الزخم الثابت للصفقات يرسخ سوق العقارات الفاخرة في دبي

جزيرة نخلة جميرا تتصدر الأماكن الأكثر إقبالا من المشترين في الإمارة.
الثلاثاء 2024/07/09
إطلالة رائعة لكنها مكلفة

يرسخ الزخم الثابت لصفقات العقارات الفاخرة في دبي انطباعات المتابعين والمحللين بأن الإمارة لا يزال لديها من المقومات والإمكانيات والإغراءات ما يجعلها تنافس أفضل المدن في العالم في هذه السوق التي تجذب أصحاب الأموال وكبار الأثرياء.

دبي - رصدت شركة الاستشارات العقارية نايت فرانك استقرارا في عدد المنازل التي بيعت بقيمة 10 ملايين دولار أو أكثر في دبي خلال النصف الأول من العام الحالي رغم انخفاض العروض، مع بقاء الطلب من أصحاب الثروات الكبيرة في العالم قويا.

وساعد تدفق الأثرياء، وخاصة من روسيا هربا من العقوبات الغربية المفروضة على بلدهم، وأصحاب الاستثمارات إلى الإمارة خلال العام الماضي على تعزيز نمو صفقات القطاع العقاري في دبي الساعية إلى تحقيق أعلى المكاسب من انتعاش هذه الصناعة.

ووفقا للبيانات الأولية، التي نشرتها فرانك نايت في تقرير حول القطاع الاثنين، فقد تم بيع ما مجموعه 190 منزلا بقيمة إجمالية 3.2 مليار دولار في الأشهر الستة المنتهية في يونيو مقارنة بنحو 189 عقارا مقابل 3.3 مليار دولار في نفس الفترة من عام 2023.

وأدى الإنفاق الضخم على البنية التحتية وسياسات ضريبة الدخل السخية في أعقاب الأزمة المالية العالمية في عام 2008، ونهج الباب المفتوح للهجرة المعزز بعد الأزمة الصحية إلى جذب آلاف الأجانب إلى الإمارات عموما وإلى دبي خصوصا.

فيصل دوراني: مقدار المبيعات علامة قوية على نمط الشراء الجديد
فيصل دوراني: مقدار المبيعات علامة قوية على نمط الشراء الجديد

لكن الحرب التي اندلعت مطلع 2022 بين روسيا وأوكرانيا حركت سوق دبي بشكل غير متوقع في ظل العلاقات التي تتمتع بها دولة الإمارات مع روسيا، وبدأت حكومة الإمارة في إحياء مشاريع كانت متوقفة لسنوات بسبب ضبابية الظروف العالمية.

وخلال الربع الأول من العام الماضي ظل الروس أكبر مشترين غير مقيمين للمنازل، لكنهم تراجعوا إلى المركز الثالث بحلول نهاية العام، وفقا لأبحاث شركة بتر هومز، وسجل المشترون من الهند وبريطانيا معظم المعاملات في تلك السنة.

وكانت الصفقة الأغلى بدبي في 2023، لشقة مكونة من خمس غرف بقيمة 136.2 مليون دولار في مشروع كومو ريزيدنسز، وهو برج يقع على سعف نخلة جميرا لا يزال قيد الإنشاء.

وتُعتبر فئة المنازل فائقة الفخامة ظاهرة جديدة نسبيا في دبي، فقبل عام 2021 كان الحد الأقصى للمبيعات السنوية من المنازل، التي تتجاوز قيمتها 25 مليون دولار، لا يتخطى أربعة منازل فقط.

وأظهر التقرير الجديد أن العدد الإجمالي للصفقات يبدو صامدا على الرغم من انخفاض عدد المنازل الفاخرة المتوفرة في السوق بنسبة 65.5 في المئة على أساس سنوي خلال الربع الثاني من 2024.

ولا تزال ذكريات الانهيار العقاري في دبي قبل 16 عاما، والذي أدى في النهاية إلى تقديم حكومة أبوظبي خطة إنقاذ بقيمة 20 مليار دولار، تلوح في الأفق.

لكن المحللين يقولون إن المؤسسات والشركات تعلمت من الدروس المستفادة وإن خطر تفشي أي انكماش يبدو أقل.

ونسبت وكالة رويترز إلى فيصل دوراني، رئيس قسم الأبحاث في نايت فرانك لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قوله إن “هذه علامة قوية على نمط الشراء للاحتفاظ الذي ترسخ في السوق”.

وأوضح أن هذا الاتجاه يشير إلى أن الأفراد من ذوي الثروات العالمية يركزون إلى حد كبير على شراء المنازل في المدينة للاستخدام الشخصي، بدلاً من “القلب”، والتي كانت سمة مميزة لدورتي السوق السابقتين.

وتعد مدينة دبي، حيث يوجد أعلى برج في العالم، أكبر مركز للسياحة والتجارة في الشرق الأوسط. واجتذبت عددا قياسيا من الزائرين الأجانب في ليلة واحدة بلغ 17.15 مليون.

وتسعى المدينة إلى تنمية اقتصادها من خلال السياحة وتحويل مركزها المالي إلى واحد من المراكز الأربعة الأولى عالميا عبر جذب رأس المال الأجنبي، بما في ذلك في صناعة العقارات، مع عدم ظهور أي مؤشرات على تراجع أسعار شراء العقارات أو الإيجارات.

وتندرج هذه التطلعات في سياق خطة طموحة مدتها عشر سنوات تعرف باسم أجندة دبي الاقتصادية (دي 33)، والتي تراهن عليها الحكومة كثيرا خاصة في ظل منافسة شديدة في منطقة الشرق الأوسط للارتقاء بقطاعات كانت منسية جراء الاعتماد على النفط.

وفعليا أصبحت دبي مركزا مفضلا للثروة بالنسبة إلى العديد من رجال الأعمال والأسر الغنية في آسيا، حيث أطلقت “مركز الثروة العائلية” العام الماضي لمساعدة الأفراد والشركات الأثرياء على التعامل مع القضايا الثقافية والحوكمة.

190

منزلا فخما بيع في النصف الأول من 2024 بقيمة إجمالية بلغت 3.2 مليار دولار

ويشير تقرير نايت فرانك إلى أن جزيرة نخلة جميرا الاصطناعية على شكل شجرة النخيل كانت أكثر المناطق المرغوبة، حيث سجلت 21 عملية بيع لمنازل بقيمة 10 ملايين دولار أو أكثر في الربع الثاني، وهو ما يمثل 26 في المئة من المبيعات في تلك الفترة.

وتلت هذه الجزيرة منطقة تلال الإمارات بنسبة 10 في المئة، ومنطقة المنطقة الأولى بنسبة 7.8 في المئة من إجمالي هذه الصفقات، التي تم عقدها في الفترة بين يناير ويونيو.

وقفزت مبيعات العقارات التي تبلغ قيمتها 25 مليون دولار أو أكثر بنسبة 25 في المئة خلال الربع الثاني من هذا العام مقارنة بالأشهر الثلاثة الأولى من العام إلى إجمالي 15 منزلا.

وفي العام الماضي احتلت دبي المرتبة الأولى عالميا من حيث عدد مبيعات المنازل، التي تزيد قيمتها عن عشرة ملايين دولار، حيث باعت من هذه العقارات ما يقرب من 80 في المئة أكثر من لندن التي احتلت المركز الثاني.

ويظل قطاع العقارات في دبي مقياسا رئيسيا لنجاحها لأنه يمثل حوالي 8.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للإمارة.

وسبق أن قال رونان هانان، مدير شركة بروفن بارتنرز الاستشارية، لرويترز إنه “كون دبي عرضة للتصحيح يكمن في اعتمادها على رأس المال الأجنبي، خاصة القادم من الصين وروسيا”.

ومن المرجح أن ينمو اقتصاد دبي خلال هذا العام بنحو 5 في المئة، مستفيدا من البنية القوية وبيئة الأعمال الجاذبة، وكذلك مع احتمال بدء تخفيف دورة التشديد النقدي المرتبطة بالاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي).

11