الرباط قلب الرقابة الأفريقية النابض مع استقرار الأفروساي في المغرب

المغرب يؤكد تطلعه للعمل المشترك مع الأفروساي لتبادل الخبرات وتطوير الرقابة، فيما تعرب المنظمة عن ثقتها بأن استضافة المملكة ستعزز الشفافية ومكافحة الفساد بأفريقيا.
السبت 2025/05/03
شراكة مغربية أفريقية راسخة لتعزيز الحكامة والشفافية

الرباط - شهدت الرباط الجمعة توقيع مذكرة اتفاق تاريخية بين المجلس الأعلى للحسابات والمنظمة الأفريقية للأجهزة العليا لمراقبة المالية العمومية والمحاسبة (أفروساي)، تحدد التزامات المجلس تجاه الأمانة العامة للمنظمة، وذلك عقب استضافة المملكة للمقر الدائم للأفروساي واستكمال إجراءات نقله من الكاميرون إلى المغرب.

وتعكس هذه الخطوة ثقة المؤسسات الأفريقية المتزايدة في الدور المحوري الذي تضطلع به المملكة على صعيد تعزيز الشفافية والحكامة الرشيدة في القارة.

وقد وقع الاتفاق كل من زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، وخالد أحمد شكشك، رئيس منظمة الأفروساي ورئيس ديوان المحاسبة الليبي، بحضور مسؤولين وممثلين عن الأجهزة الرقابية الأفريقية.

ويمثل انتقال المقر الدائم للأفروساي إلى المغرب مكسبا استراتيجيا متعدد الأبعاد، يعزز من مكانة المملكة ودورها القيادي في القارة الأفريقية.

ويعكس هذا الاختيار ثقة متزايدة من الأجهزة الرقابية الأفريقية في كفاءة المجلس الأعلى للحسابات المغربي وتجربته الرائدة في مجال الرقابة المالية والمحاسبة.

كما يؤكد احتضان المغرب لهذا المقر التزام المملكة الراسخ بتعزيز مبادئ الشفافية والنزاهة والحكامة الرشيدة في أفريقيا، وهو ما يتماشى مع الرؤية الملكية السامية.

ويجسد هذا الانتقال التفعيل العملي لسياسة التعاون جنوب-جنوب التي يتبناها المغرب كخيار استراتيجي لتحقيق التنمية المستدامة المشتركة والازدهار في القارة. وبذلك، سيتحول المغرب إلى مركز إقليمي حيوي لتبادل الخبرات والمعارف في مجال الرقابة العمومية، مما سيسهم بشكل كبير في تقوية قدرات الأجهزة الرقابية الأفريقية الأخرى.

كما يفتح هذا المقر الجديد آفاقا واعدة لتحفيز وإطلاق مشاريع رقابية جماعية على مستوى القارة، تتناول بشكل فعال ومنسق قضايا التنمية الحيوية ومكافحة الفساد المستشري. ومن خلال الدعم الفني واللوجستي الذي سيقدمه المغرب، سيتم تعزيز استقلالية الأجهزة الرقابية الأفريقية وتمكينها من أداء مهامها بكفاءة وفعالية أكبر.

وعلاوة على ذلك، سيلعب المغرب دورا محوريا في نشر وتبني آليات الرقابة الحديثة في أفريقيا، مثل الرقابة المبنية على المخاطر والتدقيق المالي الرقمي، لمواكبة التحولات الكبرى التي يشهدها مجال الرقابة العمومية.

وتهدف هذه المذكرة، إلى وضع الترتيبات العملية التي يتعين على المجلس الأعلى للحسابات تنفيذها لاستضافة المقر الدائم للمنظمة الأفريقية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة.

وبموجب هذه الاتفاقية، يتعهد المجلس الأعلى للحسابات، بصفته الأمين العام والجهاز المحتضن للمقر الدائم للأفروساي، بالعمل على تعزيز الإرث المشترك للمنظمة والدفاع عن تطلعات الأجهزة الأفريقية العليا للرقابة المالية والمحاسبة بما يكفل تدعيم المبادئ الأساسية المنصوص عليها في النظام الأساسي للمنظمة، وتعزيز المكانة الدولية للأفروساي وعلاقات التعاون التي تجمعها بالجهات الخارجية ذات المصلحة.

كما يتعهد المجلس بإعداد واعتماد وتنفيذ المبادئ التوجيهية والقرارات الصادرة عن الهيئات التقريرية للمنظمة، وكذا تطوير آليات حكامة المنظمة وتعزيز منظومة الإشراف والرقابة الداخلية على مجموع عملياتها.

وفي كلمتها بهذه المناسبة، أكدت العدوي أن المجلس الأعلى للحسابات يتطلع إلى العمل بشكل مشترك مع رئاسة المنظمة من أجل تقاسم المشاريع والبرامج، والخبرات والتجارب، خدمة للأجهزة الأعضاء، من خلال عقد اجتماعات سنوية، والعمل على رفع التحديات المشتركة التي تواجه الأجهزة الأعضاء، سواء تعلق الأمر بتعزيز الاستقلالية، أو الرفع من القدرات التقنية، أو تطوير أدوات الرقابة الحديثة التي تواكب التدقيق المبني على المخاطر والتحول الرقمي، وكذا الانتقال إلى المحاسبة على أساس الحقوق المكتسبة.

وأضافت أن المجلس سيعمل على اقتراح مهام رقابية منسقة بين الأجهزة الأعضاء حول مواضيع مختلفة ذات أهمية وراهنية مشتركة وذات طابع أفقي، مما من شأنه النهوض بالعمل الجماعي بين الأجهزة الأعضاء.

وأشارت العدوي إلى أنه سيتم إعداد خطة تواصلية مع كافة الأعضاء لتقديم مقترحاتهم حول المواضيع التي تستدعي القيام بمهام رقابية، مع العمل على بلورة استراتيجية تواصلية ناجحة تجاه الأجهزة الأعضاء والشركاء المؤسساتيين والفنيين والداعمين .

واعتبرت أن هذا التوقيع سيشكل خطوة مهمة نحو تحقيق الأهداف التي تبنتها الأفروساي في برنامجها الإستراتيجي لتعزيز أداء الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة خدمة لترسيخ مبادئ الحكامة الرشيدة والشفافية في القارة الإفريقية من خلال تنفيذ مشاريع التطوير المؤسساتي المتواصل لتعزيز قدرات وجودة الأداء الرقابي وأثره.

من جانبه، أبرز رئيس منظمة (الأفروساي)، رئيس ديوان المحاسبة الليبي خالد أحمد شكشك، في تصريح للصحافة، أن اختيار المغرب ليكون مقرا دائما لمنظمة الأفروساي يجسد الثقة في النجاحات التي حققها المجلس الأعلى للحسابات وانعكاس ذلك على عمل المنظمة.

وبعد أن استعرض أهداف المنظمة المتمثلة، على الخصوص، في توفير الدعم لكل الأجهزة الرقابية سواء على مستوى الاستقلالية أو من خلال الدورات التدريبية، أبرز شكشك أن اختيار المجلس المقر الدائم للمنظمة سيحدث تغييرا جوهريا في عمل أجهزة الرقابة العليا للرقابة والمحاسبة على مستوى القارة الإفريقية، لافتا إلى أن ذلك سينعكس بالتأكيد على مستوى الشفافية ومكافحة الفساد والحكامة، فضلا عن تحسين الأداء الحكومي في كل الدول الإفريقية.

وسلط شكشك، في هذا السياق، الضوء على التحديات التي تواجه المنظمة لاسيما في ضوء الأهداف الاستراتيجية "الطموحة" التي سطرت، والتي تتمثل في البحث عن السبل الكفيلة بدعم هذه الأهداف، سواء على مستوى التمويل أو التنفيذ.

ويأتي هذا الاتفاق تتويجا لقرارات الجمعية العامة لمنظمة الأفروساي المنعقدة في طرابلس عام 2024، والتي تم بموجبها انتخاب المجلس الأعلى للحسابات أمينًا عامًا ومؤسسة مضيفة للمقر الدائم للمنظمة.

كما يأتي تفعيلا لاتفاق احتضان الرباط مقر المنظمة الموقع بين الحكومة المغربية ممثلة في ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، وزينب العدوي الأمينة العامة لمنظمة الأفروساي في 30 أبريل 2025، تجسيدًا للرؤية الملكية لتعزيز التعاون جنوب-جنوب ودعم الحكامة الجيدة والتنمية المستدامة في أفريقيا.

ويمثل توقيع هذه المذكرة خطوة محورية ترسخ دور المغرب كفاعل أساسي في مجال الحكامة والرقابة على المستوى الأفريقي. كما أن استضافة المقر الدائم لمنظمة الأفروساي في الرباط ليست مجرد نقل لمقر إداري، بل هي اعتراف بالريادة المغربية وتعبير عن تطلع القارة نحو تعزيز الشفافية والمساءلة لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار المشترك.

وتعد المنظمة الأفريقية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة (أفروساي) هيئة إقليمية تعنى بتعزيز التعاون وتبادل الخبرات بين أجهزة الرقابة المالية في الدول الإفريقية. كما تعمل على دعم الحكامة المالية وتعزيز الشفافية في تدبير المال العام، من خلال تقوية قدرات المؤسسات الرقابية وتيسير التنسيق بينها.