"الرمال الحمراء" رسالة أميركية لطمأنة السعودية حيال تهديدات إيران

الرياض - تحاول الإدارة الأميركية طمأنة حلفائها في المنطقة العربية ولاسيما السعودية، بشأن عدم وجود أي تغيير في التزاماتها الأمنية حيالهم، بغض النظر عن القرار الذي سيجري اتخاذه بشأن الاتفاق النووي مع إيران.
وتتنوع رسائل الطمأنة الأميركية، بين تكثيف المناورات العسكرية المشتركة، والدخول في شراكات دفاعية، وتطوير خطط لمواجهة التهديدات الإيرانية الماثلة أمام المنطقة.
وكشف مسؤولون عسكريون أميركيون أن القيادة العسكرية الأميركية المسؤولة عن الشرق الأوسط وإيران تطور خططا لبناء منشأة اختبار عسكرية جديدة يرجح أن يجري تشييدها على أراضي السعودية.
ونقلت شبكة "إن بي سي" الإخبارية الأميركية عن ثلاثة مسؤولين مطلعين على هذه الخطط القول إن "المنشأة ستختبر تقنيات جديدة لمكافحة التهديد المتزايد من الطائرات دون طيار وتطوير واختبار قدرات الدفاع الجوي والصاروخي".
وذكرت الشبكة أن الخطط التي تشرف عليها القيادة الوسطى الأميركية (سينتكوم) تتضمن تسمية المنشأة الجديدة "مركز الرمال الحمراء للتجربة المتكاملة"، على غرار مركز "الرمال البيضاء" الموجود في ولاية نيومكسيكو والمخصص للتجارب الصاروخية طويلة المدى.

وقال المسؤولون إن السعودية هي المكان الأكثر ترجيحا لبناء المنشأة، لأن لديها مساحات مفتوحة واسعة مملوكة للحكومة، وكذلك تمتلك القدرة على اختبار أساليب مختلفة للحرب الإلكترونية، مثل التشويش على الاتصالات والطاقة الموجهة دون التأثير على المراكز السكانية القريبة. وأوضح مسؤول دفاعي أميركي أن هذه الخطط تعتبر "فرصة" في ظل اعتبار المملكة "كمركز ثقل للعديد من المساعي الأمنية الإقليمية المستقبلية".
وأفادت الشبكة، بحسب التقرير الذي ترجمته “الحرة”، بأن قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا اقترح الفكرة في اجتماع مع عدد من حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة الشهر الماضي.
وقال مسؤول أميركي مطلع على المناقشات إن الفكرة لاقت "دعما ساحقا". وتأتي هذه الخطط التي يجري الحديث عنها في ظل ازدياد مستوى التعاون الأمني بين الدول العربية وإسرائيل ضد إيران، التي بنت ترسانة هائلة من الصواريخ الباليستية وأسطول طائرات دون طيار في السنوات الأخيرة.
ويشعر الحلفاء الإقليميون والجيش الأميركي بالقلق من الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة التي شنها المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن، والتي استهدفت منشآت النفط والبنية التحتية الأخرى في السعودية.
وخلال زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للشرق الأوسط في يوليو الماضي، روّج المسؤولون الأميركيون لإمكانية أن تتعاون الحكومات الإقليمية لتعزيز دفاعاتها الصاروخية.
وكشفت صحيفة "وول ستريت جورنال"، مؤخرا أن البحرية الأميركية تعمل مع كل من السعودية وإسرائيل ودول أخرى في منطقة الشرق الأوسط على بناء شبكة من المسيرات البحرية (زوارق غير مأهولة يتم التحكم فيها عن بعد) لرصد نشاطات الجيش الإيراني بالمنطقة.
وقال مسؤولان دفاعيان أميركيان إن الولايات المتحدة ستمول على الأرجح حوالي 20 في المئة من كلفة مشروع "الرمال الحمراء"، وستوفر نحو 20 في المئة من القوة العاملة، بينما سيغطي الحلفاء الباقي. وأضافا أنه لا يوجد حتى الآن تقدير للكلفة النهائية للمشروع.
◙ الرياض سبق أن أبدت تذمرا حيال تراجع واشنطن عن التزاماتها الأمنية تجاهها وتجاه باقي الحلفاء الإقليميين في مواجهة التحديات الأمنية التي تفرضها طهران
وذكر مسؤول أميركي أن الفكرة تهدف إلى “جمع العديد من الدول معا في ترتيبات أمنية براغماتية”، بالتزامن مع التوجه الجديد لقائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا لتحويل تركيز القيادة من وجود عسكري كبير في المنطقة إلى الاهتمام بتعزيز الشراكات.
ولفت المسؤولان الدفاعيان إلى أنه لا يوجد جدول زمني محدد لموعد بدء العمل في منشأة "الرمال الحمراء"، لكن من غير المحتمل أن يكون ذلك قبل نهاية عام 2022.
ولم يتم الإعلان رسميا من قبل الولايات المتحدة أو السعودية عن هذه الخطط. وبينت الشبكة أن متحدثا باسم القيادة المركزية الأميركية رفض التعليق على تفاصيل محددة بشأن الخطة.
وسبق أن أبدت السعودية تذمرا حيال تراجع الولايات المتحدة عن التزاماتها الأمنية تجاهها وتجاه باقي الحلفاء الإقليميين، في مواجهة التحديات الأمنية التي تفرضها إيران ليس فقط لجهة فرضية امتلاك الأخيرة للسلاح النووي، بل وأيضا التهديدات التي تمثلها الميليشيات الموالية لطهران.
وقد شكل هذا الأمر أحد أسباب التوتر في العلاقات الأميركية - السعودية، قبل أن يحاول الرئيس بايدن بزيارته إلى المملكة في يوليو الماضي، إصلاح الوضع، مدفوعا في ذلك بحاجته إلى دعم المملكة في ضبط أسعار النفط المرتفعة جراء الأزمة الأوكرانية.