الرياض عاصمة صناعة المحتوى الترفيهي عربيا: خطط قيد التنفيذ

السعودية تكتب روايتها الخاصة على أرضها وتصرّ على تصديرها.
الخميس 2022/09/22
التصوير في الرياض مستقبلا

قطاع الإعلام السعودي يشهد نهضة جديدة تستعيد من خلالها المملكة إعلامها. وتسعى السعودية لتحويل قطاع الترفيه إلى مصدر مهم من مصادر الدخل القومي فضلا عن دوره كقوة ناعمة لا يستهان بها.

الرياض - لا يعد انتقال مجموعة قنوات أم. بي. سي إلى المدينة الإعلامية العاصمة السعودية الرياض مجرد خطوة استثمارية، بل هو مؤشر على التحول الذي تشهده السعودية، وهو الأساس لانتقال مجموعة قنوات إقليمية ودولية تبحث عن سوق كبرى وأسرع، بتفاعلاته السياسية والاقتصادية والمجتمعية وغيرها.

ويمثل الانتقال تغييرًا رئيسيًا للمجموعة المملوكة للسعودية، والتي تأسست في المملكة المتحدة عام 1991 لتنقل مقرها إلى دبي في الإمارات العربية المتحدة منذ عام 2002 ثم إلى الرياض في عام 2022.

وقال وليد بن إبراهيم آل إبراهيم، رئيس مجلس إدارة مجموعة أم.بي.سي، في حفل حضره وزير الإعلام السعودي ماجد بن عبدالله القصبي وأعضاء من العائلة المالكة السعودية ووزراء وسفراء وكبار الشخصيات “لقد شهدت أمتنا العظيمة انتعاشًا مذهلاً، مع تطور سريع في العديد من المجالات والصناعات”، مستعرضا “الدعم اللامحدود الذي تم توفيره في البلاد للصناعات الثقافية والإبداعية في المملكة، بما في ذلك وسائل الإعلام والترفيه”.

ويعكس حديث آل إبراهيم أنه بعد سنوات عديدة من العمل أصبح قطاع الإعلام الترفيهي في السعودية مهيأً لتغيير جذري في ظل “رؤية 2030”.

مساهمة إجمالي الناتج المحلي المباشرة وغير المباشرة لقطاع الإعلام السعودي تعد حاليا هامشية جدا

وترتكز الرؤية في مجال الإعلام على مجموعة من الأهداف الإستراتيجية الصارمة التي تسعى السعودية إلى تحقيقها، وعلى وجه التحديد زيادة خيارات الترفيه والجودة وحماية التراث والقيم الوطنية وزيادة المساهمة الاقتصادية وخاصة الترويج لصورة السعودية محليًا وعالميًا لتصبح البلاد بذلك مركز المحتوى في المنطقة، مدفوعة بجمهور وطني يُصنف من بين أكثر المستهلكين المتحمسين لوسائل الإعلام في العالم.

وبدافع من التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي أطلقتها “رؤية 2030”، يستخدم السعوديون مجموعة متنوعة من المنصات الإعلامية للوصول إلى المحتوى الترفيهي والتفاعل معه وصناعته.

وعلى الرغم من التوجه الحثيث نحو الرقمنة لا يزال التلفزيون قادرًا على جذب الجماهير العريضة في السعودية الباحث عن المحتوى الترفيهي. ومع متوسط ​​الوصول الشهري إلى 84 في المئة من سكان السعودية في عام 2021، لا يزال التلفزيون يتمتع بشعبية واسعة ويعتبر وسيلة أساسية لدى السعوديين.

وحظيت أفضل 10 قنوات تلفزيونية في السعودية بحصة 41.8 في المئة من الجمهور في عام 2021، بانخفاض طفيف عن نسبة 43.1 في المئة في عام 2020. ويعزى هذا الانخفاض المتواضع في مشاهدة هذه القنوات الرئيسية إلى نسبة المشاهدة المرتفعة التي فاقت المعتاد بخصوص برامج الأطفال والبرامج الإخبارية خلال العام الأول للوباء.

وحظيت مجموعة أم.بي.سي التي تتوفر على أكثر من 18 قناة بنسبة 47.7 في المئة من الجمهور وبسبع قنوات من بين أفضل 10 قنوات في السعودية، تليها قنوات هيئة الإذاعة السعودية بنسبة 17 في المئة، ثم روتانا بنسبة 11 في المئة. وكانت قناة أم.بي.سي 1، التي تبث مجموعة متنوعة من البرامج الترفيهية العائلية وأسلوب الحياة والأخبار والرياضة مع التركيز على القصص السعودية، القناة الأكثر مشاهدة لعامي 2020 و2021. تليها قناة أم بي.سي 3 المجانية الموجهة للأطفال. وجاءت قناة أم.بي.سي 2 المتخصصة في الأفلام العالمية في المرتبة الثالثة.

كما تمتلك مجموعة أم.بي.سي منصة بث المحتوى شاهد، والتي تم إطلاقها في عام 2009، ولديها الآن 9.5 مليون مستخدم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

العمل على زيادة الإنتاج السينمائي والتلفزيوني، إذ من المقرر أن يتم إنجاز مجموعة كبيرة من المشاريع الضخمة التي هي قيد الإعداد حاليا

ويفسر معدل انتشار الهواتف الذكية المرتفع للغاية في المملكة العربية السعودية سبب استخدام 77 في المئة من مشاهدي شاهد السعودية لهواتفهم المحمولة من أجل عرض المحتوى على المنصة. وفي السعودية أنفقت الحكومة والقطاع الخاص 15 مليار دولار على البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات منذ عام 2017، ونتيجة لذلك تتمتع البلاد قاطبة بتغطية إنترنت. وكانت المملكة أيضًا واحدة من أوائل الدول التي تقدم خدمات 5G التجارية.

وحققت مجموعة قنوات أم.بي.سي إنجازا إعلاميا في أبريل 2020 بانضمامها إلى قائمة الشركات العشرين الأكثر مشاهدة في العالم لمحتوى الفيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وعلى الرغم من النمو الكبير تتخلف سوق وسائل الإعلام في السعودية عن القادة العالميين في هذا المجال؛ إذ أن معدل صادرات قطاع الإعلام محدود للغاية. وتعد الصادرات محركًا مهمًا لصناعة الإعلام، مع القدرة على الوصول إلى جماهير متنوعة لترويج ثقافة المملكة والعلامة التجارية السعودية (القوة الناعمة). نتيجة لذلك تعد مساهمة إجمالي الناتج المحلي المباشرة وغير المباشرة لقطاع الإعلام السعودي هامشية (حوالي 0.1 في المئة).

ويتم الآن صناعة 8 إلى 10 في المئة فقط من المحتوى المحلي في البلاد. وكثيرا ما اشتكى خبراء سعوديون من أن الرواية السعودية في الإعلام المملوك للبلاد عموما غائبة. ويقولون إن المملكة اليوم تعيد اكتشاف نفسها، لتعكف على مشروعات كبرى في الثقافة وصناعة الإعلام. ولكن رغم ذلك يعتبرون أن “السعودية الآن  على طريق تحويّل الثقافة السعودية إلى مصدر مهم ومعتبر من مصادر الدخل القومي فضلا عن ثمار القوة الناعمة الأخرى المتعددة”.

وكانت مجموعة أم.بي.سي أعلنت استثمارها في المزيد من المحتوى النوعي الرقمي، وقوامه الإنتاجات الأصلية، مخصصة ميزانيات ضخمة لإنتاج أعمال حصرية لزيادة مستخدمي شاهد وتسويق السعودية محليا وعالميا.

وتعمل المجموعة البارزة في العالم العربي، والتي تعتبر حجر الزاوية في القوة الناعمة السعودية، على زيادة الإنتاج السينمائي والتلفزيوني؛ إذ من المقرر أن يتم إنجاز مجموعة كبيرة من المشاريع الضخمة التي هي قيد الإعداد حاليا.

16