الزلزال يزلزل "قيصر" بعد إعلان واشنطن مساعدة سوريا وليس الأسد

واشنطن – أكدت الولايات المتحدة الثلاثاء أنها تعمل مع منظمات غير حكومية محلية في سوريا لمساعدة ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا أيضا، مجددة رفضها لأي علاقة بالحكومة في دمشق، في وقت ارتفعت حصيلة القتلى في البلدين المجاورين إلى أكثر من 11200 شخص، من بينهم 2574 على الجانب السوري، فيما تسابق عناصر الإنقاذ الزمن لإخراج العالقين تحت الأنقاض.
ويأتي هذا الإعلان بعد أن وجهت انتقادات للولايات المتحدة لمساعدتها تركيا رغم التوتر القائم في العلاقات، فيما تتغاضى عن إغاثة سوريا المنكوبة والتي تعاني من حصار منذ 12 عاما بسبب العقوبات الأميركية والأممية.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للصحافيين "في سوريا نفسها لدينا شركاء إنسانيون تمولهم الولايات المتحدة ويقدمون مساعدات لإنقاذ حياة المتضررين".
وأضاف "نحن مصممون على تقديم هذه المساعدة من أجل مساعدة الشعب السوري على تجاوز هذه المحنة"، مشددا على أن "هذه الأموال ستذهب بالطبع إلى الشعب السوري وليس إلى النظام" في دمشق.
وكان رئيس عمليات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "يو.أس أيد" ستيفن ألن صرح في أنقرة بأن "كل جهودنا الإنسانية موجهة الآن نحو شمال غرب سوريا".
وأضاف ألن أن المساعدات الأميركية تتألف من دعم من فرق الإنقاذ وتوفير المأوى والطعام. لكنه رفض تحديد هؤلاء الشركاء من المنظمات غير الحكومية لأسباب أمنية.
وأشار أيضا إلى أن الجزء الأكبر من الدمار في سوريا سجل في مناطق لا يسيطر عليها الرئيس بشار الأسد، في بلد مزقته 12 عاما من الحرب.
ولا تعترف الولايات المتحدة بحكومة دمشق وترفض أي تطبيع أو مساعدة مباشرة لإعادة الإعمار. وأعلنت إرسال فريقي إنقاذ إلى تركيا سيصلان، على حد قوله ألن، صباح الأربعاء ويتوجهان إلى بلدة أديامان التركية حيث كانت جهود البحث محدودة حتى الآن.
وأوضح أن الفريقين اللذين سيصلان على متن طائرتي نقل "سي - 130" يتألفان من 158 شخصا و12 كلبا وحوالي 77 طنا من المعدات.
وقال ألن للصحافيين "ما نركز عليه الآن في تركيا هو نشر هذه الفرق وإنقاذ الأرواح، بصراحة". وأضاف "إذا كانوا بحاجة إلى مساعدة إضافية للسكان الذين ليس لديهم سكن أو يحتاجون إلى مساعدة فورية، فنحن بالتأكيد على استعداد لتقديمها".
وكانت وزارة الخارجية السورية اتهمت في بيان الثلاثاء الولايات المتحدة بـ"تضليل الرأي العام العالمي بشأن العقوبات الاقتصادية على الشعب السوري"، نافية صحة الحديث عن أنه ليس هناك في "قانون قيصر" والعقوبات الأميركية، ما يمنع المساعدات الإنسانية الطارئة والأدوية عن الشعب السوري.
وذكرت الخارجية السورية أن السوريين أثناء مواجهتهم لكارثة الزلزال "يحفرون أحيانا بين الأنقاض بأيديهم، لأن أدوات رفع الأنقاض محظورة عنهم، ويستخدمون أبسط الأدوات القديمة لإنقاذ شخص يستغيث تحت الركام، لأنهم معاقبون أميركيا، وتمنع عنهم التجهيزات والمعدات المطلوبة".
ولفتت إلى أن السوريين "ممنوعون من الحصول على الأدوية والأجهزة الطبية التي يمكن أن تساعدهم على مواجهة الأخطار والأمراض، وأجهزة وأدوية علاج السرطان خير دليل على ذلك".
وبدأ في السابع عشر من يونيو 2020 العمل رسميا بـ"قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا"، الذي أقره الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في ديسمبر 2019، بموافقة ودعم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
وتسعى الولايات المتحدة من خلال التشريعات الصارمة التي يتضمنها "قانون قيصر" إلى زيادة العزلة المالية والاقتصادية والسياسية التي تعانيها أساسا الحكومة السورية، وكذلك محاصرة ومعاقبة حلفاء الأسد، بغية إجباره على القبول بالحل السياسي للأزمة السورية على أساس قرار مجلس الأمن 2254.
ويطاول "قانون قيصر" الجهات الدولية والإقليمية كافة، التي تتعاون مع الحكومة السورية بشكل مباشر وغير مباشر، أو تسهم في حملاتها العسكرية، وهو ما يحرمها من إمكان الالتفاف على العقوبات التي تستهدف أيضا أي تعامل مع إيران أو الأطراف والجهات الإقليمية والدولية إذا فكرت في الاستثمار في سوريا أو العمل فيها.
وبينما يحصد عداد الموت المزيد من الضحايا في تركيا وسوريا جراء الزلزال المدمر الذي ضرب البلدين فجر الاثنين، يواصل عمال وفرق الإنقاذ سحب الجثث والبحث عن ناجين.
وقال مسؤولون وعاملون طبيون إن 8574 شخصا قضوا في تركيا و2662 في سوريا، ما يرفع حصيلة القتلى الإجمالية إلى 11236.
وتقدّمت سوريا بطلب مساعدة رسمي من الاتحاد الأوروبي بعد الزلزال العنيف الذي ضربها وتركيا، على ما أعلن الأربعاء المفوض الأوروبي يانيز ليناركيتش.
وقال ليناركيتش المسؤول عن إدارة الأزمات خلال مؤتمر صحافي إن المفوضية الأوروبية "تشجّع" الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على الاستجابة لطلب سوريا للحصول على معدات طبية وأغذية، مع المراقبة للتأكد من أن أي مساعدات "لن يتم استخدامها لأغراض أخرى" من قبل حكومة دمشق الخاضعة للعقوبات.
وسارع الاتحاد الأوروبي إلى إرسال فرق إنقاذ إلى تركيا بعد الزلزال الهائل بقوة 7.8 درجة الذي ضرب البلاد الاثنين بالقرب من الحدود مع سوريا.
لكنه في بادئ الأمر قدم مساعدة صغيرة لسوريا من خلال برامج المساعدة الإنسانية القائمة بالأساس، بسبب العقوبات الأوروبية المفروضة منذ العام 2011 على حكومة الرئيس بشار الأسد على خلفية قمع المعارضة الذي تحول إلى حرب أهلية.
ورغم ذلك، قالت بروكسل إن الباب مفتوح للحكومة السورية لطلب المساعدة جرّاء الزلزال.
وبعدما تقدّمت دمشق بطلبها عبر آلية الحماية المدنية التابعة للاتحاد الأوروبي، دعت المفوضية الأوروبية، وفق ليناركيتش، الدول الأوروبية إلى "الاستجابة إيجابا لهذا الطلب".
ومن ضمن المساهمين في هذه الآلية الدول الـ27 في الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى ثماني دول مجاورة غير منتسبة للتكتّل، منها النروج وتركيا.
وأشار ليناركيتش إلى أن سوريا طلبت "قائمة طويلة من الأغراض".
وأضاف "هم بحاجة إلى مساعدة في جهود خدمات الإنقاذ الخاصة بهم في البحث عن الأشخاص المحاصرين تحت الأنقاض وإنقاذهم. إنهم بحاجة إلى العديد من المواد الطبية والأدوية والمعدات الطبية. إنهم بحاجة إلى مواد غذائية وما شابه - مواد إغاثة طارئة".
وتابع "من المهم أيضا ضمان أن تذهب هذه المساعدة إلى الناس الذين هم بحاجة إليها وألّا تُستخدم لأغراض أخرى، وأريد أن أشدّد على ذلك. سنراقب ذلك".
وتستهدف العقوبات الأوروبية على سوريا مسؤولين وعسكريين وشركات وأصحاب أعمال.
وذكّر المفوض الأوروبي بأن "الوضع الإنساني في سوريا قاتم منذ أكثر من عقد، والزلزال الأخير أدى إلى تفاقم هذا الوضع الإنساني المأساوي بالأساس".
وبحلول الأربعاء، أرسلت عشرون دولة من دول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى ثلاث دول أوروبية ما مجموعه 1500 عامل إنقاذ وطواقم طبية لتركيا و100 كلب بحث وإنقاذ، للبحث عن ناجين من الزلزال، وفق ليناركيتش.