الرياض الدولي للكتاب يناقش قضايا الثقافة بحضور جماهيري كبير

جودة وتنوع فعاليات المعرض أسهمت في توافد جماهير غفيرة للاستمتاع بالأجواء الثقافية والغنية بتجارب معرفية قيمة وشيقة.
الاثنين 2024/09/30
تأكيد على دور المعرض الثقافي

الرياض- بات الحضور الكثيف لمعرض الرياض الدولي للكتاب 2024، سمة بارزة لهذه التظاهرة الثقافية الكبرى التي تنظمها وزارة الثقافة السعودية ممثلة بهيئة الأدب والنشر والترجمة، وتواكبها خدمات مثالية من شأنها منح تجربة ثقافية فريدة وممتعة، علاوة على الأنشطة الثقافية البارزة.

وأسهمت جودة وتنوع فعاليات المعرض، الذي يستمر إلى الخامس منن أكتوبر، في توافد جماهير غفيرة من مختلف شرائح المجتمع وفئاته العمرية، للاستمتاع بالأجواء الثقافية والغنية بتجارب معرفية قيمة وشيقة، تضمن لهم قضاء أوقات ممتعة غنية بالمعرفة، وثرية بالفائدة بين أروقته التي تتوزع على جنباتها أكثر من 2000 دار نشر مشاركة من 30 دولة.

ويُعد معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي يقام هذا العام تحت شعار “الرياض تقرأ” وتستضيفه جامعة الملك سعود بالعاصمة الرياض، حدثا ثقافيا هو الأبرز في المملكة وخارجها، ومنصة ثقافية تجمع صناع الأدب والنشر والترجمة من المؤسسات ودور النشر المحلية والدولية مع القراء والمهتمين بشؤون الثقافة ومجالات المعرفة.

ويستضيف المعرض كوكبة من الشخصيات الأدبية والفنية ورواد الثقافة من المنطقة والعالم، كما يخصص فعاليات ثقافية وترفيهية متنوعة للأطفال في منطقة الطفل، وركنا خاصا لعرض أعمال المؤلفين السعوديين، ومنصات لتوقيع الكتب التي تتيح للجمهور لقاء مؤلفيهم المفضلين لتوقيع أحدث إصداراتهم.

وفي إطار البرنامج الثقافي للمعرض بحث عدد من المفكرين والمثقفين، في ندوة أقيمت مؤخرا، عن حلول للعقبات التي تواجه المفكر العربي وتسويق أعماله عالميا، وبعض التحديات التي يواجهها المفكرون في الوطن العربي.

وحملت الندوة الحوارية التي أقيمت على مسرح معرض “الرياض تقرأ” عنوان “الفكر العربي وتحديات الوضع الراهن” شارك فيها كل من المؤلف المغربي الدكتور محمد أفاية، وأستاذ الدراسات الفلسفية الموريتاني الدكتور عبدالله السيد ولد أباه.

وناقشت الندوة، التي أدارها الدكتور عبدالله البريدي، صفة الروائيين والمفكرين العرب، مؤكدة أن المثقفين والمفكرين يتميزون بالإنتاجية ويحللون ويفهمون مشاكل المجتمع ويتناولونها بأسلوب واضح ومناسب، لافتة الانتباه أن للمفكر العربي مهمات متزامنة، بعكس الغربي تكون متعاقبة، حيث يتأثر العربي من التفكير الديني المتجذر والثقافة المتأصلة.

وأوضح المشاركون أن سبب ارتفاع الإنتاجية للكتاب العرب يكمن في تزايد منسوب الثقة، لافتين الانتباه إلى أن المفكرين العرب يعدّون ضحايا لعدم اعتراف العالم بجدارة ما تنتجه الثقافة العربية، مؤكدين أن المشكلة لا تزيد على أنها مشكلة ترجمة فقط.

وتناول المشاركون أطروحات الفكر العربي في الفكر التنموي، مؤكدين أن للثقافة أدوارا كبرى في ارتقاء الإنسان بمجتمعاته، وأنه يجب أن يعرف صاحب القرار السياسي كيف يدمج الثقافة في المشاريع والخطط الكبرى لبلده، لافتين النظر إلى أننا نشهد اليوم تركيزا أساسيّا على دور عملية إعداد العقل وتوجيهه وإعادة بنائه من أجل وضع مسارات تنموية ناجحة.

والأحد سلط مركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري في جناحه المشارك في المعرض الضوء على برامجه التي يقدمها لتعزيز التواصل الحضاري بين الثقافات، والتي تركز على تعزيز قيم التعايش والتسامح.

ويعرض المركز مجموعة من المطبوعات الحديثة والدراسات والمؤشرات التي تسهم في تعزيز القيم الإنسانية وتبادل المعرفة.

وتأتي هذه المشاركة تأكيدا لدور المركز في ترسيخ حضوره الثقافي وتعزيز دوره في بناء جسور التواصل بين الحضارات، خاصة في ظل ما يشهده معرض الكتاب من اهتمام دولي ومشاركة واسعة من المفكرين والمثقفين، مما يجعله منصة مهمة لتعزيز الفهم المتبادل بين الشعوب.

بوكس

وفي ندوة حوارية أخرى استعرض عدد من الخبراء فرص تحقيق الاستدامة للقطاعات الثقافية، ومدى ارتباطها بالعمل على تعزيز تلك القطاعات، مشيرين إلى جملة من المقومات الواجب توافرها لاستدامة تضمن مستقبل أفضل للقطاع الثقافي باختلاف أوجهه.

وخلص المشاركون في تلك الندوة إلى لزوم اتخاذ تدابير وإجراءات من شأنها الوصول للهدف المنشود، على غرار الحفاظ على الموارد الطبيعية والتأكيد على أهمية جودة السياحة الثقافية، مع حتمية الاهتمام بالبحث العلمي لإيجاد وتطوير حلول مستدامة تدعم السياسات والتوجهات الإستراتيجية لتعزيز القطاع الثقافي.

وتناولت الندوة الخطوات الجادة التي اتخذتها المملكة وتبنتها، الضامنة لتمهيد طريق نحو استدامة كاملة تعزز هذا القطاع.

وتتواصل الندوات الحوارية والفعاليات الثقافية التي يقدمها المعرض على امتداد أيامه وتناقش جل المواضيع والقضايا الراهنة، تأكيدا على أهمية المعرض ودوره الكبير، وهو ما يؤكده كتاب جديد عن المعرض أنجزه الباحث منصور بن محمد العساف، وهو متوفر في المعرض ويأتي بقالب صحفي يوثق فيه المؤلف مسيرة معارض الكتب في مدينة الرياض، بعنوان “معرض الرياض الدولي للكتاب: النشأة.. التاريخ.. المنجزات”.

ويقع الكتاب في 227 صفحة، مدعمة بالصور والوثائق والجداول، تتبع فيها المؤلف تطورات “معرض الرياض الدولي للكتاب”، الذي ولد في أروقة جامعة الرياض (الملك سعود حاليا)، ابتداء من نسخته الأولى عام 1978، وحتى نسخته السادسة والعشرين عام 2022، من خلال توثيق بداياته، ورصد تحولاته، وعرض منجزاته العلمية والعملية؛ بقالب توثيقي، ورصد تاريخي للنسخ الأخيرة منه، مع التركيز على أولويات كل معرض ومستجداته وأثره التثقيفي والمجتمعي.

وأشار الباحث أن “معرض الرياض الدولي للكتاب”، شهد تنقلات زمانية ومكانية خلال مسيرته التي تجاوزت أكثر من 45 عاما.

يُذكر أن معرض الرياض الدولي، يعد الآن من أهم المنصات الثقافية الدولية التي توجد حراكا ثقافيا في الوطن العربي، وقد مر بتطورات كبيرة خلال مسيرته الطويلة، ولعل أشهر تلك التطورات عدد دور النشر المشاركة فيه، والتي صعدت من 120 دارا خلال المعرض الأول عام 1978 إلى 2000 دار نشر هذا العام 2024.

13