الزراعة المائية تفتح آفاقا واسعة للأمن الغذائي الخليجي

أبوظبي – يعلم رجل الأعمال البحريني محمود ألماس أن واحدة من أهم العقبات التي ستواجه دول الخليج على المدى البعيد، هي قضية تأمين الغذاء للجيل القادم، لذلك قام بتأسيس شركة “بيغاسوس أغريكلتشر” في دبي، تعمل في الزراعة المائية.
وتُستخدم الزراعة المائية أو الزراعة بلا تربة (هيدروبونيك) لزراعة المحاصيل في محلول مائي غني بالعناصر الغذائية التي يحتاجها النبات، كما ترشد الزراعة بهذه الطريقة حوالي 90 بالمئة من استهلاك المياه المستخدمة بالطرق التقليدية.
ويعتبر ألماس، وهو طيار متقاعد من شركة طيران الخليج، المشروع الذي أطلقه في عام 2013، نقطة بداية فقط لمساعدة دول الخليج وبقية دول الشرق الأوسط على تلبية احتياجاتها الغذائية مستقبلا.
وقال ألماس إن “الزراعة المائية تعد خطوة للأمام ولا سيما مع نقص المياه وظهور المخاوف المتعلقة بالأمن الغذائي، وهي قضية طويلة الأجل، ولكن قضية المياه هي القضية الأهم الآن”.
ويؤكد ألماس، الذي تعمل عائلته في قطاع الأغذية منذ أربعة عقود، أنه كان دائم التفكير بالزراعة والغذاء أثناء عمله بمجال الطيران، وقد أدرك أنه رغم ظروف الطقس في منطقة الخليج، إلا أن هناك العديد من الخيارات الأخرى التي يمكن للمنطقة أن تقدمها.
وكان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات، مهتما جدا بالقضية حتى أنه قبل تأسيس دولة الإمارات عام 1971، دعا فريقا بحثيا من جامعة أريزونا لإنشاء مزرعة مائية في أبوظبي.
وقال الخبير براندون ميريل في تقرير بعنوان “الزراعة المائية تنتج محاصيل دون تربة وباستخدام المياه فقط” أصدرته جامعة أريزونا في مايو 2011، إن “الزراعة المائية تتيح للمزارعين فرصة التكيف مع جميع الأحوال المناخية سواء كان الطقس المتجمد في القارة القطبية الجنوبية أو رياح صحراء السعودية”.
|
وأفادت “أكوا ستات”، وهي جزء من منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، أن 69 بالمئة من المياه العذبة في باطن الأرض تُستهلك في الزراعة التقليدية القائمة على استخدام التربة.
وفي تقرير نُشر عام 2014 بعنوان “مستقبل المياه الدولية: تقييم متكامل”، ذكر معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أنه بحلول عام 2050 سيعيش أكثر من 50 بالمئة من سكان العالم في مناطق تشح فيها إمدادات المياه العذبة.
وقال ألماس “يجب على الشركات أن تتطلع إلى تعزيز تكنولوجيا استخدام المياه بكفاءة. هنا في بيغاسوس، ننفق الكثير من المال على البحث والتطوير للحد من استهلاك الطاقة الكهربائية اللازمة للصوبات الزراعية وكذلك للحد من تأثير الكربون وتكاليف الأيدي العاملة”.
وأنشأت “بيغاسوس” صندوقا للدعم المادي يركز على الأمن الغذائي. وفي حين تحاول الشركة مساعدة دول الخليج على الحد من واردات الأغذية، فإنها تستثمر كذلك في صناعة الأغذية والتكنولوجيا والبحث والتطوير وشفافية إدارة سلسلة الإمداد.
وسيعمل الصندوق، الذي مد نشاطه إلى خارج أبوظبي، على إنشاء وتطوير بعض العمليات الزراعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكذلك في الولايات المتحدة وأوروبا، كما تقدم “بيغاسوس” فرصة الاستثمار في الزراعة المائية في ما يتفق مع الإسلام.
ووفق ألماس، فإن الزراعة المائية تعرض حلولا على المدى القريب والبعيد بما في ذلك القدرة على التحكم في البيئة المحيطة بحيث يمكن للمحاصيل أن تنمو على مدار السنة.
وقال إنه “يمكن لأي مزارع في المنطقة الخليجية أن ينتج المحاصيل في فصل الشتاء، لكن التحدي الحقيقي هو الزراعة في فصل الصيف مع الرطوبة التي تصل إلى أقصى درجاتها، ودرجة الحرارة التي تصل إلى 45 درجة مئوية”.
وتشير بيانات وكالة ناسا إلى أن عام 2016 سجل أعلى درجات حرارة في فصل الصيف، بالإضافة إلى أن تقرير البنك الدولي لعام 2014 أفاد بأن دول الخليج تستورد حوالي 90 بالمئة من احتياجاتها الغذائية وبذلك تواجه المنطقة تحديات هائلة.
وقال المستثمر البحريني “لا نستطيع وقف جميع الواردات بشكل نهائي، لأنه ببساطة ليس كل شيء يمكن زراعته بالماء، ولكن على الأقل يمكننا الحصول على بعض المواد الغذائية الطازجة التي يتم توريدها بشكل يومي إلى السوق المحلية بدلا من استيرادها”.
ويعتقد ألماس أن هناك مشكلة تتعلق بالمستهلكين، فهم يرون المنتج النهائي ولكنهم لا يعلمون كمية المبيدات الحشرية التي تم رش المنتجات بها، وهي مشكلة خطيرة عندما يتعلق الأمر بسلامة الأغذية.
ولدى “بيغاسوس” العديد من الأنشطة المختلفة في منطقة الخليج العربي، إلى جانب نشاطها في كل من الولايات المتحدة والبرتغال وعدة دول أوروبية، حيث تعمل الشركة على زراعة الخس في سلطنة عمان، والنعناع في إمارة أبوظبي وتُمد السعودية بالتكنولوجيا اللازمة والصوبات الزراعية (البيوت الزراعية).
وقال ألماس إن “الزراعة المائية لا تقتصر على التكنولوجيا فحسب، بل تتعلق أيضا بسبل مساعدة منطقة الشرق الأوسط على البقاء والنمو”.