الري بالتنقيط آلية زراعية متجددة لاستدامة إنتاج المحاصيل

ترجيح نمو هذه السوق بواقع 9.8 في المئة سنويا بحلول 2028.
الاثنين 2023/02/06
حل بديل لمشكلة وجودية

تفرض أساليب الري البديلة نفسها بقوة على الحكومات والمزارعين لمقاومة مشكلة الفقر المائي، والتي تشكل أحد عوامل انعدام الأمن الغذائي بالنظر إلى معضلة الجفاف المزمنة، حيث الكل يلهث وراء إنتاج محاصيل بكفاءة وبأقل تكاليف ودون هدر للمياه.

لندن - برزت خلال الآونة الأخيرة في القطاع الزراعي حلول قديمة متجددة مع تفاقم الجفاف، عبر قيام الدول بتحديث نظم الري للتحول من الري بالغمر إلى الري الحديث والرش والري السطحي والمحوري.

كما أن ثمة دولا تسعى وفق إستراتيجياتها إلى تطبيق الممارسات الزراعية الموفرة للمياه، مثل تسوية الأرض بالليزر، والزراعة على المصاطب والتوسع في إنتاج الأصناف الجديدة، إضافة إلى خفض مساحة المحاصيل الشرهة للمياه.

والأمر لا يقتصر على ذلك، بل يطرق المزارعون باب الري بالتنقيط، ولا تستهدف مناطق بعينها بسبب نقص المياه فيها، فحتى الدول ذات الموارد المائية الكبيرة تلجأ إلى هذا الأسلوب لكي تحقق موسمين زراعيين واحد بعلي كما يبدو للحبوب، والآخر تنقيط للصيف.

وفي ظل الإجهاد المائي الهيكلي وسوء إدارة الموارد من المياه، يقول العاملون في القطاع إن السبيل الوحيد المتاح لتعويض الخسائر المسجلة هو إحداث قطيعة صريحة مع نموذج هدر الموارد المائية.

وعملية الري بالتنقيط هي نظام يسهّل القطرات البطيئة للمياه على سطح التربة أو مباشرة إلى جذور المحاصيل، وهي تضم شبكة من الصمامات والأنابيب والبواعث وتستخدم في تطبيقات مثل الزراعة والصوب الزراعية وغيرها.

جنغيز تورا: يجب اختيار محاصيل تقاوم الجفاف وقليلة الاعتماد على المياه
جنغيز تورا: يجب اختيار محاصيل تقاوم الجفاف وقليلة الاعتماد على المياه

ويقول خبراء إن الهدف الرئيسي من هذه الطريقة، هو حوكمة استخدام المياه، أو الحفاظ على المياه من الضياع، لأن سياسة استجرار الماء من نهر أو بئر لتبدديه في ساقية مكشوفة للحر والهواء يبدو غير مناسب.

ويستخدم المزارعون في دول عربية مثل المغرب ومصر هذه الطريقة بكثافة، كما أن المنتجين في دول الشرق الأوسط، بما فيها تركيا، ركزوا عليها منذ سنوات وهم يحصلون على نتائج جيدة.

وفي بعض المناطق، ثمة نقص في المياه ما يؤثر سلبا على ممارسات الزراعة، في حين تتمتع مناطق أخرى بفائض في إمدادات المياه ما يؤدي إلى تدمير المحاصيل، بل والإضرار بخصوبة التربة.

وفي حين تظهر طرق الري بالتنقيط على امتداد الآلاف من الكيلومترات في المغرب، ساهمت هذه الطريقة في تركيا بتوفير استهلاك المياه بنسبة 60 في المئة، وإتاحة الفرصة أمام المزارعين لزراعة موسمين سنويا، كما أن مساحة المحاصيل توسعت بشكل كبير.

ويقول سردار أوزوطن، رئيس جمعية الري التعاونية بقرية جوملك آق بينار التابعة لمدينة أدرنة التركية، إن القرويين باتوا بفضل الري بالتنقيط يزرعون في الموسم الأول القمح والشعير كمحاصيل شتوية.

وأشار لوكالة الأناضول إلى أنهم يواظبون في الموسم الثاني على زراعة دوار الشمس والذرة ونباتات الأعلاف كمحاصيل صيفية.

ومع تزايد معدلات الجفاف في الكثير من مناطق العالم، يعتقد الخبراء أن زرع منتجات أقل اعتمادا على الماء ومقاومة للجفاف في المناطق التي تعاني من هذه الظاهرة الطبيعية، يبدو أمرا حيويا.

كما أنه لا يثقل كاهل المزارعين بتكاليف أكبر، قد لا تتمكن الحكومات في بعض الدول، مثل السودان وسوريا ولبنان، من دعمهم بالنظر إلى أزماتها الاقتصادية والمالية الخانقة.

60

في المئة نسبة المياه التي توفرها التقنية كما تحقق موسمين زراعيين، شتويا وصيفيا

وتقوم وزارة الفلاحة المغربية بتطوير وإعادة تأهيل شبكات الري ودعم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، في إطار إستراتيجية الجيل الأخضر التي تستهدف بلوغ مليون هكتار من الري بالتنقيط بحلول عام 2030، لزيادة المساحة المسقية إلى 1.6 مليون هكتار.

أما في مصر، فقد اندفعت الحكومة إلى البحث عن حلول لمشكلة الفقر المائي وتأثيرات سد النهضة الإثيوبي، عبر استخدام أدوات الري الحديثة في الزراعة التي تستهلك 80 في المئة من إجمالي الاحتياجات السنوية للبلاد.

وتستهدف القاهرة توفير من 5 إلى 7 مليارات متر مكعب من المياه، جراء التحول من الري السطحي والغمر إلى الري التقني الحديث.

وتوصلت العديد من الدراسات والأبحاث الدولية حول تأثيرات التغير المناخي على النظم البيئية والتنوع البيولوجي، إلى حدوث تغيرات كبيرة في نظام الأمطار ومعدلات هطولها خلال العقدين الماضيين.

وخلال هذه الفترة، تأثر نظام الأمطار بشكل كبير بسبب التغيرات المناخية، رغم عدم وجود تغيرات بالدرجة نفسها في معدلات كميات هطول الأمطار.

ويشير جنغيز تورا، رئيس قسم علم البيئة في جامعة أسكي شهير التقنية التركية، إلى ضرورة اختيار محاصيل مقاومة للجفاف وقليلة الاعتماد على المياه، من أجل الزراعة في المناطق التي تعاني من ظاهرة الجفاف.

ويشدد تورا، وهو عضو في المجلس الاستشاري لاتحاد المدن الصحية في تركيا، للأناضول على أن تنوع المنتجات الزراعية في منطقة ما يجب أن يراعي العوامل البيئية ونظام هطول الأمطار، بجانب كميات المياه المتوفرة.

Thumbnail

ويعد اعتماد هذا النهج في الزراعة إحدى طرق مكافحة الجفاف، إذ إن أساليب الزراعة والري الخاطئة تعزز الجفاف والتغيرات المناخية.

وفي الوقت الذي بلغت فيه أعداد حوادث الطقس المتطرفة أكثر من 500 حادثة خلال عام 2016، فإن هذا الرقم تجاوز الألف حادثة عام 2021، وفق التقديرات.

ويعتقد الخبراء أن ثمة اتجاها ملحا اليوم من أجل زراعة الذرة والحمص بدلا من أنواع الحبوب الأخرى في المناطق التي تعاني من ارتفاع معدلات الجفاف.

وفي خضم ذلك، ترى مراكز الأبحاث أن تزايد اعتماد الزراعة المسببة للاحتباس الحراري وتزايد الحاجة إلى سحب المياه للأغراض الزراعية قد يؤديان إلى نمو سوق الري بالتنقيط.

وتشير تقييمات دولية إلى أن سوق الري بالتنقيط قد يشهد نموا كبيرا في السنوات المقبلة بمقدار قد يبلغ نحو 9.8 في المئة بحلول عام 2028، مع اعتماد المزارعين بكثافة على هذا الأسلوب.

ويتم تقسيم السوق العالمية للري بالتنقيط على أساس المكون ونوع المحصول والتطبيق ونوع التحديات التي تفرض الجنوح إلى هذه الطريقة.

ويساعد النمو بين القطاعات على تحليل جيوب النمو المتخصصة وإستراتيجيات الاقتراب من السوق وتحديد مجالات التطبيق الأساسية الخاصة والفرق في الأسواق المستهدفة.

10