الزراعة السودانية مهددة بنقص الوقود وشح السيولة

الخرطوم - يتصاعد الجدل في السودان بسبب تقلص المساحات المزروعة بسرعة كبيرة رغم وفرة الموارد التي يقول المحللون إنها يمكن أن تجعل البلد سلة غذائية عالمية.
ويشتكي معظم المزارعين في أنحاء البلاد من ندرة الوقود الضروري للكثير من العمليات الزراعية لدرجة تهدد الموسم الحالي وتنذر بضعف إنتاج الكثير من المحاصيل الزراعية.
ويعدّ نقص الوقود، إحدى أبرز العراقيل التي تحد من تطور القطاع الزراعي، باعتباره المادة الرئيسية التي تستخدم في تشغيل المعدات ومراكز التصنيع الزراعي. ويقول مراقبون إن أزمة الوقود في البلاد تزداد حدة يوما بعد يوم لأسباب كثيرة أبرزها عدم وفرة النقد الأجنبي اللازم لاستيراده من الخارج.
وقد عادت الأزمة إلى التفاقم بدرجة كبيرة منذ الأسبوع الماضي، بعد أزمة شديدة قبل شهرين، ما زاد من مخاوف العاملين في المجال الزراعي بشكل كبير. وأطلق بعض المزارعين في ولاية القضارف شرق البلاد حملة تحذر من مغبة استمرار عجز السلطات عن توفير الوقود للمزارعين.
وانتقد عبدالعظيم البدوي وهو مزارع مشارك في الحملة، حكومة الولاية لعدم اهتمامها بالموسم الزراعي، وعدم حرصها على توفير الوقود، رغم أن ولايته من أكبر الولايات الزراعية في البلاد.
لكن الحكومة في الخرطوم وعلى لسان وزير المالية، محمد عثمان الركابي، تؤكد أنها عملت على توفير وقود للزراعة عبر استيراده من الخارج بقيمة 37 مليون دولار. وقال الركابي في بيان الاثنين، إن بلاده “قامت بتأمين احتياجات الموسم الزراعي من المواد البترولية بنسبة 134 بالمئة”.
وأشار إلى توفير نحو 92 ألف طن من الجازولين للقطاع الزراعي، لمقابلة التزامات الموسم، فيما بلغت حاجة القطاع الفعلية للموسم حوالي 62 ألف طن. وتقدر مساهمة القطاع الزراعي والحيواني من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد وفقًا لتقارير صادرة عن وزارة الزراعة، بين 30 و35 بالمئة.
ولا تقف أزمة القطاع عند ذلك الحد، بل تسببت قلة الموارد المالية وضعف البنى التحتية أيضا، في عدم استغلال القطاع الزراعي، التي تزخر بالأراضي الخصبة ومصادر المياه وتنوع المناخ.
ويقول البدوي إنه بالإضافة إلى كل ذلك، فإن استمرار شح السيولة النقدية التي أثرت بشدة على سير الموسم الزراعي هذا العام، ستجعل الجميع أمام مشكلة توفير الغذاء للمواطنين.
ويأتي تحدي نقص الوقود وشح السيولة إلى جانب مشاكل في التصدير وضعف الاستثمار الزراعي، بينما يتصدر السودان قائمة الدول العربية، المنتجة للذرة والسمسم والصمغ العربي، وعدد من الحبوب الزيتية وحب البطيخ.
وأقرت الحكومة نهاية العام الماضي عددا من الإجراءات للسيطرة على أسعار الصرف المتصاعدة بالأسواق الموازية، من بينها تحجيم الكتلة النقدية في أيدي المواطنين.
وتقدر المساحة الزراعية في البلاد بنحو 84 مليون هكتار، بينما المساحة المزروعة بانتظام لا تتجاوز 74 مليون هكتار، بحسب إحصائيات رسمية.
ويؤكد البرلماني السوداني، المهتم بشؤون الزراعة مبارك النور، على وجود مشاكل كبيرة يعاني منها القطاع الزراعي، من أهمها شح الوقود.
ويقول إن المساحات المزروعة تقلصت بنسبة كبيرة، لا سيما في ولاية القضارف، التي تحوي 19.7 مليون هكتار، حيث لا تتجاوز المساحات المزروعة بها 7.4 ملايين هكتار.
وهاجم النور، الحكومة لعدم اهتمامها بالقطاع رغم وعودها بزيادة الإنتاج والإنتاجية، لافتا إلى عدم إيلائها الرعاية اللازمة لصغار المزارعين حتى يتمكنوا من زراعة المساحات الكبيرة، لا سيما وأنهم يشكلون 75 بالمئة من مجموع المزارعين.
وحذّر من استمرار الأزمة التي ستؤول إلى مشكلة في توفير المحاصيل الزراعية، التي يعتمد عليها السودانيون في غذائهم وفي مقدمتها الذرة.