الربط المصرفي حل روسي - إيراني للتغلب على الحظر

مساع لتسهيل عمليات الدفع والتجارة وتعزيزهما بين البلدين في كافة المجالات عبر نظامي مير وشتاب.
الأربعاء 2024/11/13
تثبتوا من أرصدتكم

عززت روسيا تعاونها المالي المشترك مع حليفتها إيران من خلال ربط نظاميهما المصرفيين لتسهيل عمليات الدفع والتجارة، ضمن مساعي البلدين للتغلب على الحظر الغربي، والتي تأتي في سياق توسيع التعاون بهدف تحقيق أهدافهما الاقتصادية المشتركة.

طهران - فتحت روسيا وإيران جبهة جديدة في مسار معقد وطويل لمواجهة العقوبات الأميركية والأوروبية من بوابة تسهيل المعاملات عبر النظامين المصرفين في البلدين.

وأعطى المسؤولون هذا الأسبوع إشارة ربط نظام الدفع الروسي مير، الذي دخل حيز العمل في ديسمبر 2015، بنظام الدفع شتاب الإيراني، كما بات ممكنا للإيرانيين استخدام بطاقاتهم البنكية في السوق الروسية دون أيّ عوائق.

وقال محافظ البنك المركزي الإيراني محمد رضا فرزين إن “دمج النظامين المصرفيين خطوة كبيرة نحو بناء تعاون اقتصادي متكامل في المنطقة، واستكمال عملية إزالة الدولرة وتسهيل العلاقات الاقتصادية والسياحية بين الطرفين.”

وتضاعف التعاون المالي والمصرفي بين العضوين في تحالف أوبك+، وقد كانت مسألة تجاوز العقوبات والضغوط المالية المسلطة عليهما من الغرب مع فكرة استبدال عملتي الدولار واليورو بالروبل والريال من أسس العمل المشترك على مدى العامين الماضيين.

لكن المحللين يرون أن التخلص من العملتين الأميركية والأوروبية سيكون أمرا صعبا للغاية، خاصة وأن الدولار، تحديدا، يعد عملة تجارة عالمية لا يمكن الاستغناء عنها في التصدير والاستيراد.

وأكد فرزين خلال كلمته أثناء مؤتمر اقتصادي مشترك عقد الاثنين الماضي، أنه عبر ربط شبكات الدفع المحلية للبلدين، ستتم إزالة حدود المدفوعات الإلكترونية وسيبدأ فصل جديد في التعاون الاقتصادي والثقافي بين البلدين. وقال إن “المشروع الذي نشهد تدشينه اليوم (الاثنين)، بدأ بهدف التكامل في شبكات الدفع وتسهيل المعاملات المالية بين مواطني البلدين.”

محمد رضا فرزين: دمج النظامين المصرفيين استكمال لعملية إزالة الدولرة
محمد رضا فرزين: دمج النظامين المصرفيين استكمال لعملية إزالة الدولرة

وفي أبريل الماضي، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أن مشروع استخدام بطاقات مير دخل مرحلة التنفيذ. وخلال شهر مايو 2022، قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك إن "البلدين يناقشان كيفية ربط نظامي الدفع مير وشتاب".

واستُبعدت البنوك الإيرانية منذ العام 2018 من نظام سويفت المالي الدولي المتحكّم بمعظم التعاملات التجارية حول العالم. وكانت الخطوة جزءا من سلسلة عقوبات أعيد فرضها على طهران بعدما انسحبت الولايات المتحدة من اتفاق 2015 النووي التاريخي.

وأفادت وسائل إعلام إيرانية من بينها قناة شبكة أخبار جمهورية إيران الإسلامية أن مشروع الربط المصرفي ينقسم إلى ثلاث مراحل وفي كل مرحلة يتم اتخاذ خطوة مهمة نحو تحقيق الهدف النهائي.

ونقلت عن فرزين قوله إن “المرحلة الأولى، التي تم تشغيلها في نهاية سبتمبر الماضي، توفر إمكانية استخدام البطاقات المصرفية الإيرانية، التي تعمل تحت شبكة شتاب، في أجهزة الصراف الآلي الروسية للسياح.”

وأوضح أنه بهذه الطريقة، صار بإمكان الإيرانيين حاليا استلام نقود الروبل بسهولة من أجهزة الصراف الآلي الروسية وذلك باستخدام رصيد الريال في بطاقات شتاب الخاصة بهم.

وسيكون بإمكانهم مستقبلا استخدام بطاقاتهم للقيام بالشراء داخل المتاجر الروسية، وهي المرحلة الثانية من الربط، على أن تتوسع الخطة ليتم تطبيقها في بلدان أخرى لديها مجموعة واسعة من التعاملات المالية والاجتماعية مع إيران، مثل العراق وأفغانستان وتركيا.

وعلى الناحية الأخرى سيكون بإمكان الروس أيضا في المستقبل استخدام بطاقاتهم المصرفية في السوق الإيرانية، وهي المرحلة الثالثة من مشروع عملية الربط، بحسب شبكة أخبار جمهورية إيران الإسلامية، التي لم تحدد موعدا لذلك.

ويتم قبول بطاقات مير في عدد من البلدان، بما في ذلك أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية وبيلاروسيا، وبحدود معينة في أرمينيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وكوبا وفنزويلا وفيتنام.

وكانت العقوبات الأميركية قد أجبرت بعض البنوك في أرمينيا وقيرغيزستان وكازاخستان على وقف المعاملات والتوقف عن قبول بطاقات مير. وفي الوقت نفسه، أفادت التقارير أن 15 دولة أخرى أعربت عن اهتمامها بقبول بطاقات مير على أراضيها.

وتضغط موسكو منذ أشهر من أجل تأسيس منصة للقيام بعمليات الدفع الدولية كبديل لخدمة سويفت، والتي تم أيضا من خلالها استبعاد بنوك روسية بارزة منها منذ قرابة ثلاث سنوات، فضلا عن عدم إمكانية التعامل مع شركات فيزا وماستركارد.

مكسيم ريشيتنيكوف: نعمل على تسريع التجارة بين الاتحاد الأوراسي وإيران
مكسيم ريشيتنيكوف: نعمل على تسريع التجارة بين الاتحاد الأوراسي وإيران

ومنذ اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا مطلع العام 2022، واجهت موسكو عقوبات متزايدة فيما تقاربت في الوقت ذاته مع طهران. واتّهمت أوكرانيا وحلفاؤها في الغرب إيران بتزويد موسكو بمسيّرات وصواريخ لاستخدامها في الحرب.

وسعت إيران وروسيا لمواجهة تداعيات العقوبات على اقتصاديهما من خلال دعم الشراكات في كافة المجالات، بما يتيح لهما الابتعاد عن العقوبات الأوروبية والأميركية. وكانا قد أبرما اتفاقا في يونيو الماضي لتعزيز التعاون بينهما في القطاع المصرفي.

وفي أواخر ديسمبر الماضي، وقّع أعضاء الاتحاد الاقتصادي الأوراسي بقيادة روسيا اتفاقية تجارة حرة مع إيران. وقد كانت الخطوة تطويرا لاتفاق التجارة التفضيلية الأصلي بين الطرفين.

ونمت العلاقات الاقتصادية الإيرانية – الروسية خلال السنوات القليلة الماضية. وتشير التقديرات الرسمية إلى أن حجم التجارة بينهما صعد من 1.5 مليار دولار خلال 2020 إلى حوالي 5 مليارات دولار بنهاية العام الماضي.

وأبرم البلدان العديد من الاتفاقيات الثنائية ومتعددة الأطراف ضمن الاتحاد الأوراسي ومنظمة شنغهاي للتعاون، وممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب، وحتى بريكس لتخفيف آثار العقوبات الغربية المسلّطة عليهما. كما اتفقا على تحديد القدرات الزراعية المتبادلة، وكذلك المجالات المناسبة لتبادل المنتجات الغذائية، بغية زيادة مستوى التجارة في هذا القطاع.

وفي إشارة إلى التجارة المتزايدة بين إيران والدول الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي أعرب وزير الاقتصاد الروسي مكسيم ريشيتنيكوف خلال المؤتمر عن أمله في تسريع هذه العملية بشكل أكبر.

وناقش الجانبان أيضا قضايا الجمارك والاستثمارات الروسية في صناعة النفط، وتقدم خط سكة حديد رشت – أستارا والممر الشمالي الجنوبي وتأمين سائقي الشاحنات وتسوية العملة التجارية.

ويعتبر المسؤولون في البلدين أن الاتفاق على تحويل إيران إلى مركز إقليمي للعبور والغاز الطبيعي المسال، هو مثال رئيسي للتعاون بين طهران وموسكو.

وقال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أثناء اجتماع مع رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين “نعتقد أنه إذا تم تنفيذ مشاريع مشتركة مهمة، فإنها ستوفر قدرات كبيرة لكلا البلدين لمواجهة العقوبات القاسية.”

11