الرباط تحتضن مؤتمرا رفيع المستوى لطرح معالجات مبتكرة تنهض بواقع البلدان متوسطة الدخل

وزير الخارجية المغربي: المؤتمر مؤهل ليكون رافعة هائلة للعمل الدولي.
الأربعاء 2024/02/07
المغرب يقود جهود دعم البلدان ذات الدخل المتوسط

احتضنت العاصمة المغربية الرباط مؤتمرا وزاريا رفيع المستوى حول التحديات التي تواجه ا الدخل والمقاربات التي يتعين اعتمادها، في سياق دفاع المملكة المستمر على ضرورة إيلاء هذه البلدان الأهمية التي تستحقها، لكونها تجسد مقياسا حقيقيا لمستوى التنمية المستدامة في العالم.

الرباط- شكل المؤتمر الوزاري رفيع المستوى حول البلدان متوسطة الدخل الذي تحتضنه العاصمة المغربية الرباط، فرصة لوضع مقاربات عملية ومبتكرة في مواجهة التحديات التي تعصف بتلك البلدان، لاسيما في علاقة بالتضخم، وعبء الديون التي تتزايد باستمرار، وتعقيدات الولوج إلى التمويل الدولي.

وأكد المشاركون في المؤتمر الذي عقد تحت شعار “حلول من أجل رفع تحديات التنمية بالبلدان متوسطة الدخل في عالم متغير”، على ضرورة أن يكون المؤتمر رافعة للعمل الدولي، لفائدة كافة أعضائه، منتقدين التفاوت الحاصل، ومطالبين بتطوير آليات التمويل لتحسين قدرة البلدان متوسطة الدخل على مجابهة تحديات التنمية المستدامة.

ويندرج المؤتمر الذي نظمته وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، بالشراكة مع اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في إطار رئاسة المغرب لمجموعة أصدقاء البلدان متوسطة الدخل ضمن المنتظم الأممي.

ويتولى المغرب قيادة التجمع منذ العام الماضي، في سياق نهجه القائم على تعزيز التضامن الدولي، والدفاع عن الدول النامية.

وشارك في المؤتمر 32 بلدا، بينهم عدد من الممثلين على المستوى الوزاري، و23 وكالة للتنمية تابعة للأمم المتحدة ومؤسسات دولية وإقليمية.

وأكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، في افتتاح المؤتمر أن البلدان متوسطة الدخل تعد بمثابة مقياس حقيقي لمستوى التنمية المستدامة في العالم.

وسلط بوريطة الضوء على مكانة هذه البلدان وثقلها في الاقتصاد العالمي، ومؤهلاتها، وديناميتها الديموغرافية، فضلا عن تنوعها وتمثيلها الجغرافي والثقافي، مشيرا إلى أنها تشكل أيضا رافعة للسلام والاستقرار الإقليميين والدوليين.

ولفت الوزير المغربي إلى أن الصحة الجيدة لاقتصادات البلدان متوسطة الدخل عامل مفيد للنظام الاقتصادي العالمي وحتى للنظام العالمي ككل، مسجلا أن هذه البلدان تواجه تحديات متشابهة في علاقة بالتضخم والديون.

◙ المغرب يتولى قيادة التجمع منذ العام الماضي، في سياق نهجه القائم على تعزيز التضامن الدولي، والدفاع عن الدول النامية

وأشار إلى ارتفاع حدة الفوارق في التعاون من أجل التنمية، في وقت تحتاج فيه البلدان متوسطة الدخل، وأكثر من أي وقت مضى، إلى اهتمام خاص، لافتا إلى أن إرساء تعاون دؤوب يبقى ضروريا لتعزيز الاستثمار في التنمية المستدامة والحفاظ على دينامية التنمية التي تمكنت هذه البلدان من إرسائها.

وقال إن هذا المؤتمر مؤهل ليكون رافعة هائلة للعمل الدولي، والعمل الاقتصادي في المقام الأول، لفائدة كافة أعضائه، بشكل فردي أو جماعي، داعيا إلى الوعي بأهمية هذه الشريحة من البلدان وإلى تقدير حجم التحديات التي تواجهها.

وحسب بوريطة، فإنه يتعين على البلدان متوسطة الدخل أن تمتلك الطموح للخروج من فخ الدخل المتوسط. وأكد في هذا السياق أن الاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي والرخاء الاجتماعي ليسوا حكرا على أحد، بل إنهم يشكلون رأسمالا كونيا لمجتمع الأمم إذا أراد أن يكون مجتمعا دوليا لا يترك أحدا على الهامش.

وأضاف أن البلدان متوسطة الدخل مطالبة أيضا بأن تستبطن فكرة أن هذا التجمع ليس “مجموعة فرعية”، مؤكدا أن الأمر يتعلق فعلا بتجمع متكامل، قوي من حيث العدد (108 بلدان تضم 75 في المئة من سكان العالم)، بحوالي 30 في المئة من الناتج الإجمالي العالمي، يتميز بتنوع كبير، جغرافي واقتصادي واجتماعي وثقافي، وكذا بمستويات متجانسة ومتناغمة من التنمية، تجعل ما يوحد أكبر بكثير مما قد يميز بعض هذه البلدان عن بعض.

أمينة محمد: البلدان متوسطة الدخل أمام معضلة مواجهة الأزمات المتواترة
أمينة محمد: البلدان متوسطة الدخل أمام معضلة مواجهة الأزمات المتواترة

من جهتها، اعتبرت أمينة محمد نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، في كلمة لها بالمؤتمر، أن استمرار الأزمات والتوترات لدى البلدان متوسطة الدخل “يعرقل مسار التنمية” فيها.

وأشارت محمد إلى أن البلدان المتوسطة الدخل تحتضن عددا كبيرا من السكان، وتجد نفسها أمام معضلة مواجهة الأزمات المتواترة، ما يعرقل مسارها التنموي. ونبهت إلى عدد من الأزمات التي أثقلت البلدان المتوسطة الدخل، مثل التغيرات المناخية والتوترات والكوارث الطبيعية، ما يوجد معاناة لدى الشعوب.

وأبرزت ضرورة مواكبة هذه البلدان، خاصة على مستوى الاستثمارات وقطاع الصحة والتعليم، ودعم ديناميتها الاقتصادية لمواجهة التحديات. وأضافت “لا يمكن لأي بلد أن يشتغل بمفرده، حيث يتطلب الأمر تضافر الجهود، خاصة التمويل للاستجابة لحاجيات هذه البلدان في مجال التنمية”.

وأشارت إلى أن “نسب الفائدة المرتفعة لا تخدم مصالح هذه البلدان، بل تعرقل حصولها على تمويلات في هذا الصدد”. ودعت إلى تغيير آليات منح التمويل، لأن منظومة التمويل الدولي كما هي معمول بها حاليا، لا تمكن هذه البلدان من الحصول على التمويل.

وشددت المسؤولة الأممية على ضرورة اعتماد إجراءات للرفع من الدخل لدى هذه البلدان لمواجهة تداعيات الأزمات. واعتبرت أن هذه الدول لها وزن في العالم، ورافعة للاقتصاد العالمي، ولكن بعض مظاهر الهشاشة لا تزال حاضرة وتؤثر على هذه الدول، خاصة أن عددا منها يعيش في الفقر وتدني التأمين الصحي.

ويهدف المؤتمر إلى الجمع بين البلدان متوسطة الدخل ومنظومة الأمم المتحدة والمؤسسات المالية الدولية والإقليمية وشركاء التنمية الرئيسيين، لتسليط الضوء على إمكانات البلدان متوسطة الدخل ومناقشة التحديات، بما في ذلك فجوات التمويل، التي تواجهها هذه البلدان في تنفيذ “خطة 2030”.

كما شكل المؤتمر فرصة لتبادل الخبرات بين البلدان متوسطة الدخل واللجان الاقتصادية الإقليمية (لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا، والإسكوا، واللجنة الاقتصادية لأميركا اللاتينية ومنطقة بحر الكاريبي) وكيانات الأمم المتحدة الأخرى والمنظمات الدولية.

4