الرياض تبدأ استقطاب الاستثمار بإقامة مميزة

دخلت قوانين إقامة الأجانب في السعودية مرحلة جديدة بإطلاق نظام الإقامة المميزة للأجانب، في محاولة لإعطاء زخم جديد لبيئة الأعمال المحلية وتعزيز برامج تنويع الاقتصاد، رغم أن البعض يرون هذا التحرك غير كاف.
الرياض - أطلقت السعودية بشكل رسمي أمس نظام إقامة جديد، والذي يستهدف جذب رجال الأعمال الأثرياء والشركات متعددة الجنسيات، في وقت تسعى الدولة الخليجية إلى وقف ارتهانها للنفط عبر تنويع اقتصادها.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أن مركز الإقامة المميزة بدأ في استقبال طلبات الراغبين في الحصول على هذه الإقامة من خلال المنصة الإلكترونية الشاملة “سابرك”.
ويتيح النظام الجديد منح إقامة غير محددة المدة بعد دفع مبلغ 800 ألف ريال (213 ألف دولار) لمرة واحدة، وإقامة لمدة عام قابلة للتجديد بعد دفع مبلغ 100 ألف ريال (27 ألف دولار) سنويا.
وتسمح الإقامة المميزة لحاملها بمزاولة الأعمال التجارية، وفقا لنظام الاستثمار الأجنبي المعمول به حاليا، من دون الحاجة إلى كفيل.
كما تتيح هذه الإقامة لصاحبها حرية الخروج من البلاد والعودة إليها بشكل ذاتي وامتلاك العقارات وطلب تأشيرات زيارة للأقارب، وغيرها من التسهيلات.
ولا تهدف السعودية من وراء القرار إلى جذب أثرياء من الدول العربية والإسلامية على ما يبدو، وإنما تسعى إلى التنويع بإغراء رجال الأعمال من الدول الغربية للدخول إلى السوق السعودية، لكن قرار الإقامة المميزة ما زال غير كاف لجلب رؤوس أموال كبيرة.
في المقابل، يعتقد آخرون أن النظام يستهدف الأثرياء العرب، الذين يقيمون في السعودية منذ سنوات طويلة من دون إقامة دائمة، والشركات المتعدّدة الجنسيات التي تسعى للقيام بأعمال في البلاد لفترة طويلة من الزمن.
213 ألف دولار قيمة الإقامة غير محددة المدة، بينما تبلغ الإقامة القابلة للتجديد 27 ألف دولار
وتأتي الخطوة بعد أسابيع من قيام الإمارات بمنح الإقامة الذهبية الدائمة لجذب لمستثمرين وأصحاب الكفاءات الاستثنائية في عدد من القطاعات التي تعزز قدرة الاقتصاد على التأقلم مع وتيرة التحولات المتسارعة
وتحتضن السعودية، أكبر مصدّر للنفط الخام في العالم، نحو 10 ملايين عامل أجنبي. ويفترض بالعامل أن يمارس المهنة بضمانة كفيل سعودي، وأن يحصل على تأشيرات دخول وخروج بشكل مستمر.
وشهدت البلاد خلال السنوات الأخيرة تراجعا في أعداد العمّال مع فرضها ضرائب على الإقامات والتأشيرات، بينما تشنّ حملة ضد العمالة غير القانونية أدت إلى ترحيل مئات آلاف خلال السنتين الماضيتين.
ونسبت وكالة الأنباء السعودية لوزير التجارة والاستثمار ماجد القصبي قوله في وقت سابق إن “نظام الإقامة المميّزة سيعزز من التنافسية وسيمكن المملكة من استقطاب مستثمرين وكفاءات نوعية ويحد من التستر”.
وأوضح خلال تصريحات صحافية إثر موافقة مجلس الوزراء على نظام الإقامة المميزة منتصف مايو الماضي، أن نسبة التهرّب زادت بنحو 46 بالمئة في الربع الأول من العام، بمقارنة سنوية، ولذلك فإن الإجراء سيمكن غير السعوديين من ممارسة أعمالهم وفق الأنظمة الموجودة.
وتمنح الإقامة المميزة، التي تشبه نظام الكرين كارد في بعض الدول، الحاصل عليها العديد من المميزات، التي لا تقدم في العادة للمقيمين في السعودية من غير المواطنين، ومن تلك الامتيازات حرية ممارسة الأعمال التجارية وفق ضوابط محددة وفي غير المهن والقطاعات، التي تخضع لسياسة التوطين.
وأشار القصبي إلى أن نظام الإقامة الجديد سيمكن الأجانب من القيام بكافة معاملتهم واستثماراتهم وكذلك شراء العقارات السكنية والتجارية والصناعية، وبالتالي يكون واضحا أمام المجتمع التجاري.
وأكد أن الرياض تستهدف نوعية معينة من المستثمرين ومن حاملي هذه الإقامة حتى تستفيد منهم البلاد بشكل يفيد الاقتصاد دون أن يكون لهم تأثير كبير على مزاحمة السعوديين في وظائفهم.
وأثارت مسألة الإقامة المميزة جدلا واسعا في أوساط السعوديين، الذين تباينت آراؤهم في الشبكات الاجتماعية، وحتى داخل مجلس الشورى الذي رفع مشروع نظام الإقامة المميزة إلى مجلس الوزراء بعد موافقة 76 عضوا ورفض 55 آخرين.
وتتمحور مخاوف السعوديين الرافضين لهذا النظام في تأثيره على المكاسب، التي حظوا بها بعد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة خلال الفترة الماضية في إطار سياستها لمكافحة البطالة وتوطين المهن واتباع سياسات تشجع المواطنين على الانخراط في سوق العمل الخاص والأعمال التجارية التي كانوا يشكّون من هيمنة الوافدين عليها.
وكثّفت الرياض إصلاحات سوق العمل خلال السنوات الثلاث الأخيرة من خلال إحلال العمالة السعودية محل العمالة الأجنبية في العديد من القطاعات الاقتصادية.
واشترطت تشغيل العمالة المحلية فقط في العديد من القطاعات مثل التأمين والاتصالات والمواصلات. كما فرضت رسوما على تشغيل كل عامل أجنبي يزيد على عدد العاملين السعوديين في الشركات العاملة في السعودية.
وهناك قناعة داخل الأوساط الاقتصادية السعودية بأن القرارات المتتالية ستؤدي إلى توفير مئات الآلاف من الوظائف للمواطنين، في كافة مناطق البلاد بالتزامن مع تسريع إطلاق مشاريع استثمارية جاذبة للعمالة السعودية في تلك القطاعات.