الرياض تفتح مزاد تنفيذ مشروعها النووي الطموح في 2020

السعودية تسعى إلى بناء أول مفاعل نووي بهدف تنويع مصادر الطاقة مما يمكنها من تصدير المزيد من النفط الخام بدلا من حرقه لتوليد الكهرباء.
الجمعة 2019/04/05
مجسم افتراضي لأول مفاعلين نوويين

اقتربت السعودية كثيرا باتجاه تنفيذ برنامجها النووي الطموح بعد أن فتحت أبواب الاستثمار أمام الشركات العالمية لبناء أول مفاعلين ضمن برنامج لتغطية الطلب المحلي على الكهرباء من مصادر الطاقة النظيفة، وفق خطة إصلاح يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لخفض اعتماد بلاده على النفط.

الرياض- كشفت مصادر مطلعة أمس أن السعودية تعتزم طرح عطاء بمليارات الدولارات في العام المقبل لبناء أول مفاعل كهرباء نووية لها وأنها تجري مناقشات بشأن المشروع مع الولايات المتحدة وموردين آخرين محتملين.

ويريد أكبر بلد مصدر للنفط في العالم تنويع مزيج الطاقة لديه، مضيفا الكهرباء النووية لكي يستطيع إتاحة المزيد من الخام للتصدير، لكن الخطط تواجه تدقيقا من واشنطن بسبب الاستخدامات العسكرية المحتملة للتكنولوجيا.

ويخوض البيت الأبيض صراعا مع الكونغرس حول ذلك، حيث عبر عضوا مجلس الشيوخ بوب مينينديز وماركو روبيو بيري عن قلقهما من تطوير الرياض لأسلحة نووية. وتتفاوض إدارة الرئيس دونالد ترامب على اتفاق من شأنه أن يساعد السعودية في بناء مفاعلين نوويين.

وتقول السعودية، الطامحة لتعدين اليورانيوم، إن خططها سلمية، لكن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أشار العام الماضي إلى أن بلاده ستصنع أسلحة نووية إذا فعلت إيران.

وتظهر صور أقمار صناعية، نشرتها وكالة بلومبرغ الأميركية للأنباء الاقتصادية، مكان إنشاء السعودية أول مفاعل نووي لها في جنوب غرب مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتكنولوجيا على مشارف الرياض.

روبرت كيلي: المفاعل الأول عبارة عن مركز أبحاث، وهو يوشك على الاكتمال
روبرت كيلي: المفاعل الأول عبارة عن مركز أبحاث، وهو يوشك على الاكتمال

ومن المرجح أن تعلن السعودية إتمام الجزء الرئيسي من هذا المشروع في غضون الأشهر القليلة المقبلة قبل دخول الشركات التي ستبني المفاعل. وتجري شركات أميركية وروسية وكورية جنوبية وصينية وفرنسية محادثات مع الرياض لتوريد المفاعلات، في صفقة واعدة لصناعة تتعافى من تداعيات كارثة فوكوشيما النووية في 2011.

وقال أحد المصادر المطلعة على الخطط لوكالة رويترز إن “السعودية تواصل اتخاذ خطوات مدروسة تماما للأمام ولكن بوتيرة أبطأ مما كان متوقعا بادئ الأمر”. وسبق أن قال المسؤولون السعوديون إنهم يستهدفون اختيار مورد في أواخر 2018، ثم تأجل الموعد إلى العام الحالي.

وحدد المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية روبرت كيلي موقع المفاعل الأول، قائلا لوكالة بلومبيرغ إنه “عبارة عن مفاعل أبحاث صغير بقدرة 30 كيلوواط، وأنه على وشك الاكتمال”. ويعتقد كيلي، الذي قاد مختبر الاستشعار عن بعد التابع لوزارة الطاقة الأميركية، أن المشروع سيكون جاهزا خلال عام واحد.

ويبدو الغرض من المنشأة التي صممتها شركة انفاب الحكومية الأرجنتينية هو المشاركة في أنشطة علمية وبحثية وتعليمية وسلمية تمتثل إلى الاتفاقيات الدولية. ورجح رافائيل ماريانو جروسي، المبعوث الأرجنتيني لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن يكون المفاعل جاهزا بحلول نهاية العام الحالي.

وتقول السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، إنها تريد الطاقة النووية لتنويع مصادر الطاقة مما يمكنها من تصدير المزيد من النفط الخام بدلا من حرقه لتوليد الكهرباء. ولم تمتلك السعودية بعد أي تكنولوجيا للطاقة النووية أو تخصيب اليورانيوم.

وتحتاج المفاعلات إلى يورانيوم مخصب بدرجة نقاء تبلغ 5 بالمئة تقريبا، لكن التكنولوجيا نفسها يمكن استخدامها لتخصيب اليورانيوم إلى مستوى نقاء أعلى يمكن استخدامه في صنع السلاح.

وأكدت الرياض أنها تريد استغلال مواردها من اليورانيوم لتحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الوقود النووي. وتريد الرياض بناء طاقة إنتاجية تبلغ 17.6 غيغاواط من الكهرباء المنتجة من الطاقة النووية بحلول العام 2032، أي ما يصل إلى 17 مفاعلا.

وكان مسؤول سعودي كبير في مجال الطاقة النووية قد قال خلال مؤتمر الطاقة الذي عقد بأبوظبي في أكتوبر الماضي إن بلاده تتطلع إلى توليد ما بين ألف و1.6 ألف ميغاواط من كل مفاعل من المفاعلين الأولين.

وقالت مصادر في القطاع لرويترز إن الطاقة المجمعة للمفاعلين الأولين ربما تصل إلى 2.8 غيغاواط. ويؤكد محللون أن هذه الخطط تعتبر آفاقا واعدة لقطاع الصناعة النووية العالمي ومن المتوقع أن تواجه الولايات المتحدة منافسة من بقية الدول في العطاء الأول.

17.6 غيغاواط من الكهرباء المنتجة من الطاقة النووية، التي تريد السعودية توفيرها بحلول العام 2032

وسيجعل البرنامج الرياض الدولة الثانية بين دول الخليج، التي تستفيد من الطاقة النووية، بعد جارتها الإمارات التي تخطط العام القادم للبدء في تشغيل أول مفاعل من أربعة مفاعلات نووية تبنيها كوريا الجنوبية.

ويقدر مختصون قيمة صفقة بناء مفاعلين في السعودية بنحو 12 مليار دولار، بناء على التكلفة الإجمالية للمشروع الإماراتي التي تبلغ 24 مليار دولار، رغم أن التكلفة قد تختلف وفقا للفائز بالمناقصة.

وإلى جانب روسيا وكوريا الجنوبية، فإن عروض الشركات الأميركية في المناقصة السعودية ربما تواجه منافسة من أريفا، ذراع الأنشطة النووية لإي.دي.إف الفرنسية المملوكة للدولة. ويرجح أن تكون مجموعة الصين العامة للطاقة النووية من بين الشركات العالمية الطامحة لتوريد مفاعلات نووية للسعودية.

وقالت روساتوم الروسية للطاقة النووية المملوكة للدولة العام الماضي إنها أرسلت مقترحات مبدئية إلى الرياض بشأن توليد الكهرباء بالطاقة النووية، مشيرة إلى أنها ستتقدم بعرض إذا تم الإعلان عن مناقصة.

11