الراعي يدعو لعدم تحويل جنوب لبنان إلى ورقة مستباحة

بيروت - دعا البطريرك الماروني اللبناني، مار بشارة بطرس الراعي، اليوم السبت إلى عدم تحويل الجنوب ورقة في قواميس حروب الآخرين، حيث يتبادل حزب الله والجيش الإسرائيلي القصف عبر الحدود منذ بدء الحرب في قطاع غزة، كما انتقد تأخر انتخاب رئيس للبلاد، موجها اللوم إلى مجلس النواب.
وقال الراعي في رسالة عيد الفصح جاءت بعنوان "أتطلبن يسوع الناصري الذي صلب؟ لقد قام" "يجب عدم تحويل الجنوب من أرض وشعب إلى ورقة يستبيحها البعض على مذبح قضايا الآخرين وفي قواميس حروب الآخرين" مضيفا "جنوب لبنان بل كل أرض لبنان هي لكل اللبنانيين الذين يقررون سويا ومعا مستقبل وطنهم وسلامه وأمنه ومتى يحارب، ولأجل من يحارب".
وتابع "ندعو اللبنانيين الى كلمة سواء تعلن وقف الحرب فورا ومن دون إبطاء، والالتزام بالقرارات الدولية ذات الصلة، لا سيما القرار 1701، وتحييد الجنوب عن آلة القتل الاسرائيلية وإعلاء مفاهيم السلام والقيامة على سواها من المفاهيم المغلوطة.
واعتبر الراعي أنّ "لبنان بدأ يفقد جوهر هويته وفقد حياده الإيجابي الناشط ودخل رغما عنه في صراعات وحروب إقليمية ودولية لم تكن لصالحه ولصالح أبنائه، وهذا الحياد ليس مستحيلا بل هو ركيزة قيام لبنان الجامع".
وتابع الراعي قائلا "نريد لبلدنا الحياد الإيجابي الناشط أو التحييد الفاعل وهو من جوهر هويته وليس اختراعا بل تجربة عشناها".
ولفت الراعي إلى أنّ "أرض لبنان هي للبنانيين وأرض سوريا للسوريين ويكلمنا المجتمع الأوروبي وسواه عن الدمج فيما هو يقفل حدوده بوجههم فأي عنصر إيجابي للدمج؟".
وأضاف "نقول لإخواننا السوريين لا تستهويكم أرض لبنان بجمالها وإمكانيات العمل فيها فتضحّوا بوطنكم سوريا وبتاريخها وحضارتها وتقاليدها فلا تتركوها للعابثين بها".
وتفجر قصف متبادل شبه يومي عبر الحدود بين الجيش الإسرائيلي وجماعة حزب الله في أعقاب اندلاع الحرب بقطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي.
ومنذ بداية تبادل القصف وقتل في لبنان 347 شخصاً على الأقلّ معظمهم مقاتلون في حزب الله، إضافة إلى 68 مدنياً، بحسب حصيلة أعدّتها وكالة الصحافة الفرنسية استناداً الى بيانات الحزب ومصادر رسمية لبنانية. في المقابل، قتل في الجانب الإسرائيلي 10 عسكريين وثمانية مدنيين بنيران مصدرها لبنان.
ومن ناحية أخرى انتقد البطريك الماروني تأخر انتخاب رئيس للبنان ملقيا باللوم على البرلمان قائلا إن "المجلس النيابي بشخص رئيسه وأعضائه، يحرم عمدًا ومن دون مبرّر قانوني دولة لبنان من رئيس، مخالفًا الدستور في مقدّمته الّتي تعلن أنّ لبنان جمهوريّة ديمقراطيّة برلمانيّة، وفي طريقة انتخابه في المادّة 49، وفي فقدان المجلس صلاحيّته الاشتراعيّة، ليكون فقط هيئةً ناخبةً بحسب المادّة 75".
وشدّد الرّاعي على أنّه "لا يوجد بكلّ أسف، أيّ سلطة تعيد المجلس إلى الانتظام وفقًا للدستور. وبالنّتيجة، مؤسّسات الدّولة مفكّكة، والشّعب يعاني ويفقد الثّقة بجميع حكامه"، متسائلًا "أين الميثاق؟ وأين العنصر المسيحي الأساسي في تكوين الميثاق الوطني؟".
وأخفق مجلس النواب اللبناني في انتخاب رئيس للبلاد منذ انقضاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في أكتوبر من عام 2022 وشغور المنصب منذ ذلك الحين.
وبحسب الدستور اللبناني، يحتاج انتخاب رئيس للجمهورية حضور ثلثي أعضاء البرلمان، أي 86 نائبا من أصل 128. ويستطيع 43 نائبا أن يعطّلوا نصاب جلسة الانتخاب عبر خروج من الجلسة.
وفي رسالته ركّز البطريك الماروني على أنّ "القطاع التربوي ما زال يعاند الأزمة الاقتصاديّة الّتي هزّت كيانه وأفلست مؤسّساته، وتضع إدارات المدارس أمام تحدّيين، هما تحسين ظروف العيش للأستاذة، وعدم قدرة جزء كبير من الأهل على دفع ما يتوجّب عليهم"، مبيّنًا "أنّنا نشهد كل يوم هجرةً مقلقةً للأساتذة من ذوي الكفاءة والخبرة إلى الخارج وإلى مهن أخرى، وهذا أمر خطير ينعكس سلباً على جودة التعليم في مدارسنا. لذلك على الدولة الإسراع بإقرار تشريعات جديدة تؤمّن الاستقرار للمعلّم، وتضمن له حقّه في تقاعد كريم".
وتساءل "ما الفائدة والغاية من استمرار إقفال بعض الدوائر العقارية؟ ولماذا تمعن الدولة في قهر الموظفين لديها، ولا تتعامل بوضوح وجرأة وتجرّد مع قضاياهم؟"، معتبرًا أنّ "الدّولة لا تتعامل مع هذا الملف بموضوعيّة، فنطالب المعنيين بإنصاف الموظفين والنظر إليهم بعين الرحمة".
وأشار الرّاعي إلى "أنّنا نرى منذ 3 سنوات توقفاً شبه تام لخدمات الضمان الاجتماعي في الطبابة والاستشفاء، في ظل انهيار العملة، كما نرى تأخراً في دفع مستحقات مضمونين في مناطق معينة دون أخرى، وهذا الأمر غير مقبول ويصل الى 3 و4 سنوات إلى الوراء".