"الرحلة 17" توثيق بصري لصمود السوريين أمام إرهاب داعش

دمشق - أطلقت المؤسسة العامة للسينما في سوريا أخيرا العرض الخاص لفيلم الديكودراما “الرحلة 17” للمخرج الشاب علي إسماعيل الماغوط، وذلك في صالة سينما كندي دمر بالعاصمة السورية دمشق وسط حضور رسمي وثقافي.
والفيلم الذي كتب له السيناريو حسن مصطفى يسلّط الضوء على بطولات الجيش السوري والمواطنين في التصدّي لإرهاب داعش، حيث يروي أحداثا واقعية حقيقية حدثت بدايات عام 2013 في إحدى وحدات الجيش السوري بمحافظة الرقة، مجسّدا مرحلة مصيرية من البطولات والتضحيات التي عاشها الجنود بالتعاون مع أهالي المنطقة من أجل التصدّي للإرهابيين وداعميهم من خلال سرد درامي ووثائقي يكشف حقائق عن رحلة مليئة بالأحداث.
وعن الفيلم قال مراد شاهين مدير المؤسسة العامة للسينما “يقدّم الفيلم عبر ستين دقيقة الصورة الحقيقية للسوري المقاوم والمدافع عن أرضه الذي صمد في وجه أصعب الظروف، وتحدّى الموت ليتصدّى للتطرف بكل أشكاله ويكلّل صبره بالنصر والعزة والكرامة”.
وأضاف “أهمية العمل تكمن في توثيقه لواحدة من الملاحم التي سطرها رجال الجيش السوري في حربه ضد الإرهاب ضمن مسعى من وزارة الثقافة لتصوير هذه الملاحم بهدف توثيق المرحلة من جهة والدفاع عن الهوية السورية من جهة أخرى”.

علي إسماعيل الماغوط: الفيلم يقدّم حالة وجدانية يتقاطع فيها التشكيل مع السينما
وقال المخرج علي إسماعيل الماغوط “الفيلم محاولة جادة لتوثيق ما حدث مع مجموعة عسكرية في الجيش السوري في محافظة الرقة عام 2013، حاولنا تقديم ما تعرّضت له هذه المجموعة العسكرية من مخاطر بطريقة مختلفة عمّا طرح سابقا في السينما والدراما السورية، لاسيما أن الفيلم يُعالج ما يعرف بالحرب الإلكترونية، حيث حاولنا قدر الإمكان أن نتحدّث عن الحالات الإنسانية المؤلمة التي عاشها أبطالها، ولكننا ذهبنا مع ذلك نحو حالة سريالية، وكنت مصرا على تقاطع فن التشكيل مع السينما لذلك أوجدت لوحة العشاء الأخير ولوحة الخلق”.
وأضاف “الفيلم حالة وجدانية أردناها أن تخاطب وعي الجمهور السوري وأن تكون موثّقة لما قدّمه من تضحيات وصمود”، كاشفا أنه مزج في فيلمه بين الدراما والتوثيق لتقديم فيلم غير تقليدي، من خلال تقديم الممثلين لمشهد ما ليأتي الشخص الحقيقي ويعزّزه.
وأشار إلى أنه ابتعد عن المعارك وركّز على أشياء أخرى، أهمها كيفية نجاح الجيش السوري في مجابهة الحصار الخانق الذي فرضته العصابات الإرهابية المسلحة، وكيف أن كل عناصر الجيش كانوا في خندق واحد كالإخوة ومتماسكين يدا واحدة بعيدا عن التراتبية العسكرية.
وصوّر الفيلم في ريف دمشق، حيث تم تجهيز مكان مناسب شبيه بمحافظة الرقة، وقد استغرقت التحضيرات مع الممثلين أوقاتا طويلة حتى يستطيع كل ممثل تقديم الشخصية الحقيقية بأقرب صورة ممكنة، وتمّ الاعتماد على البساطة والعفوية في أسلوب الطرح بعيدا عن التكلف والثرثرة في المعالجة.
ووصف الماغوط التجربة بـ”القاسية” بسبب ظروف العمل التي تزامنت مع الانتشار الأول لجائحة فايروس كورونا والحجر الصحي الذي فرض على الجميع حينها، إلى جانب الإمكانات المتواضعة وضيق وقت التصوير وطبيعة المكان، مؤكدا “إلاّ أن إصرارنا على تقديم رسالة هؤلاء الأشخاص ذلّل لنا جميع الصعوبات، كما أن درجات التعاون بين الفريقين الفني والإنتاجي مع الممثلين والذين كان أغلبهم من جيل الشباب الطامح جعلت ممّا هو مستحيل واقعا ممكنا”.
الفنان وضاح حلوم الذي جسّد شخصية العقيد أكرم الحسن، وهو أحد أبطال الجيش السوري وقائد الفرقة 17، أكّد أن أهمية الفيلم “تأتي من كون أبطاله أشخاصا حقيقيين موجودين معنا”، لافتا إلى أن “تكريس أفلام الديكودراما مهم لتبقى منارة تهدي كل من سيأتي بعدنا”.
وأضاف “الفيلم جديد من ناحية الفكرة والطرح والتصوير، وقد آمن به جميع الممثلين ما جعلهُ يظهر للمُشاهد بأبهى صورة وبواقعية أقرب إلى الحقيقة”.
بدوره عبّر الفنان كرم الشعراني عن فخره بتجسيد شخصية المقدّم شادي أحمد، وهو ضابط في الجيش السوري، لافتا إلى أنه اجتمع مع الضابط الذي جسّد شخصيته محاولا أخذ التفاصيل التي كان يحسّها تجاه وطنه وعائلته ورفاقه لينقل بأمانة وإخلاص ما جسده هؤلاء الضباط من بطولة وعنفوان، متمنيا أن يتكرّر هذا النوع من الأفلام لأن الدور الذي قدّمه يعد من أهم الأدوار في مسيرته الفنية.
أهمية العمل تكمن في توثيقه لواحدة من الملاحم التي سطرها رجال الجيش السوري في حربه ضد الإرهاب والدفاع عن الهوية السورية
وعن دور أم يعقوب زوجة الملازم محمد الذي جسّدته الممثلة عفراء زينو التي أبرزت فيه صمود المرأة السورية وصبرها في هذه الحرب، قالت “المشاركة على الرغم من قصرها إلاّ أنها تعني لي الكثير، أولا لكونها تتحدّث عن التضحيات البطولية التي خاضها الجيش السوري في حربه ضد إرهاب داعش، وكذلك كوني كنت مع فريق عمل مميّز من فنيين وممثلين آمنوا بفكرة الفيلم ورسالته النبيلة”.
وشاركت في العمل مجموعة من الممثلين السوريين بين مخضرمين وشباب على غرار وضاح حلوم وكرم الشعراني وطارق نخلة ورشا إبراهيم ومجد مشرف وياسر سلمون وعفراء زينو ومحمد قصاب وعلي إسماعيل ونور خلف ومحمد دباغ ونورس أبوعلي وطلال الأغزل والطفلة ماسة نيشة وآخرين.
وعلي إسماعيل الماغوط من مواليد سلمية في محافظة حماة عام 1986، خريج كلية الاقتصاد في جامعة دمشق. في رصيده فيلمان قصيران، الأول “غرفة لا أكثر” الذي شارك في مهرجان لويس لوميير في باريس، كما عرض في تظاهرة سينمائية في برلين بألمانيا.
والفيلم الثاني حمل عنوان “البداية” وقد حاز جائزة لجنة التحكيم في مهرجان الأفلام القصيرة وسينما دعم الشباب، كما شارك في العديد من المهرجانات العربية الأخرى.
وأنجز الماغوط فيلما وثائقيا طويلا بعنوان “تراب وماء”، وعمل مدربا في ورشات إنتاج الفيلم القصير للهواة مع اليونيسيف، ومخرجا فنيا في ورشة العمل السينمائية مع المخرج محمد عبدالعزيز، إضافة إلى التعاون الفني في عشارية “عش الغراب” الدرامية. كما عمل مخرجا منفذا لعدد من الأفلام السورية منها “دم النخل” و”الطريق” و”رد القضاء”، إضافة إلى مسلسل “وحدن”.