الرواية التاريخية خارج التنميط

الدمام (السعودية) - قدمت “جمعية الثقافة والفنون” بالدمام مؤخرا أمسية أدبية استضافت خلالها الأديبة السعودية أميمة الخميس، التي ناقشت قضايا روائية هامة من خلال روايتها المتوجة بجائزة نجيب محفوظ عن روايتها “مسرى الغرانيق في مدن العقيق” والتي بلغت أيضا القائمة الطويلة من الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر).
في البداية قدمت للأمسية الدكتورة فاطمة الشملان مستعرضة سيرة الروائية الأدبية، إثر ذلك طرحت الروائية أميمة الخميس في بداية الأمسية تساؤلات حول “الرواية التاريخية” و”الحكاية المضمرة” في داخل كل رواية تاريخية، حيث هناك رواية مقصاة ومغيبة، متسائلة هل الرواية التاريخية توثق التاريخ؟ أم هي تسرد التاريخ نفسه؟ وإلى أي مدى يتاح للروائي تصنيع المادة الخام للتارخ؟ وهو سؤال دائما يحدق ويتربص بـ”الرواية التاريخية”، مستشهدة في ذلك بروايتها الأولى والوحيدة في كتابة التاريخ “رواية مسرى الغرانيق في مدن العقيق”.
وفي عصف ذهني موجه بعناية للقارئ العربي الذي تكن له الروائية أميمة الخميس كل الاحترام والتقدير، تساءلت الكاتبة -خلال محاور الأمسية- متى تتقاطع الرواية مع التاريخ؟ ومتي تستقل برؤية مستقلة؟ معتبرة أنه في حين أن “الرواية التاريخية” خطاب جمالي إنشائي يغلب على راويها “المتخيل على الواقعي” إلا أنه يجد نفسه في نفس الوقت ملزما بأن ينزل الأحداث والشخصيات في أطر من المشاكلة والتماهي.
وتطرقت الخميس إلى بداية الرواية التاريخية ومؤسسها الكاتب والتر سكوت، وفي العالم العربي كانت البداية مع الكاتب فريد أبوحديد، لتنقل بين المحاور مفصلة حال “الراوي” في العالم العربي والزمن الحاضر خاصة ومرحلة النضوج والتماسك الفني في ظل “الحراك الفكري” الذي شمل العالم العربي لإعادة قراءة التاريخ وإعادة علاقة القارئ به.
وأشارت الخميس إلى وضع “الرواية التاريخية الحديثة” وضرورة تخليصها من “التنميط والنمذجة” بوجود طرح حول مصداقية التاريخ، واستنطاق “الحادثة التاريخية” فلا يوجد نص “نقي السلالة” إذ كل نص هو نص جامع تقوم بإنجابه نصوص أخرى.
وفي محور آخر تطرقت الروائية إلى مسألة تطابق “الرواية التاريخية” مع “التاريخ” وتوازيها معه، فالرواية تستقل بتاريخها الخاص الموازي، أما التاريخ الرسمي فهو تاريخ المنتصرين والشخصيات الكبرى في المعارك، لذا تظل الرواية موازية للتاريخ وليست التاريخ نفسه، بل “بنية” تتخلل هذا التاريخ وتتبلور داخله.
وتنقلت الكاتبة إثر ذلك إلى المحور المهم ومرتكز الأمسية ومحط أنظار الجمهور المنتظر لسماع “كواليس وملامح” رواية “مسرى الغرانيق في مدن العقيق” التي تناولت فترة مطلع القرن الخامس الهجري، زمن “الحقب”، وتحمل بين سطورها تساؤلا عن العقل، والعلاقة بين المركز والأطراف مسترسلة بإيجاز واضح ينم عن إلمام بكل جوانب الثقافة التاريخية.
وختمت الروائية أميمة الخميس الأمسية مع روايتها “مسرى الغرانيق في مدن العقيق” بالإجابة على استفسارات الجمهور من الكتاب والمهتمين مبدية اعتزازها وامتنانها لهذه الدعوة التي منحت للثقافة مظلة، في إطار الاعتناء بالثقافة التي تعتبر في وقتنا الحاضر عاملا تنمويا ونهضويا مهما ومطلوبا للغاية، شاكرة الجمهور على حضوره لمشاركتها الاحتفاء برواية “مسرى الغرانيق في زمن العقيق” التاريخية.