الرقابة على الصحافة الجزائرية تعود إلى سابق عهدها

إجماع صحافي على أن الحراك الشعبي في البلاد لم ينجح في تحسين وضعية الإعلام.
الجمعة 2019/06/21
أصوات لا تجد من يسمعها

أعرب الصحافيون الجزائريون عن خيبة أملهم جراء استمرار التضييق والرقابة على عملهم في الصحافة والإعلام. وعادت سياسة حجب المواقع الإخبارية، خاصة الناشطة في تغطية الحراك الشعبي، كما تتعمد القنوات التلفزيونية تجاهل تغطية المسيرات الشعبية في بث مباشر.

الجزائر -  أدانت نقابة ناشري الصحافة الإلكترونية، عودة التضييق على المواقع الإخبارية في الجزائر، مؤكدة أن معاناة الصحافة الإلكترونية استمرت قبل وبعد الحراك، حيث أصبح مقص الرقابة يعمل بصورة أكبر مما كان عليه في عهد الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.

وقالت النقابة في بيان رسمي أصدرته الأربعاء، إن “6 مواقع إلكترونية حجبت منذ أسبوع، وهذه الوضعية غير مقبولة”.

وأوضحت أن اللجنة العامة لنقابة ناشري الصحافة الإلكترونية تحدثت في اجتماع الاثنين الماضي عن التضييق الممارس على هذه المواقع. وقال ممثل موقع “كل شيء عن الجزائر” خلال مداخلة له، إنه ورغم كل ما يحدث (الحراك الشعبي) فقد استمرت آلة القمع من خلال حجب موقع كل شيء عن الجزائر والغريب في الأمر أن العملية تتم دون تقديم أي مبرر من قبل الجهات الوصية.

واتهم موقع “كل شيء عن الجزائر” الصادر باللغتين الفرنسية والعربية السلطات في الجزائر بحجب الموقع عن متابعيه في داخل البلاد. واعتبر أن الحكومة الجزائرية تنتهج نفس أساليب السلطات السابقة في عهد بوتفليقة. فيما وصفت منظمة “مراسلون بلا حدود” ذلك بـ”عمل رقابة ذات طبيعة سياسية”.

وقال لوناس قماش، مدير “كل شيء عن الجزائر”، إنّ الموقع الإخباري الذي يعنى بشؤون الجزائر تمّ حجبه عن قرّائه في الجزائر بينما يعمل كالمعتاد في الخارج، مندّدا بـ”الرقابة”. ويصف “كل شيء عن الجزائر” نفسه بأنّه “أول موقع إخباري جزائري باللغة الفرنسية”، وهو يلقى رواجا كبيرا خاصة بسبب تغطيته للحراك الاحتجاجي منذ 22 فبراير ضد نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.

نقابة ناشري الصحافة الإلكترونية: 6 مواقع إلكترونية حجبت منذ أسبوع، وهذه الوضعية غير مقبولة

وأوضح قماش “لا نعرف سبب هذا الحجب (لكن) بالنسبة إلينا هذا فعل رقابي”، مشيرا إلى أنّ الموقع بلغتيه العربية والفرنسية غير متاح في الجزائر.

وتابع “اتّصلنا بشركة اتصالات الجزائر (موزّعة الإنترنت الحكومية) التي قالت إنّها غير معنية بهذه القضية بينما الحجب يتمّ عندها. وفي الوقت الحالي لم نتمكّن من الاتصال بالسلطات” للحصول على توضيحات.

ومن جهتها سألت منظمة “مراسلون بلاد حدود” التي تعنى بالدفاع عن حرية الصحافة عن “أسباب هذا الحجب” وطالبت “السلطات الجزائرية بتوضيحات”. وقال صهيب خياطي مدير منطقة شمال أفريقيا في المنظمة “بما أنّ الحجب يخصّ الجزائر فقط، فهو قد يشير إلى حجب لأسباب سياسية”. وسبق أن حُجب موقع “كل شيء عن الجزائر” في 2017 على شبكة الهاتف النقال “موبيليس″، فرع شركة اتصالات الجزائر.

كما أدانت عشر منظمات حقوقية وجمعيّات تونسية الأسبوع الماضي حجب “كل شيء عن الجزائر”.

وكشفت المنظمات في بيان مشترك صدر عنها أن الحجب تم منذ 12 يونيو، معربة عن “تضامنها مع أسرة تحرير هذه الجريدة الإلكترونية المستقلة التي تحظى باهتمام كبير لدى الرأي العام الجزائري، والتي فازت في 30 مايو الماضي بجائزة نجيبة الحمروني المغاربية لأخلاقيات المهنة الصحافية”.

ودعت السلطات الجزائرية إلى إنهاء حجب الموقع، مذكرة بأنه الحجب الثاني من نوعه منذ 2017. كما دعتها إلى “وضع حد لمختلف أساليب الرقابة واحترام حق الشعب الجزائري، المُنتفض بشكل سلمي ورائع منذ 22 فبراير الماضي على الاستبداد والفساد، في حرية التعبير والصحافة”.

ولاحظ الجزائريون في الأسابيع الأخيرة عزوفا للقنوات التلفزيونية عن تغطية المسيرات الشعبية في بث مباشر كما كانت تفعل في بدايات الحراك الشعبي كل يوم جمعة.

ويجمع الصحافيون على أن الحراك الشعبي لم ينجح في تحسين وضعية الصحافة، حيث لم يتغير واقع الإعلام، فنفس القواعد، والمنظومة القانونية هي التي تحكم ممارسة المهنة في البلاد.

Thumbnail

ونوه متابعون بأن القليل من الانفتاح والحرية شهدته الأسابيع الأولى من الحراك الشعبي، لكن يبدو أنه كان جزءا من الارتباك العام في المشهد. وقد اعتمدت السلطة سياسة التريث والرهان على الوقت لعودة الأمور إلى طبيعتها لكن ذلك لم يحدث، ولهذا تم التدخل مباشرة من أجل فرض خط تحريري منسجم مع الخطاب الرسمي. كما شهدت الاحتجاجات في الأسابيع الأخيرة تضييقا على الصحافيين من قبل قوات الأمن. وقال رسام الكاريكاتير باقي بوخالفة “كنا نعتقد أن الحراك قد حرر كل القطاعات لنفاجأ بالاعتداءات في حق الصحافيين”.

وطالب بوخالفة مديرية الأمن الوطني بضرورة تغيير أسلوبها في التعامل مع رجال الصحافة من منطلق احترام مهنتهم النبيلة في ضمان حق الشعب في الخبر والمعلومة.

وأكدت نقابة الناشرين أيضا في بيانها “تضامنها من أجل معركة حرية الصحافة في الجزائر، ونددت بعودة ممارسات العصابة السابقة التي طَالب الحراك الشعبي برحيلها، منوهة إلى عدم قمع أي جريدة إلكترونية، مطالبة برفع الحصار عن الصحافة بشكل عام، خاصة وأن الوضع الحالي لقطاع الصحافة يستدعي تضافر الجهود وهبّة رجل واحد من أجل إعادة الاعتبار لهذه المهنة والدفاع عن الصحافي وحمايته وحق المواطن في المعلومة الذي لا يتجسد إلا من خلال منح الحرية الكاملة للصحافي”.

كما أكدت النقابة أن “الوصول إلى جمهورية جديدة لا يكون إلا بحرية التعبير وحرية الصحافة وقوتها تتجسد من خلال قوة الصحافة الإلكترونية واستقلاليتها”.

وتابعت “أجّلنا الخوض في مشاكلنا المهنية المتعلقة بموضوع الصحافة الإلكترونية خاصة من أجل مستقبل الوطن والجزائريين، ولكن للأسف هذا التراجع لم يفهم من طرف آلة السلطة التي مازالت تسير ضد رغبة المواطنين والحراك”.

18