الرياض تفتح آفاقا أوسع للأمن الغذائي ببناء أكبر محطة إقليمية لتجارة الحبوب

طاقة استيعاب المرفأ الجديد في ميناء ينبع تقدّر بحوالي 5 ملايين طن سنويا.
الجمعة 2020/07/24
لتحقيق مخزون إستراتيجي آمن

بدأت السعودية في بلورة رؤيتها بعيدة المدى الهادفة لتحقيق الأمن الغذائي بإعلانها عن صفقة لتشييد أول وأكبر محطة إقليمية لتجارة الحبوب، ضمن استراتيجية شاملة تركز على بناء قدراتها ورفع جاهزيتها، لمواجهة التحديات المتزايدة في قطاعات إنتاج الغذاء في السنوات القادمة.

الرياض - فرضت التحديات المتعلقة بالأمن الغذائي في السعودية ومنطقة الخليج تسريع وتيرة اعتماد الوسائل الكفيلة التي ستساعد أكبر اقتصاد عربي على مواجهة التقلبات الاقتصادية التي يعاني منها العالم.

وفي تحرك لتجسيد تلك الرؤية، أبرمت الهيئة العامة للموانئ (موانئ) اتفاقية مع الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني (سالك) الخميس لتشييد أول وأكبر محطة إقليمية لاستيراد ومعالجة وتصدير الحبوب في البلاد.

وذكرت وكالة الأنباء الرسمية أن الاتفاقية تتعلق بتأجير منطقة تقدر مساحتها بـ313 ألف متر مربع في ميناء ينبع التجاري وسيتم بناء المحطة على مرحلتين وستكون طاقة استيعابها حوالي 5 ملايين طن سنويا.

ويتميز ميناء ينبع التجاري بموقع متميز على ساحل البحر الأحمر، كما أنه يمثل ميزة تنافسية لقربه من الأسواق المحلية والإقليمية والقرن الأفريقي.

وتأتي الخطوة في سياق سباق بين دول الخليج لوضع أسس مستدامة تساعد على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء في السنوات القادمة مع تزايد التحذيرات من حدوث نقص بسبب موجة الجفاف التي تضرب العالم جراء الاحتباس الحراري.

عبدالرحمن الفضلي: شركة سالك تسعى لتعزيز حلول توزيع الأغذية في المنطقة
عبدالرحمن الفضلي: شركة سالك تسعى لتعزيز حلول توزيع الأغذية في المنطقة

وحذّرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) من أن بعض دول العالم قد تشهد نقصا في المواد الغذائية خلال شهري أبريل ومايو الماضيين بسبب جائحة كورونا.

وعلق وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي عبدالرحمن الفضلي على الاتفاقية قائلا إن “هذه الشراكة الاستراتيجية مع الهيئة العامة للموانئ والتي تمتد لأكثر من 30 عاما تعد رافدا من روافد منظومة الأمن الغذائي بالمملكة”.

ويهدف المشروع إلى تعزيز سرعة وصول الحبوب الرئيسة للسعودية، وذلك عبر المحطة الجديدة التي تعد أول مركز إقليمي للحبوب في ميناء ينبع التجاري.

ولكن الأمر قد يتجاوز ذلك، إذ أن المحطة ستكون عبارة عن مركز إقليمي لتجميع الحبوب ما يعني أن هناك استثمارات قد تدخل للبلاد كما أن زيادة زخم هذه التجارة ستظهر بوضوح على سلاسل الإمدادات.

وأوضح الفضلي، الذي يرأس مجلس إدارة سالك، أن شركة سالك تعول على الموقع الجغرافي للسعودية والبنية التحتية للموانئ لتعزيز حلول توزيع الأغذية في المنطقة من خلال ربط البلاد بمصادر الحبوب العالمية وخصوصا المناطق التي تستثمر فيها شركة سالك حاليا.

وتأسست الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني (سالك)، وهي تابعة لصندوق الثروة السيادية السعودي، لتوفير إمدادات الغذاء للمملكة عبر الإنتاج بالجملة والاستثمارات.

وفي أبريل الماضي، باعت سالك شحنة حجمها 60 ألف طن من القمح من مزارعها في أوكرانيا إلى المؤسسة العامة للحبوب، المشتري الحكومي السعودي للحبوب، في أول عملية شراء للمؤسسة من استثمارات زراعية في الخارج.

واعتبر وزير النقل صالح الجاسر أن مشروع محطة ينبع للحبوب يسعى إلى بناء أول مركز إقليمي ومنصة لوجستية لاستيراد وتصدير الحبوب بالبلاد.

وأكد الجاسر، الذي يرأس مجلس إدارة الهيئة العامة للموانئ، أن هذه الشراكة تأتي انطلاقا للدور الحيوي الذي يؤديه قطاع الموانئ والخدمات اللوجستية بوصفهما من الدعائم الرئيسية لعدة صناعات وقطاعات مهمة ومنها قطاع الأمن الغذائي.

كما تأتي الشراكة انسجاما مع الأهداف الاستراتيجية للهيئة نحو الاستفادة من الطاقة الاستيعابية الضخمة بالموانئ السعودية ورفع نسبة استثمار القطاع الخاص في قطاع الموانئ إلى 90 في المئة بحلول 2030.

صالح الجاسر: الموانئ والخدمات اللوجستية دعائم رئيسية للأمن الغذائي
صالح الجاسر: الموانئ والخدمات اللوجستية دعائم رئيسية للأمن الغذائي

ويتوقع أن تساعد المحطة في إقامة مشروعات تنموية متنوعة تُسهم في تحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، وتدعيم بيئة الاستثمار والحركة التجارية في أكبر منتج ومصدر للنفط حول العالم.

وسيدعم هذا المشروع الإقليمي الحركة التشغيلية بميناء ينبع، وسيستقطب مزيدا من الخطوط الملاحية العالمية ويجذب الاستثمارات في قطاع الخدمات اللوجستية.

وتتمثل الأهداف الاستراتيجية لشركة سالك بالمساهمة في تحقيق جزء من الواردات للسلع الأساسية والتي تتوافق مع استراتيجية الأمن الغذائي للحكومة.

وفي خطوة وصفها المحللون بـ”النقلة النوعية” الاقتصادية، أعلنت السعودية قبل شهر عن نجاح ميناء جدة في إطلاق أول خط ملاحي مباشر يربط أهم الموانئ في قارتي آسيا وأفريقيا، لخدمة نقل الحاويات على ساحل البحر الأحمر.

وأفصحت موانئ بالشراكة مع مجموعة موانئ دبي العالمية، في صناعة النقل البحري في المنطقة، نجاح ميناء جدة في الربط المباشر بين ميناء جبل علي في الإمارات وميناء العين السخنة في مصر، ليكون رابع خط ملاحي جديد تطلقه الهيئة منذ بداية هذا العام.

ويؤكد المتابعون أن الخط الملاحي الجديد يعتبر نقلة نوعية اقتصادية كبيرة للسعودية، ومصدرا من مصادر الدخول غير النفطية، كما يمكنه جعل المملكة مركزا لوجستيا عالميا ومحور ربط بين القارات الثلاث آسيا وأوروبا وأفريقيا.

وتظهر الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الهيئة العامة للموانئ تميزا في أداء البوابات التجارية البحرية للبلد الخليجي خلال الأشهر الماضية التي واكبت الإجراءات الاحترازية ضد تفشي جائحة كورونا محليا وعالميا.

وجاء الارتفاع المسجل خلال شهر مايو الماضي في إجمالي أطنان البضائع المناولة بواقع 28 مليون طن بزيادة 6.36 في المئة بمقارنة سنوية.

11