"الرجوع إلى الحياة" معرض عن قدرة الفن على استرجاع المفقود

الجزائر- حتى الثامن من يونيو المقبل يقدم الفنان التشكيلي منصف قيطا في رواق الفن “الزوآرت” بالجزائر مجموعته الفنية الجديدة بعنوان “إيفانيسونس” (الرجوع إلى الحياة)، والتي لخصت عمله خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
واختار الفنان منصف قيطا (من مواليد عنابة 1945) عرض 21 لوحة تشكيلية في رواق “الزوآرت” بباب الزوار، ليوقع عودته إلى الساحة الفنية بعد ثلاث سنوات من العمل والتأمل في ماهية مجموعته الجديدة التي اختار لها عنوان “الرجوع إلى الحياة” للدلالة على “قدرة الفن على استرجاع الأشياء التي قد يظنها الجميع مفقودة ولكنها تعود إلى الظهور بفضل التعبير التشكيلي”، حسب وصفه.
وبتقنية الرسم الزيتي الممزوج مع عناصر طبيعية وأخرى اصطناعية، مثل التراب والألوان التي تفرزها بعض الخضر والفواكه وحتى الإسمنت، يستخرج الفنان ألوان لوحاته التي تدرجت بين الترابي والدافئ، ويبدو أنها عكست البعد الأفريقي والمتوسطي للجزائر.
وجالت ريشة الفنان بين مواضيع ذات صلة بالمدينة والإنسان، وتحديدا الطفل والمرأة والمناظر الطبيعية المحيطة بهما، إذ يسهل على المتلقي فك شفرة اللوحات من الوهلة الأولى بفضل تفاصيل يحرص الفنان على وضعها كعلامات واضحة قبل أن ينغمس في تفاصيل أخرى تجريدية متداخلة قابلة للتأويل وتفتح أفق التفكير في ماهية اللوحة.
وتختفي وراء الخطوط والخدوش التي يحدثها سكين الرسم حساسية فنية كبيرة لهذا التشكيلي الذي يبدو أنه مشغول بالمسألة الثقافية والتاريخية، بحيث يستعين برموز أمازيغية نجدها في الوشم وزركشات الفخار والزرابي، علاوة على أشكال تحيل إلى النقوش القديمة في منطقة طاسيلي.
وينظر الفنان قيطا، بصفته فنانا عصاميا جرب النحت والتشكيل وكتابة الشعر في آن واحد، إلى الحياة على أنها تركيبة لا متناهية من الأشكال والإشارات التي تختفي وتعود بطرق مختلفة، لهذا نجده يصبغ لوحاته بالألوان وقصاصات الجرائد والروايات، كما لا يخفى على المشاهد اكتشاف تأثره بالفنان الكبير إسياخم خاصة في لوحة “العازفة” و”الأخوات الثلاث” و”المنفيون”.
تذوق منصف قيطا، الرسام الجزائري، سحر الفن في وقت مبكر جدًا. دخل مع عمه جميع المتاحف التي كانت في طريقه، وحتى تلك التي لم تكن كذلك! إن تذوق الفن والأشياء الجميلة والرسم والنحت والشعر قد غمر الفنان بعمق، وانتهى به الأمر إلى تكريس نفسه بالكامل لفنه، من أجل إعطاء الجسد والحياة الأهمية اللازمة، للرسم من خلال الأعمال الشخصية للغاية التي تأتي بألوان رائعة بما في ذلك الأزرق والأخضر الطاغيان على أعماله الفنية.
منصف قيطا هو دكتور في علم الأحياء. كان مدرسًا، ثم تدرج في السلم الوظيفي حتى أصبح موظفًا حكوميًا كبيرًا. شارك منذ عام 1986 في العديد من المعارض في الجزائر وكذلك في فرنسا وسوريا وتونس ورومانيا وليبيا وإسبانيا، ويقود مؤتمرات الثقافة وفن التصوير في الجزائر. أعماله شبه التجريدية تكشف تأثره العميق بفنانين معاصرين.