأ

وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن ميقاتي ونائبه سعادة الشامي ووزير المالية يوسف خليل اجتمعوا الأربعاء مع نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة وهم وسيم منصوري وبشير يقظان وسليم شاهين وألكسندر مراديان. وهدد الأربعة في وقت سابق من هذا الشهر بالاستقالة إذا لم تتم تسمية من سيخلف سلامة، مما يهدد بفراغ كامل في المناصب العليا في مصرف لبنان المركزي، في وقت تتفاقم فيه أزمات الاقتصاد.

ويتم اختيار من يشغلون المناصب الكبرى في مصرف لبنان المركزي وفقا لنظام المحاصصة الطائفية الذي يحدد أيضا المناصب العليا في البلاد. فالحاكم يجب أن يكون كاثوليكيا مارونيا، بينما يجب أن يحصل النواب الأربعة، وهم واحد من الشيعة وواحد من السنة وواحد من الدروز وواحد من الأرمن الكاثوليك، على موافقة الزعماء السياسيين الذين يمثلون طوائفهم.

وكان بري، رئيس مجلس النواب (البرلمان) وزعيم حركة أمل الشيعية، قد سمى منصوري لمنصب النائب الأول لحاكم مصرف لبنان. وقال مصدر مقرب من منصوري "بري يدعم بالفعل وزير المالية والمدعي العام المالي. لذا فهو لا يريد أن يتسلم منصوري كرة النار لأنه لا يريد أن يُنظر إليه على أنه مسؤول عن أي تدهور اقتصادي إضافي".

ودعا ميقاتي مجلس الوزراء إلى عقد اجتماع اليوم الخميس لمناقشة مسألة تسمية حاكم جديد لمصرف لبنان. وقال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله إن حكومة تصريف الأعمال لا يحق لها تعيين من يشغل هذا المنصب. ويتفق التيار الوطني الحر مع ذلك ويقول إنه يريد تعيين مراقب قانوني مسيحي ليدير مصرف لبنان.

ونفى علي حمدان، وهو مستشار كبير لرئيس البرلمان، أن يكون موقف بري مستندا إلى مخاوف من حدوث رد فعل سلبي. وقال حمدان "يدعم السيد بري تعيين حاكم جديد لتفادي وقوع الأسوأ ولأن هذه هي الكيفية التي يفترض أن تسير بها الأمور. تملك الحكومة القدرة على فعل ذلك، حتى إن كانت حكومة تصريف أعمال، لأن هذا أمر ينبغي للحكومة توليه، وليس لأن الموقف قد يسوء إذا ما عُيّن منصوري".

وأفادت مصادر لبنانية بأن هناك انقساما بين نواب حاكم مصرف لبنان الـ4 بين من يريد الاستقالة ومن لا يريد وهم ينتظرون جواب مجلس شورى الدولة حول الغطاء القانوني. وشدّد نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال سعادة الشامي، الثلاثاء، على أنّه لا خيار أمام نواب حاكم مصرف لبنان إلا بتولي مهامه، بعد انتهاء ولايته آخر الشهر الحالي، وتعذّر تعيين بديل عنه في بلد تنهشه أزمات متعددة.

وقال الشامي "نحن بحاجة إلى تعيين حاكم لمصرف لبنان بالتشاور مع كل الفرقاء السياسيين"، مقرا في الوقت ذاته بوجود "صعوبة لأن الظروف غير مهيئة لتعيين حاكم جديد خلال أسبوع". وأضاف “في هذه الأثناء، يمكننا أن نواصل البحث في الموضوع وأن يستلم نائب الحاكم الأول وفق قانون النقد والتسليف". وبحسب قانون النقد والتسليف، يُعيّن الحاكم لست سنوات بمرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية، على أن يؤدي القسم أمام رئيس الجمهورية.

وفي حال شغور المنصب، يتولى نائب الحاكم الأول، وهو المنصب الذي يشغله حاليا وسيم منصوري، مهام الحاكم ريثما يعين بديل. وألقت اتهامات لسلامة في الداخل والخارج باختلاس أموال عامة بظلالها على فترة ولايته الممتدة منذ 30 عاما. وينفي سلامة التهم الموجهة إليه.

ويُحّمل الكثير من اللبنانيين سلامة مسؤولية الانهيار المالي الذي بدأ في 2019 إلى جانب النخب الحاكمة. ويقول سلامة إنه كبش فداء لهذا الانهيار الذي أعقب ممارسات تتسم بالفساد والهدر في الإنفاق على مدى عقود من النخبة الحاكمة.

2