الرباط تستضيف المسرحيين الأفارقة في الدورة الأولى لمهرجان المسرح الأفريقي

مسرحيات وفعاليات تكشف ثراء المسرح الأفريقي المعاصر وتنوعه.
الأربعاء 2023/04/26
المهرجان يثبت التواصل الثقافي بين المغرب وأفريقيا

استفاد المسرح الأفريقي بشكل كبير من الفنون الأخرى كالتشكيل والنحت والأدب والموسيقى وحتى السينما التي تشهد طفرة واسعة، ورغم تنوعه وثرائه وتعدد التجارب المغامرة فيه فإنه لا يلقى الانتشار المطلوب، وهذا ما تفطنت له وحاولت معالجته المهرجانات على غرار أيام قرطاج المسرحية في تونس وأخيرا مهرجان جديد للمسرح الأفريقي في الرباط.

الرباط - انطلقت مساء الاثنين على خشبة مسرح محمد الخامس في الرباط فعاليات الدورة الأولى من مهرجان المسرح الأفريقي، التي تنظمها وزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية بالاشتراك مع منظمة المدن والحكومات المحلية الأفريقية وبشراكة مع جمعية شعاع القمر، في إطار فعاليات الرباط عاصمة للثقافة الأفريقية التي تشمل 100 حدث ثقافي وفني على مدى عام.

وكرم المهرجان، الذي يستمر إلى الثلاثين من أبريل الجاري، في حفل افتتاحه المخرج والممثل والكاتب المالي حبيب ديمبيلي، الذي تسلم درع المهرجان احتفاء بمالي كضيفة شرف لهذه الدورة.

عروض وفعاليات

النهوض بالفنون الحية
النهوض بالفنون الحية

شهد افتتاح المهرجان تقديم أعضاء لجنة تحكيم الدورة، ويتعلق الأمر بكل من الممثلة الفرنسية ناتالي فيراك، والمخرج المسرحي من أفريقيا الوسطى فنسنت مامباشاكا، والمخرج والممثل الإيفواري فارجاس اساندي، والمخرجة والكاتبة المسرحية المغربية نعيمة زيطان، إضافة إلى مدير الفضاء الثقافي غامبيدي في بوركينا فاسو كلود كوينكان.

وقال المدير الفني للدورة الأولى من مهرجان المسرح الأفريقي خالد تامر، في تصريح له إن تنظيم هذا المهرجان “يعد حلما يتحقق، تمكنت من خلاله المملكة من لم شمل كبار منتجي المسرح الأفريقي”.

وأضاف أن القارة الأفريقية بحاجة إلى مهرجان بهذا الحجم لإعطاء دفعة للإنتاج المسرحي في القارة والتعريف به، على غرار باقي المكونات الفنية الأخرى.

من جانبه، أبرز المندوب العام لتظاهرة “الرباط عاصمة للثقافة الأفريقية” محمد بنيعقوب أن “تنظيم مهرجان المسرح الأفريقي يدخل في إطار جهود الوزارة للنهوض بالفنون الحية ببلادنا والقطاع المسرحي على الخصوص، من خلال توفير البنيات التحتية المسرحية وفتح التدريب المسرحي في وجه الطلبة المهتمين بهذا الفن”.

وأضاف بنيعقوب، وهو أيضا مدير الفنون بوزارة الشباب والثقافة والتواصل، أن للتظاهرة طابعا قاريا يسمح بالانفتاح على التجارب المسرحية لبلدان أفريقية عديدة، ومد جسور التواصل بين صناع المسرح من المغرب مع نظرائهم من البلدان الأفريقية الأخرى.

ويقدم المهرجان برنامجا غنيا بالعروض المسرحية المتنوعة، وكذلك باجتماعات موائد مستديرة توفر للجمهور المتتبع مساحة مميزة للمحاورة وتبادل الأفكار حول المسرح في أفريقيا.

وانطلق عرض الأعمال المسرحية المشاركة في المهرجان الثلاثاء بقاعة باحنيني، بعرض كل من مسرحية “الغضب بسرعة واحد في الساعة” من الكاميرون، لمخرجيها بيكي بيه وديفيد غاي كونو، على الساعة السادسة مساء، ومسرحية “نقطة الصفر” من بوروندي، لمخرجها فريدي ساريمبونا، على الساعة التاسعة مساء.

ويمثل المغرب في المهرجان العرض المسرحي “كان يا ما كان التنورة” بطولة سناء عاصف وإخراج محمد أمين بودريقة.

للتظاهرة طابع قاري يسمح بالانفتاح على التجارب المسرحية للبلدان الأفريقية ومد جسور التواصل بين صناع المسرح

  وتشارك في هذه الدورة الأولى فرق مسرحية من 10 دول أفريقية مختلفة، هي إلى جانب المغرب، جمهورية الكونغو الديمقراطية وغينيا وبوركينا فاسو وبوروندي ومالي والكاميرون وكينيا وجزر القمر والبنين، التي ستتبارى على جائزة أفضل عرض أفريقي.

 كما تشكل هذه التظاهرة، بحسب المنظمين، مناسبة لتكريم إبداع نساء ورجال عرفوا دوما كيف يجعلون من المسرح منصة تعبير وإبداع، على مفترق طرق ثراء ثقافي وتطلعات مستقبلية لقارة بأكملها.

وتقترح هذه الدورة برنامجا غنيا بالعروض المسرحية المتنوعة، وكذا باجتماعات وموائد مستديرة ستوفر للجمهور المتتبع مساحة مميزة للمحاورة وتبادل الأفكار حول “وضعية المسرح في أفريقيا”، و”كيفية إعادة التفكير في المهرجانات في أفريقيا” و”كيف يمكن خلق ديناميكية بين معاهد المسرح في القارة الأفريقية” ، وكلها قضايا ستغذي نقاشات فعالة حول راهنية المسرح في أفريقيا.

  وتتضمن فعاليات المهرجان أيضا زيارات لمؤسسات ذات صلة بالفن الرابع، بالإضافة إلى لقاءات تهدف إلى تحليل ومناقشة واقع مختلف التخصصات المهنية المرتبطة بالمسرح، من خلال رؤية شمولية تشاركية تعنى بثقافة القرب.

 يذكر أن برنامج الاحتفالات بالرباط عاصمة للثقافة الأفريقية ينظم تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى غاية مايو 2023، ويشمل مجالات الآدب والشعر والفنون التشكيلية والموسيقى والمسرح والسينما وفنون الشارع والرقص والفنون الرقمية وعروض الأزياء والتصوير الفوتوغرافي والفنون الشعبية وفن الحكي وفنون السيرك، إضافة إلى منتديات ولقاءات فكرية وغيرها.

تنوع المسرح الأفريقي

ثراء وتنوع المسرح الأفريقي
ثراء وتنوع المسرح الأفريقي

يسعى مهرجان المسرح الأفريقي إلى تسليط الضوء على ثراء وتنوع المسرح الأفريقي المعاصر باعبتاره مسرحا ينهل من الواقع والمقاومة والصمود، ويعكس أداة لتجسيد نضالات وأحلام الأفارقة، حيث يقدم رؤية غير مسبوقة للمسرح الأفريقي المعاصر يحملها مؤلفون ومخرجون ناشئون وآخرون مشهورون دوليا.

ويستمد المسرح الأفريقي جدته وطرافته من التراث وأضوائه الخاصة، لكنه أقل انتشارا من الفنون الأخرى على غرار السينما والفن التشكيلي رغم ثرائه وبصمته الخاصة.

ويتسم المسرح الأفريقي عبر تاريخه بخصائص متميزة وتوليفة فريدة من المفردات، حيث يمتزج فيه الطابع البدائي، والإرث الحضاري، والمخزون الإنساني المقترن بلحظات السعادة والمعاناة على السواء، وعادات القبائل وممارساتها الاجتماعية اليومية، وطقوسها الدينية والاحتفالية، ورقصاتها وموسيقاها وأغنياتها المنوعة، وغيرها من التفاصيل المعبرة عن الاستقلالية والرغبة في مخالفة المستعمر، وعن حياة كاملة بأبجدياتها المجانية وفلسفتها العميقة.

وتفتح العروض المشاركة في الدورة الأولى من مهرجان المسرح الأفريقي مسارات تخييلية تتجاوز الواقع المعيش إلى عوالم سحرية وعجائبية وحلمية، من خلال تصورات مختلفة للواقع الأفريقي يقدمها مسرحيون بأنماط متنوعة ووفق رؤى مختلفة وخارجة عن المألوف.

وتمكن المسرح الأفريقي رغم قلة الإمكانيات في السنوات الأخيرة من تطوير أساليبه، وعلاوة على إعادة بناء التشكيلات الحركية الاستعراضية التي تعيد إنتاج الرقصات القبلية القديمة بصيغ جديدة عصرية، فقد صار يستغل نصوصا من الأدب الأفريقي الثري إضافة إلى احتكاكه المباشر بالقضايا الاجتماعية والسياسية الراهنة.

13