الرهان الخليجي على إنعاش الاقتصاد المصري
لم يسبق أن اختلطت الأوراق الاقتصادية بالأوراق السياسية في منطقة الشرق الأوسط مثلما حدث بعد أحداث الربيع العربي، حتى بلغ النفق الذي كانت تمر به المنطقة ذروة انغلاقه قبيل منتصف العام الماضي ولم يكن هناك من ضوء يلوح في نهاية النفق.
فأكبر بلد في المنطقة من حيث عدد السكان كان يتجه بشكل متسارع الى انهيار اقتصادي، وكان سيوزع دماره على جميع دول المنطقة، في اجندات مخيفة لأحزاب الاسلام السياسي، خاصة جماعة الاخوان المسلمين، التي لا تقف عند حدود المصرية.
لم يكن هناك من خيط يمكن الامساك به لانتشال أمل بتغيير بوصلة المنطقة في ظل احتقان الملفات السورية والعراقية والإيرانية والفلسطينية واللبنانية، إلى أن جاءت ثورة المصريين على الأفق القاتم الذي كانت جماعة الإخوان المسلمين تقود المنطقة إليه.
وسرعان ما وجدت الدول الخليجية ضوءا وخيطا لإخراج المنطقة من النفق المظلم، فسارعت بتقديم مساعدات غير مسبوقة لمصر بلغت أكثر من 16 مليار دولار منذ يوليو الماضي، باستثناء قطر التي فتحت خزائنها لجماعة الأخوان المسلمين وأغلقتها عن مصر بعد الاطاحة بهم.
بل إن مصر رغم أزمتها الاقتصادية أعادت للدوحة نحو 3 مليارات دولار من الودائع وتخطط لإعادة مبلغ مماثل خلال العام الحالي.
ومع تقدم مصر في خارطة الطريق واقترابها من موعد الانتخابات الرئاسية الحاسمة لمستقبل مصر والمنطقة، بدأت تتكشف الخطط الخليجية لتقديم مزيد من المساعدات من الإمارات والسعودية والكويت.
وتقود الامارات هذه الجهود خاصة من خلال المساعدات الفنية التي تعالج مواطن خلل الاقتصاد المصري، ودعهما للشركات الخليجية للإستثمار في مصر.
ويتوقع المراقبون أن ترفع الدول الخليجية من وتيرة المساعدات والاستثمارات في مصر بعد الانتخابات الرئاسية لمعالجة الازمات الاقتصادية في مصر، خاصة بعد أن بدأت الحكومة المؤقتة بتمهيد أرضية القوانين ومناخ الاستثمار الذي يشجع المستثمرين على وضع أموالهم في مصر.
وأعطت الإمارات في الشهر الماضي فكرة واضحة عن آليات الدعم التي تتجه إليها، حين أعلنت عن مشروع عملاق لبناء مليون وحدة سكنية باستثمارات تصل الى 40 مليار دولار، لا يحمّل الحكومة المصرية أي عبء مالي.
ويكشف المشروع عن نوع التنمية الاقتصادية المستدامة التي تريدها الامارات للاقتصاد المصري، من خلال تحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل وزيادة القدرة التنافسية للقطاعات الاقتصادية.
ويرى محللون أن المشروع سيمثل ثورة عملاقة لإنعاش الاقتصاد المصري، ويتوقعون أن يؤدي الى جذب الكثير من الاستثمارات الخليجية والعربية والعالمية.
ويجمع المراقبون على أن الدول الخليجية تحضر الآن لحزمة جديدة من المساعدات، وأنها تنتظر اتضاح الآفاق السياسية في مصر بعد إجراء الانتخابات الرئاسية لبدء مرحلة جديدة لا تقتصر على المساعدات بل تمتد الى المشاركة الاقتصادية الفاعلة في بناء آليات النشاط الاقتصادي في البلاد.
ويقول محللون إن استقرار مصر يمكن أن يفتح آفاقا استثمارية واسعة للمستثمرين الخليجيين بسبب الفرص الكبيرة التي تتيحها السوق المصري العملاقة، لتتحول المعادلة من تقديم المساعدات الى تحقيق المنافع المشتركة، إضافة الى عوائد استقرار مصر على استقرار المنطقة.